حبيبتي/ عندما أقول أنني بخير، فهذا لا يعني في الواقع أنني بخير، لكنه يعني أنني أحاول أن أكون بخير، لذلك أدعيه وأتعامل كما لو كان هنا.. أتشبث في "قشة" الأمل، أحاول الظهور بمظهر القادرين على تعديل الاعوجاج، ومواجهة الفساد، والاستمرار في الجهاد اليومي لتحقيق هدف تأسيس "دولة معيارية" نتحاسب فيها جميعا وفق قواعد ومعايير نحترمها ونتفق عليها، وليس "دولة مزاج" تمضي فيها الأمور بمزاج القابض على السلطة.. الذي يحلو له دائما أن يتباهى بصورته وهو يضع "سبابته" على "زناد القوة". حبيبتي/ كم خشيت يا حبيبتي أن أبوح علنا بهذه المشاعر، لأنني تصورتها لوقت طويل بوابة للخذلان، فنحن يا مصر يا حبيبتي لا نملك من أحلامنا لك، إلا الأمنيات الطيبات، ولا نملك لتحقيق وعودنا لك، إلا النية الصافية.. حتى الدم الذي كنا نسترخصه فداء لك، لا نعرف اليوم: هل يجري لصالح مستقبلك أم لصالح انتفاخ جيوبهم بالأموال وتكريس بقائهم في كراسي الحكم؟! حبيبتي/ عندما تتعثر خطاي، وأشعر بالوهن يأكل لحمي ويحرق أحلامي ويلوث أفكاري.. عندما تتقاطع دروبي وتتوه خطواتي في ليل طويل، وعندما ينقص الماء والزاد ويهرب رفاق الطريق. عندها ينسج الحزن لي خيمة من الحنان الوهمي، كلما لجأت إليها زاد انعزالي، وزاد يأسي، وزادت حيرتي، وابتعدت كثيرا عن الدرب الذي يعيدني إليكِ، أو يعيدك إليّ. لكن يا حبيبتي.. في ظل هذه الكبسولة الخانقة، و"العزلة المتاهة"، يصبح طيفك هو قمري الونيس، ونجمتي الهادية، ويصبح اسمك هو دافعي للحياة، وتصبح كلمة "حبيبتي" هي أجمل الكلمات التي أناديكِ بها، فهي أصدق من كل الخطب التي يخطبها حكامك، وأصدق من كل تصريحات الكذب ومسوغات النهب، التي يبيعونها للفقراء الذين ينزفون عمرهم في العراء انتظارا لعودتك نهراً وشمساً.. أماً وأباً.. شقيقا وشقيقة.. حلما وحقيقة. حبيبتي.. يا بلدي.. يا مصر/ عندما أقول لك صباح الخير، فاعلمي أني كاذب، فصباحاتنا لا تعرف الخير، منذ تحكم فينا اللصوص والجهلاء والأغبياء حبيبتي.. يا بلدي.. يا مصر/ عندما أقول لك إنني بخير، فاعلمي أنني أخجل من الشكوى، وأخشى من شعورك بالخذلان، لأنني لن أكون بخير (ولن تكوني بخير)، وهؤلاء اللصوص بخير.. لن أكون بخير (ولن تكوني بخير).. ما دام جلادك وجلادي بخير. …………………………………………………………………………………… * هذا المقال له قصة مؤسفة تكشف مدى تدني العلاقة بين الصحافة والسلطة، فتذكروه.. لأنني سأروي لكم قصته، ومعها الكثير من مهازل العباسيين قريبا.. بالأسماء وبالوقائع. جمال الجمل [email protected]