الرئيس اللبناني ميشال عون، كسر بروتوكول معظم الرؤساء الذين حكموا لبنان بعد الاستقلال في أربعينيات القرن الماضي، حين كان الرئيس اللبناني يبدأ أولى جولاته الخارجية لفرنسا وسوريا، ولكن عون بدأ زيارته الأولي لللسعودية ، ثم سيزور بعدها قطر، فلماذا يزور عون حليف حزب الله وإيران السعودية أولا؟ ،ولماذا سارعت السعودية بتهنئة عون ودعوته لزيارة الرياض بمجرد إنتخابه رئيسا للبنان يوم 31أكتوبر الماضي،وهل سيتم السماح بعودة الإستثمار السعودي والسياحة إلي لبنان،أم أن الغرض من الزيارة هو قطع الطريق علي حزب الله وإحتواء الرئيس اللبناني العنيد؟ في الرياض وضع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز أسس معالجة المواضيع التي أثارها، وعلى الوزراء المتابعة مع نظرائهم بإيجابية مطلقة، كما وجّه عون دعوة للملك السعودي لزيارة لبنان،كما أن عون يعتبر أن صفحة جديدة من العلاقات فتحت ،وما سمعه من الملك يؤكّد ذلك. ووصفت مصادر وزارية مصاحبة لعون خلال الزيارة أن اللقاء بين عون وسلمان كان ممتازا، حيث ساده جو من الصراحة والودّ، وتطرّق إلى الوضع في لبنان والمنطقة،كما تجاوب الملك السعودي مع طلب عون تفعيل الهبة العسكرية السعوديّة للبنان، واعدا بأنه سيعطي تعليماته إلى وليّ وليّ العهد وزير الدفاع محمّد بن سلمان بعد عودته من الخارج للاهتمام بهذا الملف، كما وعد بتعيين سفير جديد للملكة في بيروت. وشدد الملك في هذا اللقاء على ان السعودية لا تتدخل في الشئون الداخلية للبنان كما أنه على الدول الأخرى أن تفعل نفس الشيء . من جانبه أوضح عون لسلمان موقف عهده من القضايا العربيّة، وأنه يعمل وسيعمل لتقريب وجهات النظر بين الأشقّاء العرب وأنّ لبنان على مسافة واحدة من الجميع . وكان عون قد إلتقي وزير الخارجية السعودي عبدالله الجبير قبيل لقاء الملك سلمان، وعبّر كل منهما عن وجهة نظره خاصة بالنسبة للأوضاع في سوريا، حيث ركز الوزير السعودي تدخل حزب الله في سوريا، وكانت وجهة نظر عون أنّ دولاً عدّة وأممًا تدخّلت في الأزمة السوريّة، وأن الحل الأمثل للوضع المأزوم في سوريا هو الحل السياسي، وعودة النازحين السوريين خصوصًا الموجودون في لبنان الى بلادهم في أقرب فرصة، خاصة وأن هناك مناطق آمنة في سوريا يمكن أن تستوعبهم حيث يعيشون في بلدهم بأمان وسلام . وكان لافتا في هذه الزيارة المحادثات التي أجراها الوزراء اللبنانيين أعضاء الوفد الرسمي اللبناني مع نظرائهم السعوديين، والصراحة التي سادت هذه المحادثات، حيث أعرب الوزراء اللبنانيين عن ارتياحهم لما سمعوه من الوزراء السعوديين الذين أبدوا كل استعداد لتفعيل العلاقات اللبنانية-السعودية كل في مجاله، ووعد وزير التعليم السعودي أحمد العيسى نظيره اللبناني مروان حماده بأنه مستعد للمجيء الى بيروت لتوقيع اتفاق تعاون وتبادل بين البلدين، فيما قال وزير الاستثمار السعودي ماجد بن عبدالله القصبي إنه سيكون أول الزائرين لبيروت في سياق تشجيع السعوديين علي القدوم إلى لبنان. صحيفة الرياض السعودية قالت إنه «كما أن الاقتصاد وتداولاته يتأثر بالأجواء العامة التي تخلق حالة من الشعور والتخوف، أو الرضا والتفاؤل فإن السياسية كذلك،معتبرة أن رمزية زيارة عون تأتي في كونها الأولى للرئيس اللبناني منذ تنصيبه رئيساً، لتؤكد أهمية السعودية ودورها ليس على الصعيد العربي، بل وحتى الدولي.. السعودية غدت اليوم ساحة عربية لكل دولة تريد أن تواكب المرحلة الجديدة من العمل العربي المشترك القائم على الاحترام المتبادل،وعدم التدخل في شئون الدول الأخري. وفيما رحب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وزعماء التيارات السياسية في لبنان بزيارة عون إلي السعودية تحديدا في أول زيارة له لدولة عربية معلقين آمالا كبيرة علي نتائج الزيارة سياسيا وإقتصاديا، قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان وزير الدولة لشئون مجلس النواب علي قانصو حليف حزب الله إن زيارة عون الى المملكة العربية السعودية تندرج بسياق برنامج زيارات مماثلة لمعظم الدول العربية، ان لم نقل كلها، تهدف لتعزيز علاقة لبنان بعالمه العربي وتعود بالفائدة على لبنان بالدرجة الأولى على المستويين الإقتصادي والسياحي بعدما اتخذت بوقت سابق دول الخليج قرارا بمنع رعاياها من زيارة لبنان، ما أفقد السياحة موردا أساسيا، مرجحا أن تعيد هذه الزيارة وما سيليها من زيارات الوضع إلى ما كان عليه مع احتمال أن تحرك الهبة السعودية المجمدة للجيش اللبناني. ورجّح قانصو في حديث صحفي أن يلي جولة عون الحالية للسعودية وقطر،جولة أخرى يقوم بها الى دمشق وطهران لا سيّما وأن للبنان مصالح قوية وأساسية مع سوريا وإيران على غرار مصالحه مع السعودية وربما أكثر. وإذا كانت زيارة عون للسعودية قد جاءت بنتائج إيجابية بوعد الملك سلمان بعودة هبة تسليح الجيش اللبناني وعودة السياح السعوديين إلي لبنان ،فهل ستلحق بقية دول الخليج بالسعودية في الرضا عن لبنان والسماح لمواطنيها بزيارة لبنان لإنقاذ السياحة اللبنانية ،وعودة الإستثمارات الخليجية إلي لبنان،بالرغم من تصنيف دول الخليج لحزب الله منظمة إرهابية وبالرغم من استمرار وجود حزب الله في سوريا،وبالرغم من ستمرار الأزمة السورية وبقاء الأسد في الحكم،أم أن الزيارة لن تعدو كونها حبر خاطر ووعود غير قابلة للتنفيذ قبل حل الأزمة السورية ،وعودة حزب الله إلي داخل لبنان.