قال المدير الإقليمي لجريدة الزمان التركية بالشرق الأوسط تورغوت أوغلو، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غير موقفه من الملف السوري بعد اصطدامه بطريق مسدود واجه فيه التحدي الروسي والصمود السوري، مما دفعه للقبول ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد. وأكد في حواره ل"البديل" أن الرئيس أردوغان عمل على وجود شرطة وجيش موازيين للشرطة والجيش التركيين، لللاستعانة بهما في مواجهة خصومه ومعارضيه، مشيرا إلى أن كثيرا من الإرهاب الحاصل في تركيا يتم تحت إشراف وإدارة أطراف لها صلة مباشرة بأردوغان وحزبه، بهدف إحداث حالة من الفزع للشعب تمكنه من الاستمرار في السلطة. وإلى نص الحوار.. كيف ترى موقف تركيا في الأزمة السورية؟ الرئيس أردوغان غيّر مواقفه في جميع القضايا عندما رأى أنه سيخسر الكثير بسياساته الخاطئة في سوريا وتجاه الأكراد، ولكنه عندما تراجع كانت العودة متأخرة وتسببت في خسارته كثيرا من شعبيته حتى داخل حزب العدالة والتنمية، وكثير من أنصاره رفضوا تحول وجهته إلى روسيا وتوقفه عن المطالبة برحيل الأسد، بعد تعهداته الدائمة بإسقاطه، واستغلاله الأوضاع في سوريا لادعاء بطولة مزيفة، وعموما فسياسة أردوغان المتقلبة تكشف أنه يبحث عن مصالح شخصية له ولنظامه السياسي. وما مظاهر هذا التناقض؟ التناقضات تبدو واضحة في الأزمة السورية، فبعد أيام من الحراك السوري الذي أعقب «الربيع العربي» بدأ أول تناقض تركي يظهر بوضوح، حيث سارت تركيا عكس نظرية "صفر مشاكل" التي وضعتها كرؤية لها في إدارة علاقاتها مع جيرانها، وانتهجت نهجا طائفيًا أسهم في تعميق الانقسامات السياسية في المنطقة، ومن تهديد أردوغان للأسد وحديثه المتكرر عن الفرصة الأخيرة ومطالبته بالتنحي، إلى القبول باستمراره كطرف رئيسي في المعادلة السورية مؤخرا يتضح التناقض في الموقف التركي. ماذا عن اغتيال السفير الروسي؟ مقتل السفير الروسي كان شيئًا مفزعًا للجميع، وسارعت الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية باتهام حركة الخدمة (جماعة الداعية الإسلامي فتح الله كولن) بوقوفها وراء هذا العمل الإجرامي، قبل أن تصرح روسيا بأن هناك شبهات بتورط شرطي تابع لجبهة النصرة في هذا العمل. وما سبب دهشة للجميع أنه بعد يوم واحد من هذا العمل، وعلى الرغم من اتهام حركة «كولن» بالضلوع في ارتكابه، خرج كل الكتاب الصحفيين والإعلاميين التابعين لأردوغان وأعضاء حزب العدالة والتنمية على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك ليباركوا هذا العمل الإرهابي، ويمنحوا منفذ عملية اغتيال السفير الروسي لقب «الشهيد»، الأمر الذي أثار الكثير من التناقض والازدواجية في المعايير بين الموقف الإعلامي الرسمي الرافض، والموقف والشعبي المؤيد، وعندما أعلنت جبهة النصرة نفسها مسؤوليتها عن الحادث اتضح أن هناك ارتباطا أيديولوجيا كبيرا بين أنصار أردوغان وبين الجماعات المتشددة والمتطرفة كداعش وجبهة النصرة. وما يؤكد هذا الارتباط أن الشرطي الذي أعلنت النصرة تجنيده لتنفيذ العملية تابع لجمعية عثمانية حديثة خرجت للنور منذ 3 أعوام وهي منبثقة عن حزب العدالة والتنمية التركي الإخواني، ولدي الكثير من الوثائق والصور التي يتضح فيها ارتباط الرئيس التركي برئيسها شخصيًا. هل تضم الشرطة التركية عناصر جهادية؟ نعم. لمزيد من سيطرته على الحكم، اعتمد أردوغان على الجمعيات الإسلامية القريبة منه كالجمعية العثمانية وأدخل عددا من أعضائها في الشرطة ليس لكونهم متميزين أو أكفاء، بلا لأنهم سيطيعونه دون اعتراض أو تفكير كون أغلبهم من الجهلاء ليكون له نفوذ داخل المؤسسة الأمنية يمكنه من مواجهة معارضيه. كم يبلغ عددهم تقريبا؟ 27ألف شخص من الجمعيات الخيرية كالجمعية العثمانية أو حزب العدالة والتنمية انضموا لسلك الشرطة حديثًا منذ عام 2013، وللأسف 90% منهم ينتمون في فكرهم ل«داعش»، والتي أخرجت الشرطي الذي اغتال السفير الروسي مؤخرًا. وماذا عن الجيش؟ منذ 2013 يعمل أردوغان على تأسيس جيش مواز لحماية مصالحه ونظام حكمه، وهو الذي أطلقه في مسرحية الانقلاب لإطلاق النيران على الشعب لإيهامهم بوجود انقلاب عليه، وما أخشاه هو حدوثتصادم بين الجيشين. كيف ترى شعبية أردوغان؟ إذا دخل أردوغان الانتخابات الآن فلن يأخذ أكثر 45%، وهي النسبة التي ستأتي من أنصاره الذين يدعمون حزب العدالة والتنمية، والذين أثبتت الإحصائيات خلال الاستفتاء السابق أن 80% منهم مستواهم التعليمي متدنٍ لا يتعدى المرحلة الإعدادية، لذلك هو يستخدم الشعارات الدينية والإسلامية للسيطرة على هؤلاء الجاهلين، وهو ما يظهر في خطاباته الشعبية عندما يدغدغ مشاعرهم بهذه المصلحات الدينية، بينما هم يصفقون له ويؤيدون كل ما يزعمه دون تفكير أو بحث أو دراسة لفقرهم التعليمي. وماذا عن العلاقة مع الأكراد؟ بعد عام 2011 ظهرت جماعة كردية إرهابية جديدة تدعى حزب الشباب العمال الكردستاني، وهي تختلف عن حزب العمال الذي يتزعمه عبد الله أوجلان، وبعد عدد من الهجمات الإرهابية نفذتها هذه الجماعة الجديدة في تركيا اعتقلت الشرطة التركية الأصلية عددا كبيرا من عناصرها، ولكن فوجئنا بخروج أكثر من 1500 عنصر من هذه الجماعة الإرهابية من السجن لتنفيذ عمليات إرهابية تحت أعين وإدارة مخابرات أردوغان آخرها عملية في بشكتاش وإسطنبول. وما مصلحة أردوغان في تجنيد هؤلاء؟ الهدف هو عمل فزاعة للشعب التركي يستغل عبرها الرئيس خوف المواطنين من الإرهاب لعدم الخروج ضده، وهو ما حدث مع التفجيرات الإرهابية الأخيرة حيث منع الخوف المعارضة من النزول فالتزمت المنازل ولاذت بالصمت.