تحيي أرمينيا في السابع من ديسمبر الذكرى ال37 لأحد أحلك أيامها، حين ضرب زلزال مدمر الجمهورية السوفيتية آنذاك عام 1988، الكارثة الطبيعية التي أودت بحياة ما بين 25 ألفاً و60 ألف شخص، ومحت مدينة سبيتاك من الوجود في 30 ثانية، لتصبح واحدة من أكثر الكوارث فتكاً في القرن العشرين. زلزال بلا سابق إنذار محا مدينة بأكملها في تمام الساعة 11:41 صباحاً من يوم 7 ديسمبر 1988، والأطفال في مدارسهم والبالغون في أماكن عملهم، اهتزت أرض شمال أرمينيا بعنف شديد، إذ بلغت قوة الزلزال 6.8 درجة على مقياس ريختر، وفقاً لموقع مركز المعلومات البيئية الوطني الأمريكي، بينما سجلته مصادر أرمينية بقوة 10 درجات على المقياس المحلي. كانت مدينة سبيتاك، التي يقطنها حوالي 30 ألف نسمة، مركز الزلزال، حيث دُمرت بالكامل في غضون 30 ثانية فقط، وبعد أربع دقائق، ضرب زلزال ارتدادي بقوة 5.8 درجة، ليطيح بما تبقى من مبانٍ متصدعة، مما ضاعف من حجم الكارثة. اقرأ أيضًا| اليابان: لا إصابات جديدة ولا أضرار في المنازل بعد زلزال كوماموتو خسائر بشرية هائلة وثلثا الضحايا من الأطفال تشير التقديرات الرسمية إلى مقتل ما بين 25 ألفاً و50 ألف شخص، بينما أصيب 130 ألف آخرين بجراح مختلفة. وذكر سورين أراكيليان، مدير شركة Georisk للأبحاث العلمية في أرمينيا في تصريحات لموقع Emerging Europe عام 2023، أن 45 ألف شخص انتشلوا من تحت الأنقاض، و514 ألف شخص فقدوا مأواهم. وأشار أراكيليان إلى خسارة تسعة ملايين متر مربع من المساحات السكنية، بخسائر مادية مباشرة بلغت 20 مليار دولار أمريكي. الأمر الأكثر مأساوية، أن ثلثي الضحايا كانوا دون سن 18 عاماً، إذ انهارت المدارس والمستشفيات فوق رؤوسهم، وقُتل 80% من الكوادر الطبية في المنطقة. موجة دمار شملت مدناً عديدة لم تقتصر الكارثة على سبيتاك، إذ تعرضت مدينة لينيناكان (جيومري حالياً)، ثاني أكبر مدن أرمينيا بسكانها البالغ عددهم 300 ألف نسمة، لدمار بنسبة 80% من مبانيها، كما تضررت بشدة مدينتا كيروفاكان (فانادزور حالياً) وستيبانافان. ووفقاً لتقارير منظمة الأممالمتحدة للإغاثة في حالات الكوارث (UNDRO)، تأثرت أكثر من 20 بلدة و342 قرية، منها 58 قرية دُمرت بالكامل. وانهارت جميع المستشفيات في محيط سبيتاك، مما فاقم من صعوبة تقديم العلاج للجرحى في ظل درجات حرارة متجمدة. استجابة دولية غير مسبوقة خلال الحرب الباردة في سابقة تاريخية خلال الحرب الباردة، طلب الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، الذي قطع زيارته لنيويورك حيث كان في قمة مع الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، مساعدات إنسانية عاجلة من الولاياتالمتحدة. وهو أول طلب من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية. استجابت 113 دولة لنداء أرمينيا، وفقاً لتقارير UNDRO، بإرسال فرق إنقاذ ومعدات طبية وإمدادات غذائية. ووثق التقرير الأممي وصول إجمالي 1,700 رحلة إغاثة، منها 166 رحلة من 42 دولة مختلفة، إضافة إلى 27 ألف عربة سكة حديد محملة بالمساعدات. وكانت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) من أوائل المنظمات الدولية غير الحكومية التي استجابت للكارثة، كما ذكر موقع المنظمة الرسمي. وفي موقف إنساني مشرّف، كانت مصر من أوائل الدول التي سارعت بإرسال المساعدات الإنسانية العاجلة لأرمينيا. وفي تصريحات للدكتور أرمين مظلوميان، أحد أعضاء الجالية الأرمينية في مصر، في الذكرى ال25 للزلزال، أكد أن "طائرة المساعدات المصرية كانت أولى الطائرات المحملة بمساعدات إنسانية التي وصلت لإغاثة الشعب الأرميني". اقرأ أيضًا| ثلاثة قتلى جراء الزلزال في وسط بنجلادش إرث الكارثة ودروس المستقبل أصبح السابع من ديسمبر يوماً رسمياً لإحياء ذكرى الزلزال في أرمينيا، وعقب الكارثة، تأسست المؤسسة الأرمينية الوطنية للحماية من الزلازل عام 1991، كما أعيدت رسم خرائط المناطق الزلزالية لكامل البلاد عام 1996، وشددت قوانين البناء المقاومة للزلازل في عامي 1994 و2006. تشير عدد من الأبحاث الحديثة إلى أن أرمينيا معرضة لزلازل قد تصل قوتها إلى 9 درجات على مقياس ريختر، أقوى بمئة مرة من زلزال 1988، مما يستوجب مواصلة تطوير البنية التحتية المقاومة للزلازل لحماية الأرواح.