جولة ثالثة من المفاوضات السورية مقرر انطلاقها غدًا الثلاثاء، في العاصمة الكازاخستانية الأستانة، لكنها مثل سابقاتها؛ تشوبها بعض التوترات والمراوغات، بعد مساومات المعارضة السورية وربط مشاركتها ببعض الشروط، كما تأتي في وقت تشتعل فيه الأوضاع الميدانية، سواء في دمشق بسبب التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا منطقة باب الصغير في مدينة دمشق، وتبناهما "هيئة تحرير الشام"، وتسببا في مقتل حوالي 46 شخصًا وإصابة العشرات، أو في منبج التي تتصارع عليها القوى الكبرى في سوريا. وأعلن وزير الخارجية الكازاخستاني، خيرات عبد الرحمانوف، اليوم الاثنين، أن الوفود المشاركين في الجولة الجديدة من المباحثات السورية في أستانة، وصلوا إلى العاصمة الكازاخستانية للمشاركة في المباحثات، وقال في كلمة أمام برلمان بلاده: اليوم سيصل الوفود للمشاركة في جولة جديدة من عملية أستانة، التي تهدف لتسوية الوضع في سوريا، وأضاف أن روسياوتركيا وإيران، أكدوا مشاركتهم في الجولة الجديدة من المباحثات، مؤكدا إرسال دعوات للمشاركة إلى كل من الولاياتالمتحدة والأردن ومصر ومنظمة الأممالمتحدة. وفي السياق، أكد وفد الحكومة السورية مشاركته في مفاوضات الأستانة، يترأسه مندوب سوريا الدائم لدى الأممالمتحدة، بشار الجعفري، ويضم في عضويته، مستشار وزير الخارجية والمغتربين، أحمد عرنوس، وسفير سوريا في موسكو، رياض حداد، وعضو مجلس الشعب المحامي، أحمد الكزبري، والدبلوماسيين حيدر علي أحمد وأسامة علي من مكتب وزير الخارجية، وأمجد عيسى، إضافة إلى ضابط أمن وضابطين يمثلان المؤسسة العسكرية السورية. ومن المقرر أن تبحث المفاوضات إلى جانب ملفات وقف إطلاق النار والمساعدات وغيرها من الملفات التقنية التي بقيت خارج أجندة جنيف، إمكانية إنشاء مجموعة عمل لتبادل الأسرى ومناقشة تنظيم لجنة دستورية، وفق ما أعلن قائد إدارة العمليات العامة في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الفريق سيرغي رودسكوي، في وقت سابق، حيث قال: خلال المفاوضات من المقرر الانتهاء من وضع خارطة موحدة حول تواجد المنظمات الإرهابية في سوريا، وعلى رأسها جبهة النصرة وداعش، وإنشاء مجموعة عمل لتبادل الأشخاص المحتجزة قسرًا، وإنشاء لجنة دستورية. ولم تسلم الجولة الثالثة لمحادثات الأستانة من مراوغات المعارضة المسلحة، التي ربطت مشاركتها في الاجتماع بتحقيق عدد من الشروط، حيث ذكر بيان لوفد الفصائل تحت عنوان "محددات مقدمة لأي جولة تفاوضية قادمة"، عدد من الشروط، أبرزها الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار في المناطق الخاضعة للتشكيلات الثورية، وإيقاف التهجير القسري والتغيير الديموجرافي في حي الوعر، وتأجيل موعد لقاء أستانة حول سوريا إلى بعد نهاية الهدنة المعلنة في الغوطة الشرقية في العشرين من الشهر الجاري، وترتبط استمرارية الاجتماعات بتقييم نتائج الهدنة. وبعدما أخفق في فرض رؤيته وشروطه للمشاركة في المفاوضات أو تأجيلها، خرج المتحدث باسم وفد المعارضة إلى أستانة، أسامة أبو زيد، ليؤكد نية وفده عدم الحضور إلى المفاوضات، في تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلا: "جرائم النظام وإيران وعمليات القصف الجوي لطائرات روسيا ورعايتها لعمليات تهجير عرقي، آخرها في الوعر، أعدمت كليًا فرص مشاركتنا في أستانة". ورغم أن تركيا حذرت مرارًا من الاقتراب الأمريكي أو الروسي من مدينة منبج السورية، واعتبرت في العديد من تصريحات مسؤوليها أن المدينة "خط أحمر"، إلا أن المؤشرات على الأرض تشير إلى أن الأمور لن تسير كما تخطط لها أنقرة؛ حيث تعزز واشنطنوموسكو من وجود قواتهما في محيط المدينة، فأفادت تقارير ميدانية أن قوات أمريكية جديدة وصلت إلى محيط المدينة، بالتوازي مع تداول صور لعسكريين روس وسوريين موجودين داخل أحياء منبج. وفي الوقت نفسه، حاول الأكراد استباق الخطوات الأمريكية والروسية وحتى التركية، حيث أعلنت القوى الكردية في منبج شمال سوريا عن تشكيل مجلسين، تنفيذي وتشريعي في المدينة، فقد أعلن الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنبج وريفها، إبراهيم القفطان، في البيان الختامي لاجتماع المجلس التشريعي للمدينة وريفها، عن مد يد العون لكل الشركاء في بناء الوطن من جميع المكونات والأطياف، التي تم تشكيل المجلس بالتوافق فيما بينها، وأكد على نية المجلس معالجة ما خلفته الحرب مع "داعش" وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتحويل المدينة إلى نموذج عن مستقبل سوريا. وأشار القفطان إلى أنه من الناحية السياسية، فإن أهم أولويات المجلس التنفيذي ستكون التعاون مع المجلس التشريعي، للوصول إلى العقد الاجتماعي يراعى فيه كل أطياف الشعب السوري، وتحقيق الاستقرار الأمني للمدينة وأهلها، وأضاف أن هدف المجلس هو الوطنية والمواطنة على مبدأ "الأمة الديمقراطية". وتساءل القفطان في البيان الختامي: لماذا لم تقصف الجارة تركيا تنظيم داعش على مدى ثلاث السنوات من احتلالها لمنبج وباقي المناطق المحاذية لها؟ ولماذا كانت حدودها والآن أصبحت مهددة؟ وهل قوات سوريا الديمقراطية ومجلس منبج العسكري من جلب السلفية والإرهاب وداعش والنصرة أم هي المحررة من الإرهاب؟