تحمل ذكرى تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك فصلا جديدا في الاحتجاجات؛ بإعلان قبائل العريش بشمال سيناء، العصيان المدني بالامتناع عن دفع فواتير المياه والكهرباء، بدءا من 11 فبراير الجاري؛ بعد تقاعس الداخلية عن التحقيق وملاحقة من تسبب في قتل 6 شبان من أبنائهم. وبدأت الأزمة عندما أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها يوم 13 يناير الماضي، أن قوات الشرطة قتلت عشرة من عناصر جماعة أنصار بيت المقدس داخل أحد الشاليهات في مدينة العريش، وأن القتلى نفذوا هجمات ضد قوات الأمن، أحدثها الهجوم على كمين المطافي بداية الشهر نفسه. وتبين بعد إعلان الداخلية بيانا بأسماء القتلى العشرة أن بينهم 6 شبان من أبناء عائلات بالعريش و4 قتلى لم تفصح الداخلية عن أسمائهم حتى الآن، كان ألقي القبض عليهم قبل ثلاثة أشهر من مقتلهم، وتم احتجازهم دون توجيه أي اتهامات لهم أو صدور أحكام بحقهم، بحسب ذويهم. وعقدت عائلات الشبان الستة اجتماعا في العريش السبت 14 يناير الماضي في ديون آل أيوب للنظر في كيفية التحرك بعد الإعلان عن مقتل أبنائهم، واتهام قوات الشرطة لهم بالإرهاب، وشكلت العائلات لجنة شعبية خلال المؤتمر لمتابعة ما يستجد، وكانت إحدى توصيات المؤتمر وقتها إعلان العصيان المدني حال عدم تحرك جهات الدولة بالتحقيق. وقال أشرف الحفني، عضو اللجنة الشعبية لقبائل العريش، إن إعلان العصيان المدني الجزئي يوم 11 فبراير بالامتناع عن دفع فواتير المياه والكهرباء، جاء نتيجة تجاهل المسؤولين والجهات الرسمية لمطالب أهالي العريش التي أعلنوها في اجتماعهم السابق الذي انعقد يوم 14 يناير الماضي، وبسبب تقاعس وزارة الداخلية عن فتح التحقيقات لمعاقبة من تسبب في قتل 6 شبان من العائلات واتهامهم بالإرهاب، رغم أنهم كانوا محتجزين منذ أكتوبر الماضي لدى الداخلية، كما أنهم لم يتلقوا أي رد على بلاغهم الذي تقدموا به إلى النائب العام ويطالب بمساءلة القيادات الأمنية المتورطة في الجريمة، بحسب تعبيره. وأضاف الحفني ل"البديل" أن العصيان المدني المقرر بدؤه يوم 11 فبراير الجاري، خطوة أولى للتصعيد من أجل تحقيق المطالب، لكنها تتوقف على نتائج الاجتماع الموسع يوم 25 فبراير الجاري، الذي يشارك فيه جميع عائلات وقبائل شمال سيناء؛ لمناقشة أزماتهم ومطالبهم؛ لأن اللجنة لا تقرر شيئا دون موافقة الأهالي، متابعا: "السيناوية فاض بهم الكيل وتحملوا ظروفا قاسية تختلف عن أوضاع أي مواطنين آخرين في الجمهورية، فهم يقعون تحت وطأة وبشاعة العمليات الإرهابية، وضغط الممارسات الأمنية العنيفة مع المدنيين واعتقال عشرات الشباب السيناوي دون اتهامات واضحة"، على حد تعبيره. واستطرد أن اللجنة الشعبية لقبائل العريش انبثق عنها لجنة الدفاع عن سيناء بالقاهرة والمحافظات، وتهدف إلى إيصال صوت أهالي سيناء الغائب منذ سنوات طويلة، والتعبير عن عدة مطالب واضحة، أبرزها، التزام التنمية المعتمدة على الذات، وطرح تملك الأراضى في شكل تعاونيات زراعية، وضرورة سريان الدستور والنظام العام على المناطق الحرة من أجل مواجهة تدني الخدمات والبنية التحتية في معيشة مواطني سيناء، فضلا عن ندرة فرص العمل لهم، ودعم البحث العلمي وإقامة مركز بحثي متطور، يعمل من واقع احتياجات وطبيعة سيناء وكيفية الاستفادة من مواردها الطبيعية. وتابع الحفني أن مطالبهم تتضمن أيضا تكوين لجنة قانونية مستقلة غير ممولة خارجيا تعنى بشؤون سيناء أرضا ومواطنين، بالإضافة إلى مقاومة كل أشكال فصل سيناء عن الوادي ودراسة وكشف أية تأثيرات ضارة لمشروع تنمية محور قناة السويس على اتصال الوادي بسيناء، والتأكيد أن المواطنة هي الأساس وحق لكل مصري من أهل سيناء، وضرورة مكافحة الإرهاب ودعم كل ما يقوي السيادة المصرية في سيناء. وأكد الدكتور حسام الرافعي، عضو مجلس النواب عن شمال سيناء، أنه يوافق على قرارات لجنة قبائل العريش بالعصيان المدني، على اعتبار أنها فعاليات شعبية، يريد أهالي سيناء التعبير من خلالها عن غضبهم ورغبتهم في استرداد حقوق أبنائهم المقتولين، وعلى الجميع أن يقدر مشاعر أهالي سيناء وما يقدموه من تضيحات متواصلة، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المحافظة بسبب الإرهاب، مضيفا أن الفعاليات سلمية ولا تتضمن نزولا أو اعتصاما بالشوارع والميادين، لكنها رسالة رمزية للمسؤولين من أجل الإسراع في نتائج التحقيقات وتقديم الجناة للقضاء والقانون. وعن موقف نواب شمال سيناء من الاستقالة الجماعية التي طالبت بها القبائل في أول بيان، قال الرافعي ل"البديل": "بالفعل، كنت أحد النواب الذين أيدوا المطلب، ومازال موقفي ثابتا من الاستقالة، وواردة حال عدم استجابة الجهات الرسمية بالتحقيق حول واقعة قتل الشباب الستة"، موضحا أنه ينتظر الآن نتائج تحقيقات النائب العام، التي لايمكن تجاوزها بأي إجراءات من مجلس النواب. واختتم: "أهالي سيناء يطالبون فقط بحقوقهم الأساسية ويرفضون الممارسات الأمنية العنيفة ضد المدنيين غير المتورطين في أي عمليات إرهابية، خاصة أن السيناوية يقفون مع الشرطة والجيش على نفس خط الدفاع في مواجهة الإرهابيين والتكفيريين، لكنهم يرفضون وصمهم بالإرهاب أو القبض العشوائى على أبنائهم دون اتهامات واضحة".