حرص الأمير سيف الدين بشتاك الناصريعلى أن يخلد اسمه داخل القاهرة الفاطمية، فأنشأ قصر بشتاك، هو أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، كان يعرف بالتعالي، فقد كان فخورًا بنفسه لا يتحدث مع عامة الناس إلَّا من خلال الترجمان، ورغم أنه كان يجيد اللغة العربية إلَّا أنه لم يكن يتحدث بها، وقد شغل عدة مناصب في عهد السلطان قلاوون منها كاتب السر والمسؤول عن الصيد الملكي. يقع قصر الأمير بشتاك بقلب القاهرة، ويعتبر من أفخم المباني التي تعكس القيمة المعمارية داخل القاهرة الفاطمية، فهو يقع في شارع بين القصرين الذي يضم العديد من المباني والبيوت التي ترجع إلى العصرين المملوكي والفاطمي. يضم القصر قاعة احتفالات كبرى واسطبلًا ومخازن للغلال وطابقًا مخصصًا للحريم «الحرملك»ويطل على القاعة الرئيسة للقصر، وكان يجلس خلفها الحريم لمشاهدة الاحتفالات ووصلات الغناء دون أن يلحظ وجودهن أحد، والقاعة الرئيسة وسطحًا مكشوفًا ومزخرفة بقطع خشبية على الحيطان، وتتوسط القاعة فسقية من الرخام الملون، كما يوجد مسجد ملحق بالقصر يعرف ب«مسجد الفجل»،وتحيط بالقصر أربعة معابد أثرية ترجع إلى عصر الفاطميين، وأحد عشر مسجدًا تاريخيًّا، بالإضافة إلى دار قطوان الساقي. يعود تاريخ إنشاء قصر بشتاك إلى 1339م، للقصر ثلاث واجهات؛ الأولى تتكون من ثلاث طوابق بها مشربيات ليست على استقامة واحدة، وتقع في الجهة الشمالية الغربية، وتطل على شارع المعز لدين الله الفاطمي بمنطقة النحاسين بجوار سبيل الأمير عبد الرحمن. أما الواجهة الثانية، التي تطل على درب ترمز، تحتوي على الأبواب التي تؤدي إلى القصر، والأخرى تطل على حارة بيت القاضي، ويتم دخول قصر بشتاك في الوقت الحالي من خلال سلم يؤدي إلى باب خشبي، مدونة عليه كتابات عن تاريخ إنشاء القصر والسلم مزخرف بالرسومات. في عام 1992 وقع زلزال ضخم بالقاهرة دمر أغلب البيوت القديمة وتصدع البعض الآخر، وكاد أن يقضي الزلزال على القصر، حيث أوشك على الانهيار، وتمت أعمال الصيانة والترميم بقصر الأمير بشتاك بالتعاون مع معهد الآثار الألماني، واستغرق العمل به عامين متواصلين بتكلفة وصلت إلى 50 مليون جنيه. بعد الانتهاء من أعمال الترميم أصدرت وزارة الثقافة قرارًا بتخصيص القصر أحد مراكز الإبداع الفنى التابعة لصندوق التنمية الثقافية، وأن يكون مقر بيت الغناء العربي.