الكثير من القصور الأثرية النادرة، منتشرة في مصر، منها ما طالته يد الإهمال، ومنها ما احتفظ بجماله وفخامته، ومن بينها قصر الأمير بشتاك. يقول الباحث الأثري نور يحيى: يقع قصر الأمير بشتاك، في شارع المعز لدين الله الفاطمي، بمنطقة النحاسين بجوار سبيل الأمير عبد الرحمن، وقد أنشأ هذا القصر على جزء من أرض القصر الكبير الشرقي، وامتدت إليه يد الإهمال حتى آل إلى الاندثار، ومع ذلك فإن الباقي منه الآن ينبئ عما كان عليه هذا القصر من فخامة وجمال، ويرجع تاريخ إنشاء هذا الأثر إلى سنة ( 73 – 740ه/1334 – 1339م). أنشئ هذا القصر على يد الأمير سيف الدين بشتاك الناصري، وهو أحد أمراء الناصر محمد بن قلاوون، ترقى في المناصب حتى وصل إلى رتبة أمير، وكانت نهايته على يد الأمير قوصون منافسه الكبير، الذي دبر له مكيدة للتخلص منه، وذلك في أثناء حكم السلطان الملك الأشرف علاء الدين كجك بن الناصر محمد بن قلاوون الذي حكم سنة (742ه / 1341م)، وكان بشتاك يشبه بوسعيد ملك التتار وكان كثير البذخ والحروب ومولعا بالنساء، وكانت نهايته عندما قبض عليه وتم تجريده من أملاكه وسجن في مدينة الإسكندرية وتم قتله في 5 ربيع أول سنة (742ه / 1341م)، وقد شيد الأمير بشتاك أثناء حياته العديد من المنشآت المعمارية لعل أهمها قصره. تتكون العمارة الخارجية لهذا القصر من ثلاث واجهات الشمالية الغربية التي تطل على شارع المعز لدين الله وثانيها الواجهة الشمالية الغربية التي تطل على درب قرمز ويشغلها الآن المدخل الحالي للأثر، أما الواجهة الثالثة فهى الواجهة الجنوبية الغربية وتطل على حارة بيت القاضي وكان يشغلها المدخل الرئيسي للأثر إلا أنه سد، أما العمارة الداخلية لهذا الأثر فيدخل إليها من مدخل يؤدى إلى دركاه مربعة إلى اليمين منها فتحة باب تؤدى إلى درج يؤدى إلى الطابق الثاني، وعلى يسار الداخل باب يؤدى إلى الإسطبل وهو عبارة عن قاعة مستطيلة مغطاة بأقبية ويعلوه غرف مخصصه لإقامة القائمين على الخدمة في الإسطبل وغرفة أخرى مخصصه لوضع احتياجات الإسطبل، ويوجد بأرضية الممر المؤدى إلى الإسطبل فتحة البئر، أما الطابق الثاني فيشغله القاعة الرئيسية للقصر وتعرف بقاعة الاحتفالات أو قاعة السلاملك وتتكون هذه القاعة من دور قاعة وسطى تحيط بها أربعة إيوانات منهما إيوانين جانبيين على هيئة سدلتين وملحق بهذه القاعة عدة غرف، أما الطابق الثالث للقصر فكان يشغله قاعة الحريم (قاعة الحرملك) وملحقاتها وكانت قاعة الحرملك تطل على القاعة الرئيسية للقصر بأحجبة يجلس خلفها الحريم ليشاهدوا ما يدور من وقائع في هذه القاعة من احتفالات وغناء دون أن يراهم أحد، وملحق بهذا القصر مسجد صغير يعرف بمسجد الفجل وله مدخلين أحدهما على شارع المعز، والثاني على ضرب قرمز.