جامعة بنها تشارك في البرنامج التدريبي للأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد    وزيرة التضامن ومحافظ جنوب سيناء يتفقدان القرية التراثية بشرم الشيخ استعدادا لافتتاحها    الجمعة الأخيرة في أكتوبر.. الغرف التجارية تستعرض استعداداتها لموسم البلاك فرايدي    فيديو.. لغة خاصة للتواصل بين عناصر كتائب القسام أثناء البحث عن جثمان أسير إسرائيلي    سفير الصين: بكين تؤكد دعمها لإقامة الدولة الفلسطينية وتثمن الجهود المصرية    تعديل موعد مباراة برشلونة وأتلتيكو في الدوري الإسباني    أحمد السيد: زيزو أفضل من تريزيجيه.. وجراديشار ليس على مستوى الأهلي    خالد مرتجي: علاقتي الخطيب قوية.. والجمعية العمومية للأهلي ستظل مصدر القوة والدعم    سوزي الأردنية تستأنف على حكم حبسها سنة الصادر من المحكمة الاقتصادية    إحالة البلوجر مداهم للمحكمة الاقتصادية بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء    مصرع سباك صعقا بالكهرباء أثناء تركيب وصلة منزلية بقنا    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    عاشور:افتتاح المتحف المصري الكبير حدث تاريخي يجسد عظمة الحضارة المصرية    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    فلسطين حاضرة في الدورة 26 من مهرجان روتردام للفيلم العربي مع "سيدة الأرض"    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    هيئة الدواء: 108 مستحضرات مغشوشة ومهربة وغير مطابقة للمواصفات في 2025    محمد شبانة: كنت سأنتقد الرابطة لو استجابت لتأجيل الدورى للمنتخب الثانى!    حماس تدعو في بيان الوسطاء والضامنين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على إسرائيل للالتزام التام بوقف إطلاق النار    بايسانوس.. فيلم وثائقي عن الشتات الفلسطيني في تشيلي بمهرجان القاهرة السينمائي    نجل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون بالأقصر: عمر والدي كان 12 عامًا وقت الاكتشاف    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاه    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    التنسيق الحضاري: توثيق 365 شارعًا بعدة محافظات ضمن مشروع حكاية شارع    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    مقاتلات بولندية تعترض طائرة استطلاع روسية فوق بحر البلطيق    رئيس اتحاد الناشرين العرب: المبادرات الثقافية طريقنا لإنقاذ صناعة الكتاب العربي    انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تنمية مهارات اللغة العربية ب7 إدارات تعليمية في المنيا    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    أبو الغيط: الإعلام العربي شريك أساسي بالتنمية ومسؤول عن صون وحدة المجتمعات    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    جامعة القناة تنظم ندوات حول الأنشطة المالية غير المصرفية للطلاب    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة المخبرين "تسرب" على نفسها
نشر في البديل يوم 31 - 12 - 2016

أعترف أني أحياناً أضبط نفسي متلبساً بسذاجة النظر إلى كثير من قرارات وإجراءات السلطة الحاكمة في مصر، ربما بسبب بقايا حسن نيةٍ لا زلت احتفظ بها في نفسي، وربما بسبب بقايا حسن ظنٍ لا زلت أحتفظ به لمن يحكموننا.!
هذا الأسبوع ومع انفجار مواسير التسريبات مجدداً وجدتني مستغرباً بسذاجة من أن يخرج علينا إعلامي أمنجي يفخر بأمنجيته ليبُخَ في وجوهنا كل هذه القاذورات وروائح العفن.
وربما كتبتُ مع الكاتبين على "الفيس بوك" أو "توتير" استنكر وأشجب وأدين وأعرب عن امتعاضي وربما "قرفي" من مثل هذا السلوك الخارج عن كل تقاليد المهنة وعن كل تقاليد المجتمع والداخل في أعلى مراتب كل تصنيف للبذاءة والانحطاط.
وقلت مع القائلين بأن دولة "المخبرين" من حيث أرادت أن تغتال سمعة البرادعي أسقطت اعتبارها وأفقدت نفسها كل احترام، وهزت أساس شرعيتها بحميرية لا تحسد عليها.
وربما تساءلت مع السائلين عما إذا كانت دولة المخبرين قد سمعت من قبل بما يعرف في التاريخ الحديث للولايات المتحدة الأمريكية باسم "فضيحة ووترجيت"، وما آلت إليه مصائر هؤلاء الذين شاركوا في تلك الفضيحة؟
ولعلي لا أجازف بالقول إن أحداً من كبار رجال دولة المخبرين قرأ أو سمع أو تعرف من قريب أو بعيد عما جرى في أمريكا بدايات عقد السبعينيات من القرن الماضي، أثناء معركة التجديد للرئاسة التي خاضها الرئيس ريتشارد نيكسون عام 1972 وهو الذي كان قد فاز على منافسه الديمقراطي هيوبرت همفري بصعوبة شديدة قبلها بأربع سنوات حيث حصل نسبة 43.5% مقابل 42%، ودفعه هذا الموقف الصعب إلى التنصت على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى ووترجيت. وفي 17 يونيو 1972 ألقي القبض على خمسة أشخاص في واشنطن بمقر الحزب الديمقراطي وهم ينصبون أجهزة تسجيل مخفية.
تفجرت أزمة سياسية هائلة بعد أن تبين أن البيت الأبيض كان قد سجل 64 مكالمة، وتوجهت أصابع الاتهام إلى الرئيس نيكسون الذي بادر إلى الاستقالة بعدما افتضح الأمر وتمت محاكمته بسبب الفضيحة، ولم ينجو منها غير بالعفو الرئاسي الذي أصدره في 8 سبتمبر 1974 الرئيس الأمريكي جيرالد فورد الذي كان نائباً لنيكسون وتولى الرئاسة خلفا له ليستكمل مدته الرئاسية.
سذاجتنا هي التي يمكن أن تصور لنا أن الأمر يمكن أن يتغير لو أن إعلاميي "دولة المخبرين" علموا بتفاصيل "الفضيحة"، وهي سذاجة متكررة منا مع كل فعل فاضح منهم، لا هم تابوا عن أفعالهم الفاضحة، ولا نحن تبنا عن سذاجتنا المفرطة.!!
كل مرة نستغرب ونتعجب أن تأتي مثل هذه الأفعال من مثل هؤلاء الناس، مع أن الطبيعي هو أن مثل هؤلاء الناس لا تأتي على أيديهم إلا مثل هذه الفظائع.!
لو أنها المرة الأولى كنا غفرنا لأنفسنا سذاجتنا، ولكنها المرة الألف بعد المرة الأولى، كل يوم لهم فضيحة وكل ليلة لهم فعل فاضح على شاشات التليفزيون.!
خلال السنوات الأخيرة مارست الدولة العميقة الكثير من الممارسات التي تخرج عن كل ما استقر التعامل به من أدبيات وقواعد وأصول، ضربت بها جميعا عرض الحائط دولة المخبرين الجدد، فرأينا برامج من نوعية "الصندوق الأسود" مملوءة بتسجيلات لأفراد وشخصيات عامة ومعروفة وشخصيات لم تكن معروفة وشهرتها وشهَّرت بها تلك التسريبات التي اجتاحت الحياة السياسية بعد قيام ثورة يناير 2011.
ولم يكن مستغرباً أن تكون التسريبات كلها في اتجاه واحد، اتجاه تصفية الاعتبار والاغتيال المعنوي لكل من عارض أو يمكن أن يعارض السلطات الحاكمة الأساسية في البلد التي احتفظت بمكانها واستعادت مكانتها بالتدريج حتى صارت هي صاحبة الكلمة في دولة ما بعد 30 يونيو 2013.
صحفيون وإعلاميون معارضون بقوا في مهب ريح التسريبات طول الوقت حتى تم التخلص منهم جميعا، وخلصت للأمنجية شاشات التلفزة وخلت للتابعين لهم ساحة الاعلام…!
سياسيون ونشطاء وشخصيات عامة جرت في مواجهتهم أكبر عملية اغتيال شخصية عبر التسريبات، وكأن دولة المخبرين العائدة أرادت أن تأخذ ثأرها من كل من تجرأوا في يوم من الأيام عليها فعادت لتصفي حساباتها القديمة معهم وكانت التسريبات هي الوسيلة الأنجع في اهدار اعتبارهم أو على الأقل تخويفهم واسكاتهم وشل قدرتهم على التأثير في المشهد السياسي، ومن ثمَّ إبعادهم خلف كثبان الفضيحة أو انزوائهم خلف جبال النسان.
حتى الرجل الذي ترك لهم الجمل بما حمل وهجر البلد وسافر إلى هجرة اختيارية ولم يعد له أي وجود فاعل على الأرض، يتعاملون معه بطريقة توحي بأنهم يخشون منه شيئاً ما لا نعرفه.!
ربما انتابهم الخوف من الظهور الإعلامي للبرادعي ومحاولته الاشتباك مجدداً مع الأحداث السياسية، أو ربما يخشون من شيء ما يتصورون أنه سوف يدلي به خلال الحوار معه على تليفزيون العربي، فبادروا إلى الهجوم الوقح خوفا مما يمكن أن يدلي به من معلومات تخص ما جرى بعد 30 يونيو في مصر وقد كان عنصراً فاعلاً في الأحداث بعدها لعدة شهور.!
النظام الذي كان في حاجة ماسة لعلاقات البرادعي وصلاته الدولية في أعقاب 3 يوليو 2013 يجد نفسه اليوم وبعد مرور ثلاث سنوات يخشى من هذه العلاقات وتلك الصلات خاصة وهو مقبل على إعادة تموضع في العلاقات مع دولة بحجم وتأثير الولايات المتحدة الأمريكية، وهو بدون شك لا يريد لأحد سواه أي قدرة على الوصول إلى آذان تلك القوى الدولية، فجاءت الرسالة العصبية الموجهة إلى البرادعي:" اغلق فمك".
وانفرد كبير المخبرين بإذاعة تسريبات صوتية للبرادعي عبر تسجيلات لاتصالاته الهاتفية، وفي غمرة تشويه السمعة الذي أرادوه ضد البرادعي نسوا أو تناسوا أن أحد هذه التسجيلات يتضمن مكالمة له مع الفريق سامي عنان أثناء توليه منصب رئيس أركان القوات المسلحة لتثبت دولة المخبرين أنها ليست فقط تسجل على نفسها ولكنها أيضا "تسرب" على نفسها.!
ولستُ في وارد الحديث عن مضمون وفحوى المكالمة المسربة فهي شأن لا يعنينا، ولكن ما يعنينا أنها أظهرت حجم التردي والفوضى السياسية والأمنية الغير مسبوقة في الدولة المصرية.
لم يدرك الذين انفردوا بهذه الفضيحة أنهم يذيعون اتصالات هاتفية لرئيس أركان الجيش المصري حال توليه منصبه، وفي غمرة فرحهم المجنون بصيدهم العفن لم يدرك الذين أفردوه بهذه الفعل الفاضح أنهم ليس فقط سجلوا لقائد كبير في الجيش بل وسربوا أيضا تلك التسجيلات لتذيعها فضائية مصرية، فأي خبل هذا، وأي استهتار وأي استكبار؟، وهو من دون شك نوعٌ من الخبل لا يجوز أن يمضي هكذا بدون تحقيق وتدقيق وحساب وعقاب.
أما موضوعات مثل التسجيل خارج إطار القانون، والعبث بخصوصية الاتصالات الهاتفية للمواطنين وعدم احترام الدستور فتلك موضوعات يثيرها المتمسكون حتى اليوم بسذاجتهم المفرطة في التعامل مع دولة المخبرين الجدد.!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.