يوافق اليوم الذكرى الثامنة والثلاثين لتوقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، حيث كانت المعاهدة بداية لمرحلة جديدة لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، فقدت فيها مصر الكثير من ملامحها، وتغيرت استراتيجيتها حتى بدت أكثر تبعية. لقد كانت معاهدة السلام مقدمة التطبيع العربي الإسرائيلي، حيث تبعها اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، وبعد ذلك جرى توقيع معاهدة سلام بين الأردن والكيان الصهيوني أيضا، ولا تزال المحاولات الإسرائيلية لتوسعة إطار التطبيع قائمة برعاية أمريكية، وقد بلغت ذروتها خلال الفترة الراهنة، لا سيما منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. الواقع الذي تعيشه القضية الفلسطينية اليوم والكوارث والأحداث المتلاحقة التي تشهدها سيناء ما هي إلا نتاج هذا الاتفاق الذي أرغم الدولة المصرية على الانسلاخ من محور المقاومة ورعاية الكفاح المسلح، لذا لن يكون هناك أي استقرار في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والعالم العربي على وجه التحديد بدون إعادة النظر في التعاطي العربي مع الكيان الصهيوني. كان لتوقيع اتفاق السلام الأثر السلبي على جميع الدول العربية والإفريقية، في تحويل دفة الصراع مع العدو الإسرائيلي من الخيارات العسكرية إلى تبني سياسات دبلوماسية كالتطبيع والسلام الوهمي. إقرأ المزيد مثلت معاهدة السلام التي وقعتها الإدارة المصرية مع الكيان الصهيوني عام 1979 بالتضاد مع اتجاه ورأي الأغلبية الساحقة من القوى الوطنية الحية في المجتمع المصري في ذلك الوقت من أحزاب وحركات سياسية وروابط مهنية ومجموعات ثقافية وطلاب جامعيين، وسط رفض عربي واسع بلغ في أحد مراحله مقاطعة عربية لمصر ونقل لمقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، مثلت انعطافة استراتيجية كبرى لمصر على جميع المستويات، وبمرور الأعوام توالت الكثير من التداعيات الكبرى لها، والتي، بطبيعة الحال، لم ترتبط فقط بمصر وإنما بكامل المحيط العربي، نظرا لحجم مصر ودورها الريادي الكبير في منطقة الشرق الأوسط وبين الأوطان العربية، تداعيات تناقضت بحدة مع ما حفل به السياق الإعلامي داخل مصر خلال المفاوضات من تصوير لمشروع المعاهدة على أنه جالب للرخاء الاقتصادي والتطور السياسي للمصريين، بالإضافة للترويج الواسع لكون التفاوض السياسي كوسيلة، ومن ثم توقيع المعاهدة، سيسهمان في دفع وكبح العدوان الصهيوني على الدول العربية. إقرأ المزيد ما زال توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل محل جدل كبير في الشارع المصري والوطن العربي، خاصة وأنها لم تقدم أي حل للقضية الفلسطينية، وأكد مراقبون ودبلوماسيون أنها أنشأت سلامًا منقوصًا، ولم تكن متكافئة ولا عادلة، بل وأعطت الشرعية للكيان الصهيوني. إقرأ المزيد "إن تبادل الثقافة والمعرفة لا يقل أهمية عن أي ترتيبات عسكرية وسياسية"، جملة قالها رئيس إسرائيل إسحاق نافون، في جامعة بن جوريون وفي حضور الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ولم يكن يدري وقتها أنها ستجد صدى لها من مثقفي مصر الذي سارعوا إلى الاعتراف بمعاهدة كامب ديفيد التي تحل اليوم ذكراها ال38. إقرأ المزيد