قضت محكمة الصلح الفلسطينية في رام الله، أمس الأحد، بانتهاء محاكمة الشهيد الفلسطيني باسل الأعرج، الذي استشهد فجر الاثنين الماضي، برصاص جيش العدو الصهيوني داخل منزله في وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية، وأعلنت المحكمة "انتهاء القضية بموت المتهم"، لكنها استكملت مقاضاة رفاقه المتهمين الخمسة في القضية نفسها بحيازة أسلحة بدون ترخيص، وهم محمد حرب، وهيثم سياج، ومحمد السلامين، وعلي دار الشيخ، وسيف الإدريسي، لكنها أرجأت نظر محاكمة باقي رفاقه إلى 30 إبريل المقبل. قبيل جلسة المحاكمة، تظاهر عشرات الفلسطينيين أمام مقر المحكمة، تنديدًا بمحاكمة الشهيد "الأعرج" ورفاقه المعتقلين لدى السلطات الصهيونية، ورفع المتظاهرون لافتات خطوا عليها شعارات منددة بالإجراءات التي تتخذها السلطات الفلسطينية بحق المناضلين ضد الاحتلال الإسرائيلي، ورددوا هتافات ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والسلطة القضائية، وأغلق المتظاهرون الشارع الرئيسي أمام المحكمة الكائنة في حي البالوع في مدينة رام لله. الغضب الذي انفجر في الشارع الفلسطيني، عقب استكمال المحكمة الفلسطينية مُحاكمة الشهيد ورفاقه، أدى إلى وقوع ملاسنات بين المتظاهرين وعناصر الأمن الفلسطيني الذين تمكنوا من تفريق التظاهرات من خلال الاعتداء على الخيمة التضامنية التي أقامها المتظاهرون من عائلة الأعرج، حيث اعتدى الأمن الفلسطيني على محمود الأعرج، والد الشهيد، ولم يكد الأب المكلوم ينهي كلماته أمام مقر محكمة الصلح في مدينة رام الله، وسط الضفة المحتلة، حتى انهالت القوى الأمنية الفلسطينية عليه وعلى المعتصمين بالضرب وبالسحل أمام أعين الكاميرات، دون مراعاة لمشاعر هذا الأب الذي فقد ولده على يد قوات الاحتلال الصهيوني، ولا يزال غير قادر على مواراة جثمانه بسبب مصادرتها من قبل جيش الاحتلال، وأصيب والد الشهيد برضوض في رقبته وظهره. لم تكتف قوات السلطة الفلسطينية بالاعتداء فقط على المعتصمين وعائلة الشهيد، بل اعتقلت الأسير المحرر والقيادي في "حركة الجهاد الإسلامي" خضر عدنان، لمدة قصيرة قبل أت تطلق سراحه مجددًا، فيما هاجمت، مساء أمس الأحد، مسيرة تضامنية أخرى مع عائلة الشهيد في مخيم الدهيشة في بيت لحم، وأطلقت الرصاص الحي في الهواء وقنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين. في الوقت نفسه، قالت شيرين، شقيقة الشهيد الأعرج، إن الاعتداء ما هو إلا استكمال السلطة لوظيفتها التي أقيمت من أجلها، وهي راحة الاحتلال من المواجهة مع الشعب، وذلك عن طريق قمعه بكل الطرق، وأضافت: باسل تحول إلى أسطورة ومثال يحتذى به، وأصبح منهجه وفكره يشكلان خطرًا كبيرًا على الاحتلال، ويجب كسر هذه الأسطورة وتخويف من يفكر في انتهاج نهجه، وبالتالي فالعنف المستخدم اليوم هو استكمال للاعتقال والتعذيب الذي قامت به السلطة تيسيرا لعملية تصفية باسل. ورأت شيرين الأعرج، أن المحاكمة شكل من أشكال القمع، وتساءلت: لماذا يحاكمون باسل؟ على فعل نضالي ضد الاحتلال؟، كيف لسلطة وطنية أن تحاكم أحد أبنائها على ذلك؟، أليس من المفترض أن يكون هذا دورها في الأصل إذا كانت وطنية فعلاً؟، وأضافت شقيقة الشهيد: ليست السلطة أكثر من إدارة مدنية للاحتلال العسكري فتحاكم كل من يحارب الاحتلال، واستكمال المحاكمة هو إمعان في القمع ليس أكثر، يعني للقمع أشكال عدة، منها الضرب والاعتقال ومحاكمة الثوار والسكوت عن كل أشكال التهويد، لا بل وإسكات كل من يعلن رفضه لهذا الواقع. من جانبه، قال الناطق باسم حركة حماس، فوزي برهوم، إن محاكمة السلطة الفلسطينية للشهيد البطل باسل الأعرج ورفاقه الخمسة الأسرى في سجون الاحتلال وصمة عار في جبين السلطة، ودعا الناطق باسم حماس الشعب الفلسطيني وفصائله إلى العمل المشترك لوضع حد لتصرفات السلطة ومؤسساتها وأجهزتها، التي وصفها ب"سيئة الصيت والسمعة"، مؤكدًا على ضرورة العمل على حماية الفلسطينيين وتضحياتهم من هذا التصرفات العبثية التي لا تخدم سوى العدو الإسرائيلي ومخططاته. ممارسات السلطة الفلسطينية في مواجهة الوقفات التضامنية مع الشهيد الأعرج، لم تكن الإثبات الأول على التواطؤ الأمني والقضائي بين السلطة والكيان الصهيوني ضد الشهيد "الأعرج"، فقد سبق أن حمّلت بعض الفصائل الفلسطينية والسياسيين هناك السلطة الفلسطينية والقوات الأمنية مسؤولية مقتل الشهيد "الأعرج"، حيث أرجع البعض معرفة الجيش الإسرائيلي بوجود الأعرج في منزله إلى التنسيق الأمني المستمر بين أجهزة السلطة الأمنية الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، خاصة أن صحيفة "معاريف" العبرية قالت إن "السلطة ساعدت في البحث عن الأعرج منذ اختفائه قبل أشهر"، كما أكدت معلومات سابقة أن السلطة الفلسطينية خلال تحقيقها مع "الأعرج" ورفاقه العام الماضي، كانت ترسل التحقيقات مباشرة إلى الإسرائيليين.