على مدار عصور، حظيت مصر بشرف كسوة الكعبة، وعبر تاريخ طويل وعلى اختلاف الدول والحكام، لم تستطيع قوة أن تحرم مصر من هذا الشرف، اللهم إلا لسنوات معدودات، كانت الحروب العامل الرئيسي فيها. بدأت مصر رحلتها مع كسوة الكعبة منذ عهد الفاروق عمر بن الخطاب، حيث كان دائمًا ما يخاطب والي مصر وقتها عمرو بن العاص، لحياكة كسوة الكعبة بالقماش المصري المعروف بالقبطي، واستمر ذلك النهج في عهد الأمويين والعباسيين والفاطميين والأيوبيين والمملوكيين، وكانت مصر تعتبر كسوة الكعبة شرفا يجب أن لا تتنازل عنه، لدرجة أن ملك اليمن "المجاهد" حاول عام 751ه أن يكسو العكبة بكسوة يمنية بدلًا من المصرية فما كان من أمير مكة إلا أن أخبر المملوكيين، فأرسلوا من قبض عليه وجلبه إلى القاهرة مكبلًا بالأغلال. حكام المغول فى فارس والعراق حاولوا هم أيضا الفوز بشرف كسوة الكعبة لكنهم فشلوا، حيث حاول بوسعيد خان مغول العراق، كسوة الكعبة سنة 715ه، لكن المصريين لم يمكنوه من ذلك، وحاول شاه رخ ميرزا بن تيمور لنك، التحايل والتهديد لكن السلطان المملوكى الملك الأشرف برسباي، سلطان مصر، وقف موقفا حازما تجاه تلك المحاولات فباءت بالفشل. وفي العصر العثماني زاد الاهتمام بكسوة الكعبة، حيث أضاف السلطان سليمان القانوني إلي الوقف المخصص لكسوة الكعبة 7 قرى أخرى كان يستخدم خراجها في كسوة الكعبة وكل ما يلزمها، وكانت تصنع وقتها في القصر الأبلق بالقلعة وعرف بقصر يوسف، كما أطلق عليه قصر الكسوة. اعتاد السلاطين العثمانيون على بدء صناعة كسوة الكعبة في شهر ربيع الثاني لتصبح جاهزة في شوال تحت إشراف شخص كان يحمل لقب ناظر الكسوة الذي كان يرتبط بعلاقة مباشرة مع الوالي لإطلاعه على مراحل صناعتها، وبعدها تنقل إلى مصطبة المحمل "كوشك الخديو" الذي يوجد بجوار القلعة، وهناك يضرب صيوان ويأتي السناجق والأمراء، ولكل منهم مجلس عموم، ثم تنشر الكسوة, وبعد ذلك تنقل إلى المشهد الحسيني لخياطتها. وفي عهد محمد علي باشا، توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي وقع بين قافلة الحج وبين الوهابيين عام "1807م – 1222ه"، وبعد 6 سنوات عادت مصر لإرسال الكسوة من جديد، وفي عام "1818م – 1233ه" أنشئت دار لكسوة الكعبة الشريفة في حي الخرنفش بالقاهرة, وعرفت فيما بعد بمصلحة الكسوة الشريفة، واستمرت مصر ترسل الكسوة حتى عام 1962 ميلادية، حين رفض السعوديون استلام الكسوة نتيجة للخلافات السياسية بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين آل سعود.