هل اقتربت الحكومة الصومالية من القضاء على حركة شباب المجاهدين؟ هذا هو السؤال الذي يشغل العديد من الدوائر السياسة والمهتمين بالشأن الصومالي، خاصة بعد تصريحات الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد مؤخرًا، قائلًا: إن الجيش الصومالي سيستمر في تحقيق انتصاراته وتقدمه ودحر شباب المجاهدين وبقية المجموعات المتطرفة، وأنه «سيتم القضاء على كل هذه الجماعات قريبًا». وأضاف أن المشكلة تنبع من صغار السن، الذين تم التغرير بهم من قبل المتطرفين، وقال: «نريد أن نعطيهم الفرصة لإعادة النظر في مواقفهم». وتأتي هذه التصريحات في ا لوقت الذي تتراجع فيه حركة شباب المجاهدين بخسارتها العديد من مواقعها، خاصة بعد دخول كينيا على خط المواجهات وقيامها بعدد من العمليات العسكرية ضد الحركة بزعم اقتحام الحركة للحدود الكينية لخطف رعايا أوربيين على أرض كينيا، واضطر شباب المجاهدين إلى التخلي عن عدد من المواقع والانسحاب منها تحت ضغط قصف الطيران الكيني واستيلاء الحكومة الصومالية على هذه المواقع، وبدا الرئيس الصومالي واثقًا هذه المرة من القضاء على الحركة نتيجة الدعم الكيني ودول الاتحاد الإفريقي، والتي بدت نتائجه واضحة على الأرض. وكانت العمليات الكينية قد بدأت منذ أسبوع تقريبًا، حيث أدت هذه العمليات إلى إصابة 18 شخصًا من مقاتلي الحركة، وواصلت القوات الكينية والصومالية ملاحقة عناصر من حركة الشباب المجاهدين في جنوب الصومال، في إطار حملة لطرد مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة مشتبه بصلتهم بحوادث خطف. وشنت الطائرات الحربية غارات جوية على قاعدتين لحركة الشباب، بعد تهديد كينيا بملاحقة المسلحين عقب خطف موظفتي مساعدات إسبانيتين. وقال قائد بالجيش الصومالي: إن قواته تضيق الخناق على بلدة أفمادو، التي كانت معقلًا لعناصر لحركة الشباب، وإن المسلحين فروا منها. وأضاف أنهم يعتزمون التوجه إلى منطقتي كولبيو وبادهادهي، لدفع حركة الشباب إلى التقهقر. وأفاد شهود عيان بأن أربعين مركبة عسكرية كينية دخلت بلدة دوبلي الصومالية، لكن القتال لم يندلع على نطاق واسع. وأفاد مصدر دبلوماسي عن تحطم مروحية عسكرية واشتعال النيران فيها داخل كينيا نتيجة عطل ميكانيكي، ولم ترد أنباء عن ضحايا، لكن لم يعرف مصير الطياريْن اللذيْن كانا على متنها. ووقعت حكومة كينيا تحت ضغط شديد لتعزيز الدفاعات عن حدودها ومياهها الواقعة قرب الشاطئ، بعد أن خطف مسلحون، يعتقد أنهم متحالفون مع مسلحين لهم صلات بتنظيم القاعدة، أربعة أجانب في هجمات متفرقة. وجاء خطف بريطانية وأخرى فرنسية من ساحل شمال كينيا في حادثين منفصلين، واختطاف عاملتي إغاثة إسبانيتين من مخيم للاجئين، ليهدد قطاع السياحة النشط في كينيا. وقالت مصادر أمنية: إن البريطانية والفرنسية محتجزتان في منطقة تسيطر عليها حركة الشباب بوسط الصومال، بينما نفت الحركة قيامها بالاختطاف. ويهدد التدخل العسكري بجر كينيا إلى الصراع في الصومال، ويزيد خطر شن حركة الشباب هجمات انتقامية على المصالح الكينية. وكان أكثر من 45 مسلحًا قتلوا وأصيب العشرات في جولتين من الاشتباكات العنيفة وقعت في محيط بلدة تابتو جنوب الصومال بين قوات موالية للحكومة الانتقالية ومقاتلي حركة الشباب المجاهدين. واندلعت جولة ثالثة من الاشتباكات التي وصفت بالفاصلة بين الجانبين في أطراف البلدة. في هذه الأثناء شنت طائرات حربية، يعتقد أنها كينية، غارات على مواقع الحركة في البلدة، وسقطت إحدى القنابل وسط البلدة، مما أسفر عن إصابة طفيفة لشخص. وقال الناطق الرسمي باسم القوات الحكومية: "قتلنا أربعين مسلحًا من حركة الشباب، وأسرنا خمسة منهم". وتحدث عن استيلائهم على عتاد حربي دون أن يذكر تفاصيل عنه. من جانبها، لم تعلق حركة الشباب على التطورات الميدانية المتصلة بالاشتباكات، غير أن إذاعة الأندلس الناطقة باسمها ذكرت أن قوات الحركة ألحقت خسائر كبيرة بصفوف ما وصفتها ب"القوات المرتدة". وتفيد آخر الأنباء الواردة من هناك أن القوات الحكومية استولت على البلدة، وفق تأكيدات شهود عيان، كما اعترف قائد ميداني تابع للشباب -رفض ذكر اسمه- بسقوط البلدة في يد من وصفهم ب "قوات المرتزقة والمرتدين". وهذه هي المرة الأولى التي تستولي فيها القوات الحكومية على بلدة تابتو قادمة من بلدة طوبلي الواقعة على الحدود الصومالية الكينية. وتقع قرية تابتو على بعد مسافة 60 كلم، شرق بلدة طوبلي التي شهدت هي الأخرى مواجهات دامية بين الجانبين بداية الشهر الجاري، إثر هجوم شنه مقاتلو حركة الشباب عليها، سقط فيه عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجانبين. تقدم بقوقاني وقال المواطن بشير معلم فارح: إن قافلة من قوات الحكومة تحركت من بلدة تابتو باتجاه مدينة قوقاني، التي تقع على مسافة 35 كلم شرقًا، وذكر أنها مدججة بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، مشيرًا إلى إحرازها تقدمًا على الأرض باتجاه المعاقل العسكرية لحركة الشباب الواقعة في مدينة قوقاني. وتقع قوقاني في خط الدفاع الأول لمدينة أفمدو، ثاني مدينة إستراتيجية بعد كيسمايو في ولاية جوبا السفلى، وتقدر المسافة الفاصلة بين المدينتين بنحو 55 كلم فقط. ويرى مراقبون صوماليون أن سقوط قوقاني في قبضة القوات الحكومية قد يغير الخريطة السياسية والعسكرية في مناطق جوبا لغير صالح حركة الشباب المجاهدين، وتجعل مهمة الدفاع عن مدينة أفمدو صعبة لكثرة الطرق الإستراتيجية المؤدية إليها، إضافة إلى وقوعها في منطقة مفتوحة. ووفق المحلل الصومالي عبد النور محمد، فإن الحكومة الانتقالية حققت مكاسب سياسية وأمنية وإستراتيجية في سيطرتها على قرية تابتو، غير أنه قال: إن المعركة لم تضع أوزارها بعد، ومن السابق لأوانه الحديث عن تقدم عسكري كبير حققته الحكومة. وأشار إلى أن هطول كميات كبيرة من الأمطار في المنطقة قد يعرقل تقدم قوات الحكومة نحو المواقع الإستراتيجية الواقعة في عمق ولاية جوبا. من جهة أخرى أكد شهود عيان وصول قوات كينية إلى بلدة طوبلي، وقال محمد بري: إن قوات كينية عبرت الحدود الصومالية الكينية عبر طوبلي وهي مدججة بالأسلحة الثقيلة، مشيرًا إلى أنها تحركت نحو مدينة تابتو التي وقعت تحت قبضة قوات موالية للحكومة. حركة الشباب المجاهدين من جانبها توعدت بتوجيه ضربة موجعة للقوات الكينية "التي اعتدت على الأراضي الصومالية". وقال المتحدث العسكري لحركة الشباب المجاهدين الشيخ عبد العزيز أبو مصعب في مؤتمر صحفي عقده في الضاحية الجنوبية من العاصمة مقديشو: إن مقاتلي الحركة سيلقنون القوات الكينية التي وصفها بأنها ضعيفة عسكريًّا "درسًا لن تنساه". وأضاف: "هزمنا قبلها القوات الإثيوبية التي لقبت نفسها بأسود أفريقيا وغزت الصومال وفشلت في احتلالها، وأُجبرت بعد تلقيها ضربات قاسية من المجاهدين على الانسحاب خائبة". وأشار المتحدث إلى أن حركته وضعت مقاتليها في حالة استعداد قصوى، ووضعت الخطة العسكرية لقتال القوات الكينية التي توجد حاليًا حسب قوله في منطقة تابتو وقوقاني وعيلواق من محافظة جوبا السفلى وجيدو، موضحًا أن لدى الشباب المجاهدين معلومات حول عدد الجنود الكينيين وعتادهم ووجهتهم. كما ذكر أبو مصعب أن مقاتلي الشباب تمكنوا من إلحاق ما اعتبره خسائر كبيرة بقوات الاتحاد الأفريقي الموجودة في الصومال و"سحل جنودهم في الشوارع"، مشيرًا إلى أن القوات الكينية ستلقى نفس المصير، داعيًا الشعب الصومالي إلى الوقوف إلى جانب مقاتلي حركة الشباب، والمشاركة في القتال ضد القوات الكينية، واعتبر قتالها "فرض عين لا يمكن لأحد أن يتخلف عنه". كما هددت حركة الشباب الجيش الكيني الذي دخل الأراضي الصومالية الأحد، ودعت الصوماليين للوحدة ضده. وقال شيخ حسن تركي، وهو أحد قادة الحركة للصحفيين: "لقد انتهكت كينيا وحدة أراضي الصومال من خلال الدخول إلى أرضنا المقدسة، لكني أعدكم بأن جنودها سيغادرون خائبين إن شاء الله. سيرغمهم المقاتلون على مواجهة الرصاص". وأضاف: "أدعو جميع الصوماليين إلى الوحدة ضد العدو المتعطش للدماء الذي دخل أراضينا، وضد الكفار الصوماليين الذين يساعدونه". يُشار إلى أن حركة الشباب تسيطر على القسم الأكبر من جنوب البلاد ووسطها، لكنهم خسروا الجزء الأكبر من العاصمة مقديشو. وكانت كينيا قد أكدت على أن حركة الشباب الإسلامية الصومالية تلقت جوًّا ثلاث شحنات من الأسلحة، فيما يتواجهون مع قوات نيروبي في جنوب الصومال. وقال المتحدث باسم الجيش الكيني القومندان ايمانويل شيرشير: "لدينا تأكيد حول هبوط طائرة أسلحة أخرى". وسبق أن نقلت طائرتان الأسلحة والذخائر إلى الشباب الثلاثاء، بحسب المصدر الذي رفض الإفصاح عن مصدر الأسلحة المحتمل، لكنه نفى مقتل الكثير من الجنود الكينيين وتدمير شاحنات عسكرية على ما أكد الشباب. وقال: "كان جنودنا يتجهون من ليبوا الى تابتو عندما واجههم أربعة من مسلحي الشباب قرب الحدود". واتهمت كينيا اريتريا بتزويد الإسلاميين الصوماليين بالأسلحة بحرًا وبرًا، لكن أسمرة نفت ذلك تكرارًا. وكررت وزارة الخارجية الإريترية التأكيد على أن "هذه المقولات ليست إلا من نسج الخيال. إريتريا لم ترسل أي سلاح إلى الصومال"، بحسب بيان. وتابع النص: "إن المصلحة الوحيدة لإريتريا في الصومال تكمن في عودة السلام والاستقرار". ولا تزال تداعيات توغل القوات الكينية في عمق الأراضي الصومالية تطغى على المشهد الصومالي برمته، ففي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس شريف شيخ أحمد الأربعاء تحفظه على ذلك، رحب رئيس الوزراء عبد ولي محمد بالعمليات العسكرية الكينية في مناطق جوبا وجدو، في حين توعدت حركة الشباب المجاهدين بالتصدي للقوات الكينية. وعبّر الرئيس شريف في مؤتمر صحفي عقده في قصر الرئاسة بمقديشو بمشاركة رئيس الوزراء عن عدم رضاه عن التوغل الكيني بالأراضي الصومالية، وطالب نيروبي باحترام سيادة بلاده. يذكر أن رئيس الوزراء عبد ولي محمد تبنى موقفًا مغايرًا لموقف الرئيس شريف بعد ساعات قليلة من صدور البيان المشترك، وذلك بترحيبه دون شروط بالجهود الكينية الرامية إلى محاربة حركة الشباب المجاهدين في المناطق الجنوبية. وأشار عبد ولي في مؤتمر صحفي عقده في مقديشو إلى أن وسائل الإعلام أساءت تفسير البيان الصحفي الصادر بخصوص توغل القوات الكينية إلى الأراضي الصومالية. ودافع المسئول الصومالي بقوة عن الوجود العسكري الكيني في الصومال، كما وصف الأنباء القائلة بالغزو الكيني للصومال بأنها خاطئة، مشيرًا إلى أن هذا التوغل جاء برغبة الحكومة الصومالية. ويرى مراقبون أن لدى الرئيس الصومالي مخاوف حيال خطط كينيا لتدريب مليشيات صومالية منذ منتصف عام 2010، التي قيل حينها إنها ستكون نواة لقوات دولة جديدة على غرار بونتلاند وغلمدغ، وهو ما عارضه شريف بقوة. ويُرجع المراقبون التضارب في التصريحات الصادرة من القيادات العليا للحكومة الصومالية إلى عمق الخلافات إزاء الدور الكيني العسكري الجديد في الصومال، وحجم الضغوطات المحلية والخارجية التي يتعرضون لها، إضافة إلى تضارب المصالح السياسية والمالية بين الدول الأفريقية المتورطة عسكريًّا في الصومال. قوات وقصف ولتأكيد ما ذهب إليه رئيس الوزراء الصومالي من ترحيب بالتدخل الكيني، فقد اتفقت الدولتان الكينية والصومالية على التنسيق بشأن العمليات العسكرية ضد حركة شباب المجاهدين في جنوب الصومال، في إطار العمليات العسكرية التي تشنها القوات العسكرية الكينية ضد معاقل لحركة شباب المجاهدين مؤخرًا؛ بعد تصاعد وتيرة عمليات الاختطاف ضد الأجانب المقيمين في كينيا. وبعد اجتماع دار بين الدولتين في نيروبي وقع الطرفان هذا الاتفاق بحضور رئيسي وزراء الدولتين، عبد الولي جاس، ورايلا أوطينغا. وتأتي هذه الاتفاقية تكملة للاتفاق الذي تم توقيعه في الثامن عشر من الشهر الماضي في العاصمة مقديشو، فقد حدث سوء تفاهم في البنود التي وردت في الاتفاقية؛ حيث أدلى الرئيس الصومالي بتصريحات تضمنت أن التدخل الكيني في الصومال لم يكن متفقًا عليه. وبدت هذه التصريحات للشارع الصومالي متناقضة مع تلك التي أدلى بها رئيس الوزراء، حيث يقول الأخير: "إن التدخل الكيني في الصومال يعتبر شرعيًا، ولها حق مجابهة حركة شباب المجاهدين في داخل التراب الصومالي". وبعد هذه الموجة من التصريحات التي صدرت من قيادات الحكومة الصومالية، سافر رئيس وزراء الصومال إلى نيروبي لتوضيح أكثر في بنود الاتفاقية، مع الاتفاق أيضًا حول طريقة تنفيذ الاتفاقية. وكان الاتفاق على البنود التالية: 1. الهدف من عمليات القوات الكينية في الصومال هو القضاء على تهديدات مليشيات الشباب التي تهدد أمن واقتصاد كينا، استنادًا إلى الحق المشروع في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة. 2. تمثل حركة الشباب المجاهدين تهديدًا صارخًا للحكومة الصومالية والكينية، وعليه يتفق الطرفان على ضرورة القضاء على العدو المشترك. 3. تقود هذه العمليات القوات المسلحة الصومالية وتساندها القوات الكينية لاستهداف المواقع التي تختبئ فيها مليشيات الشباب. 4. ترحب الحكومة الصومالية بالعمليات العسكرية للقوات الكينية المساندة للجيش الصومالي، وتشارك كينيا في هذه العمليات كداعم لوجستي ومساند للقوات الصومالية؛ نظرًا للعلاقات التاريخية بين البلدين. 5. تتبادل الدولتان المعلومات التي تتعلق بتحركات الشباب، وستشكل لجنة مشتركة تعمل لتحقيق ذلك، كما تقوم اللجنة بتنظيم اجتماعات خاصة في عواصم البلدين نيروبي ومقديشو. 6. تُعين الدولتان لجنة دبلوماسية من الجانبين تسعى إلى مساندة العمليات معنويًا مع تبادل الزيارات. 7. يتم توفير قوات إضافية من قوات الاتحاد الأفريقي في المواقع التي يتم السيطرة عليها خلال العمليات العسكرية. 8. إيصال مساعدات إنسانية للمناطق المتضررة في حال نجاح التدخلات العسكرية. 9. تساعد محكمة الجنايات الدولية الحكومة الصومالية في تعقب الشخصيات التي ارتكبت جرائم حرب من أعضاء حركة الشباب ومحاكمتهم أمام القضاء. وأخيرًا لن تباشر الحكومة الكينية أية مساعي للتفاوض مع حركة الشباب المجاهدين، وأن الحكومة لها الحق في حال موافقة الحركة على التفاوض. وقد اعتبر البعض أن التدخل الكيني في الصومال هو تدخل غربي بالوكالة، على غرار ما قامت به إثيوبيا من قبل، بهدف القضاء على حركة الشباب والمقاتلين الإسلاميين بالصومال، ولكنها فشلت في مهمتها..فهل تنجح كينيا فيما فشلت فيه إثيوبيا؟ هذا هو السؤال الذي ستجيب عنه الأيام القادمة. المصدر: الإسلام اليوم