اختتم الرئيس اللبناني، ميشال عون، اليوم زيارته لمصر، مغادرًا إلى الأردن؛ في إطار جولة عربية بدأها الشهر الماضي في السعودية وقطر، ودعا الرئيس اللبناني الحكومة المصرية إلى إطلاق مبادرة عربية لمحاربة الإرهاب. زيارة عون للقاهرة كان الرئيس عون قد وصل إلى القاهرة، أمس الاثنين، على رأس وفد رسمي، ضم كلًّا من وزراء: الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والداخلية نهاد المشنوق، والمالية علي حسن خليل، والاقتصاد والتجارة رائد خوري، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، في زيارة استغرقت يومين، هي الأولى له لمصر منذ توليه منصبه نهاية أكتوبر الماضي. زيارة عون تفتح عددًا كبيرًا من الملفات المشتركة بين الجانبين، في مقدمتها مكافحة الإرهاب الذي تتعرض له عدة دول في الشرق الاوسط. وحول أهداف الزيارة اللبنانية لمصر، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "تطرقت مباحثاتنا للعديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، والأزمة السورية، وأزمة اللاجئين التي تعاني منها لبنان، كما اتفقنا على ضرورة وقوف الدولتين معًا ضد مخاطر الإرهاب". وأشار السيسي إلى أنه بحث مع نظيره اللبناني سبل دعم العلاقات بين الدولتين، ولا سيما في المجال الاقتصادي، وكذلك التواصل مع الدول الإفريقية. الرئيس اللبناني دعا مصر إلى الاضطلاع بدور أكبر في هذا الإطار، من خلال ما وصفه بمبادرة إنقاذ عربية، حيث قال "أعيد التأكيد أن الآمال معقودة على الدور الذي يمكن لمصر القيام به، فمصر الاعتدال والانفتاح، مصر السند والعضد، يمكنها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية تقوم على وضع استراتيجية مشتركة لمحاربة الإرهاب الذي يضرب في أرضنا". وحرص الرئيس اللبناني خلال زيارته للقاهرة على زيارة كلِ من شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني، كما التقى عون الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وقال إن العالم يعيش ظروفًا تشبه بمخاطرها ومآسيها الحرب العالمية الثانية وتداعياتها المدمّرة، التي لم يسلم منها شعب، مشيرًا إلى أن الفكر الصهيوني نجح في تحويل الحرب الصهيونية-العربية إلى عربية-عربية. كما دعا الرئيس اللبناني نظيره المصري لزيارة لبنان، مؤكدًا أنه بحث معه تفعيل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين. توقيت زيارة عون للقاهرة تكتسب زيارة عون أهمية كبيرة خاصة من حيث التوقيت، فالزيارة استبقت موعد انعقاد القمة العربية الشهر المقبل، كما أن عون أطّر هذه الزيارة بتصريحات تبرز تمسكه بدعم حزب الله، فلقاؤه مع السيسي جاء بعد ساعات من مقابلة له مع قناة مصرية، أطلق خلالها مواقف دافع من خلالها عن حزب الله وسلاحه وتموضع الحزب في سوريا، كما اعتبر أن الدول المشاركة في مؤتمر آستانة اعترفت ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم. ويبدو أن زيارة عون للقاهرة، والتي أتت بدعوة من السيسي؛ بهدف تدعيم العلاقات الثنائية وإعادة تفعيل اللجنة العليا المشتركة، تأتي موافقة للمزاج المصري، فما بين لبنان ومصر قاسم مشترك من الهموم الأمنية المتعلقة بالإرهاب، فداعش له فرع إرهابي في مصر، يتمثل في بيت المقدس بسيناء، كما أن له فرعًا في لبنان بجرود عرسال، ومن هنا تأتي أهمية التنسيق اللبناني المصري، فحسب اعتراف لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان المصري أمس، فإن أمن سوريا من أمن مصر وحمايتها واجب قومي، وبالتالي مواقف عون الداعمة لحزب الله تخدم الأجندة المصرية في سوريا، ومن الملاحظ وجود رغبة شعبية ممثلة بالبرلمان، وسياسية، لضرورة الحفاظ على الدولة السورية وعصمها من التفكك، ومن هنا فإن مواقف عون المدافعة عن حزب الله تسير في هذا الاتجاه، فحزب الله يدعم المؤسسة العسكرية الكبرى في سوريا، والمتمثلة في الجيش العربي السوري، الذي تسعى الإدارة المصرية للحفاظ عليه، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسي في مقابلة مع التليفزيون البرتغالي في نوفمبر الماضي، قال فيها إن "الأولوية لنا أن ندعم الجيش الوطني، على سبيل المثال في ليبيا؛ لفرض السيطرة على الأراضي الليبية والتعامل مع العناصر المتطرفة وإحداث الاستقرار المطلوب، ونفس الكلام في سوريا، ندعم الجيش السوري وأيضًا العراق". ووفقًا لصحف لبنانية، فإن عون يسعى إلى تفعيل الجامعة العربية؛ حيث أكدت أنه سوف يبحث مع الرئيس السيسي مصالحة سعودية سورية؛ كي تقوم مصر بدور الوساطة بين السعودية وسوريا؛ من أجل عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وعقد القمة العربية القادمة بمشاركة سوريا، وقالت إن رئيس لبنان سيضع كل ثقله مع الرئيس المصري ومع ملك الأردن؛ لمصالحة سوريا مع السعودية وعودتها إلى الجامعة العربية. الجدير بالذكر أن عون كان قد استبق زيارته للقاهرة بقوله إنه مستعد للعب دور الوساطة بين إيران ودول الخليج. وليس من المعروف ما إذا كانت مصر قادرة على لعب دور الوساطة بين السعودية وسوريا لإعادة دمشق لكنف الجامعة العربية، خاصة في ظل تنافر الرياض مع القاهرة بعد تبني الأخيرة حلولًا سياسية لحل الأزمة السورية لا تؤدي إلى تفكيك البلد، بالإضافة لتقارب القاهرة الملحوظ مع موسكو، وهو الأمر الذي انعكس في أروقة مجلس الأمن. يذكر أن روسيا كانت قد دعت عبر وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، إلى تجديد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، مؤكدًا إن عودة دمشق إلى الجامعة العربية ستلعب دورًا أكثر فعالية في المنطقة، بالإضافة إلى أن ذلك سيساعد في تسوية الأزمة السورية.