رغم ما تعانيه إثيوبيا من تحديات داخلية ومواجهة الجفاف المدمر الذي شل الريف، والفظائع الإرهابية التي تؤثر سلبًا على حياة الكثير من مواطنيها، إلا أنه أمر محير للغاية أن تتدخل على نطاق واسع في قضية الانتخابات الصومالية. قال موقع إيست أفريكا الكيني إن التدخل الإثيوبي في الشأن الداخلي الصومالي يصيبها بالاضطراب، ويعتبر تعديًا على حرية البلاد، في الوقت الذي تقول فيه إثيوبيا إن أهدافها من التدخل دفع عجلة النمو وتعميق الديمقراطية والمساهمة في خلق بيئة للسلام والأمن في منطقة القرن الإفريقي، واقترحت أنها تعتزم على التركيز على تحديات بناء المؤسسات والحكم الديمقراطي وسيادة القانون وقضايا السلام والتعاون الأمني والتكامل. وتابع الموقع أن مما زاد وضع الانتخابات الصومالية اضطرابًا وسوءًا قيام مؤسسة بحثية إثيوبية بالاتصال مع منسقي الانتخابات الرئاسية الصومالية المقبلة، للاطلاع على الوضع السياسي والأمني بالكامل؛ مما عقد العملية الانتخابية، وعزز انقسام المجتمع بين مؤيد للتدخل الإثيوبي ومعارض، خاصة مع عدم وضوح دوافع تلك المؤسسة: هل هدفها دعم الانتخابات الصومالية كما تدعي، أم عرقلتها؟ وأشار الموقع إلى أن تدخل إثيوبيا هدفه عدم ترك الفرصة لعشيرة من أعدائها بالفوز في الانتخابات، حيث يمكن السماح لجماعة مثل حركة الشباب الإرهابية أن تجعل من مقديشو مسرحا لجرائهما. ورغم أن التدخل الإثيوبي أخذ اهتمامًا كبيرًا؛ لكونة سافرًا، إلا أن الواقع قد يقول إن إثيوبيا من السهل جدًّا وصفها بكبش الفداء، باتهامها بالتدخل في الشؤون السياسية الصومالية، في حين يتم تجاهل القوى الأخرى على الساحة، حيث هناك العديد من الجهات الأجنبية التي تشارك بشكل كبير في العملية السياسية الصومالية. وهذا ليس بجديد على الصومال التي عانت من التدخل الخارجي منذ تأسيسها. ومن المعروف أن هناك تدخلًا كبيرًا في الشؤون السياسية الصومالية من الجهات الخارجية؛ كأبو ظبي والدوحة وأنقرة وعنتيبي ونيروبي، وأديس أبابا في شرق إفريقيا، وكلها تتنافس للحصول على نفوذ أكبر في الانتخابات الرئاسية المقبلة. كما تشارك الدول الغربية في تشكيل العملية السياسية الصومالية من خلف الكواليس؛ لأنهم أصحاب المصلحة الرئيسية، وقد يستخدمون الدول السابق ذكرها في التدخل عن بعد. وقال موقع أوول أفريكا إن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى بجدية للتأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة. وهناك شائعات قوية بأنها ورقة ضغط خلف الكواليس لواحد وربما اثنين من المرشحين للرئاسة. ومن المعروف أن حكومة الإمارات العربية المتحدة دعت رؤساء الدول الأعضاء الاتحادية في الصومال (FMS) إلى أبو ظبي لمناقشة الوضع السياسي في البلاد. ويذهب البعض أيضًا إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة قالت بصراحة لهؤلاء القادة الإقليميين بأن يدعموا مرشحًا معينًا. وهذا، في الواقع، كان فرصة لأبو ظبي للتأثير في قرارات التصويت لهؤلاء القادة. والدافع لدى دولة الإمارات العربية المتحدة في التدخل أن لديها مصالح استراتيجية متعددة في الصومال، والتي لا تقتصر على الأمن وبربرة بورت والنفط البحري الطبيعي، ولكن هناك هدف شامل بأن يعملا معًا بشكل وثيق ومع كينيا وشركة إيني الإيطالية. وتابع الموقع أن تركيا أيضًا اقتحمت الواقع الصومالي، ووقعت اتفاقات ثنائية مع الحكومة الصومالية في مجال الأمن والمساعدات الإنسانية والتنمية. الشركات التركية تدير بالفعل ميناء مقديشو وكذلك المطار. وعلى جانب الأمن كل من الأتراك والإمارات يعتبران جزءًا من دعم الحكومة الصومالية في تدريب وتجهيز الجيش الوطني الصومالي. وعلاوة على ذلك فإن الأتراك يقومون ببناء منشأة عسكرية ضخمة عززت وجودها في الصومال. وهناك منافسة واضحة ومريرة بين أبو ظبي وأنقرة. لهذا السبب فإن كل بلد يحاول الحصول على الصومال وفرض نفوذه بها. كما أن تدخل كينيا لا يمكن الاستهانة به هنا عند النظر إلى التدخل الخارجي في الشؤون الصومالية. والتي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين الصوماليين وبها تجمع حيوي لمجتمع الأعمال الصومالي في المدن الكينية الكبرى. وكينيا ليست غريبة على ديناميات السياسة الصومالية. بل استضافت العديد من المؤتمرات السياسية، مثل إلدوريت، حيث تم تشكيل الحكومات المؤقتة السابقة. ولا تزال نيروبي تحمل أهمية كبيرة من خلال استضافة اجتماعات لأصحاب المصلحة السياسية الصومالية الكبرى سهلت من المسؤولين الكينيين. دول أخرى مثل قطر وأوغندا، على ما يبدو، حتى الآن، تلعب أدوارًا هامشية في الساحة السياسية الصومالية. لذلك، نظرًا لموقعها الاستراتيجي في المنطقة والموارد الطبيعية المحتملة المتاحة، فالصومال تعتبر عامل جذب تلقى الكثير من الاهتمام من القوى الإقليمية والعالمية. والمصلحة الإثيوبية ببساطة لا يجب أن ينظر إليها إلا على هذا النحو. ويقع على عاتق القيادة الصومالية الحفاظ على المصلحة الوطنية، لمواءمة المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية في الصومال مع المصالح الإقليمية الأخرى.