حراك واسع تشهده دول شمال إفريقيا في الفترة الراهنة لحل الأزمة الليبية، فبعد أن قاربت الحرب في سوريا على الانتهاء وإعلان تحرير الأراضي من التنظيمات الإرهابية وبدء حوار فعلي بين الحكومة والمعارضة، تنظر الدول العربية الكبرى بعين الآمل بأن تكون طرابلس هي القادمة في قطار الانفراجات، لاسيما أن استمرار الوضع المتردي في البلد الذي تصل مساحته إلى 2 مليون كم ولديه حدود مباشرة مع مصر وتونسوالجزائر والسودان، تهدد دول الجوار بشكل فعلي. وكان وزير الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة، محمد الدايري، أكد أن حكومته ترحب بالمبادرات العربية لحل الأزمة السياسية، التي تعيشها بلاده، موضحًا أن هناك اجتماعا ثلاثيا سيعقد نهاية الشهر الجاري في تونس بحضور وزراء خارجية كل من تونسوالجزائر ومصر، تمهيدا لقمة بين قادة الدول الثلاث حول المبادرة التونسية، ووصف الدايري الدول الراعية للمبادرة التونسية بأنها "دول عربية جارة وشقيقة وتربطنا بها علاقات تاريخية تؤهلها للعب دور إيجابي في ليبيا". وشهدت مصر وتونسوالجزائر مجموعة من اللقاءات والاجتماعات بما يوحي أن شيئاً ما يتم التحضير له لتغير الوضع السائد المتجمد بين فريقي النزاع في الشرق والغرب، لكن عدة أطراف تخشى أن تكون هذه التحركات والمواقف المتواترة شبيهة بمحاولات كثيرة حدثت في السابق لم تؤد إلى أي انفراجة، فيما حذر آخرون من أن تكون الفرصة الأخيرة قبل المواجهة العسكرية الكبيرة بين الفرقاء التي يخشاها الجميع، والتي قد تدخل البلاد في حرب واسعة، إذا فشلت المساعي السياسية. وتسعى الدول العربية الثلاث المجاورة لليبيا، تونسوالجزائر ومصر، إلى إيجاد مخرج للمأزق الليبي، الذي تعاني هذه الدول تبعاته، وقال بيان لوزارة الخارجية الجزائرية إن وزير الشؤون العربية والإفريقية، عبد القادر مساهل، بحث مع وفد من مجلس النواب الليبي في الجزائر العاصمة آليات تسريع الحوار الليبي-الليبي. كما زار رئيس مجلس النواب الليبي تونس في اليومين الماضين، وقال إن ليبيا تريد من تونس الوقوف إلى جانبها لمنع التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، مثمّنا الدور التونسي والمحاولات القائمة لحل الأزمة الليبية، وأكد أن بلاده مستعدة للتعامل مع جميع الأطراف "شرط المحافظة على كرامة ليبيا ووحدة أراضيها واستقلالها"، متابعا "ليبيا لا تريد أن تكون دولة تابعة لأحد أو تحت وصاية أي أحد لأنها دولة مستقلة منذ أكثر من 65 سنة." إلى ذلك، التقي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية والمكلف بمتابعة الملف الليبي، الفريق محمود حجازي، مع رئيس المجلس الرئاسي فائز سراج؛ لبحث سبل الخروج من الأزمة الليبية والتوصل لتسوية سياسية، ووفقا لبيان اللجنة المصرية، فإن الطرفين ناقشا الأوضاع الراهنة في ليبيا والجهود المبذولة من الجانبين للتوصل إلى حلول توافقية تستند بالأساس على الإطار العام للاتفاق السياسي، وترتكز على القضايا الجوهرية للخروج من المختلقات الحالية في إطار سلسلة الاجتماعات التي استضافتها مصر"، كما أعرب السراج عن تقديره للجهود التي بذلتها مصر للإسهام في إعادة اللحمة بين أبناء الوطن، مؤكدا على دعمه لكل التحركات والجهود الأمنية الشفافة التي تقوم بها مصر. ويعتقد متابعون للشأن الليبي أن بإمكان تونسوالجزائر ومصر إقناع الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي بالتنازل لمصلحة الحوار، خاصة أن كلا من هذه الدول تملك علاقات قوية مع أحد أطراف النزاع، لكن يرى دبلوماسيون أن هناك معوقات لحل الأزمة، حيث يقول السفير رخا أحمد حسن، عن دعوة الرئيس التونسي قائد السبسي بعقد لقاء ثلاثي بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس السبسي والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أن هناك اختلافا بين هذه الدول فى وجهات النظر، فبعضهم يدعم جماعة بني غازي في الشرق، وبعضهم يدعم جماعة طرابلس في الغرب. وأضاف رخا أنه لا بد من اتفاق مصر والجزائروتونس، لممارسة نوع من الإقناع وليس الضغط على الأطراف التي تؤيدها، موضحًا أن البرلمان الشرعي في ليبيا برئاسة المستشار عقيلة صالح لا تعترف بالحكومة التي ألفتها الأممالمتحدة بناء على اتفاق الصخيرات، ولذلك هناك تخوف من مواجهة عسكرية مقبلة بين الأطراف المتنازعة. وأكد أن تونس ترى أن الحكومة الليبية لا بد أن يكون بها عناصر من جماعة الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي باعتباره تيارًا رئيسيًّا في الداخل الليبي، موضحًا أن مصر ترى غير ذلك، ولذلك لا بد من التوافق بينهما.