عقد وزراء خارجية روسياوتركياوإيران، اجتماعا، أمس الثلاثاء، في العاصمة الروسية موسكو؛ لبحث تطورات الوضع في سوريا، وفي مدينة حلب بالتحديد، واتفقت الأطراف الثلاثة على مجموعة من النقاط شملت، الدعوة إلى مفاوضات سياسية ووقف موسع لإطلاق النار في سوريا من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة القائمة منذ أكثر من خمس سنوات. وتضمنت مخرجات الاجتماع ضرورة إحياء العملية السياسية ووحدة الأراضي السورية، واستعداد الدول الثلاث لوضع اتفاق بين النظام السوري وقوى المعارضة لإنهاء الأزمة بناء على وحدة الأراضي السورية، وأن تكون ممثلة للجميع ودولة علمانية ديمقراطية، بالإضافة إلى محاربة تنظيم داعش والنصرة، والتعاون في مجال الإغاثة الإنسانية، كما شمل الإعلان توسيع وقف إطلاق النار لضمان تنقل المدنيين على الأراضي السورية. النقطة المهمة في الاجتماع والتي تشكل منعطفًا للسياسة التركية، جاءت على لسان وزير خارجية روسيا، سيرجي لافروف، الذي قال في المؤتمر الصحفي، إن الإعلان المشترك يؤكد أن الدول الثلاث متفقة على أن الأولوية في سوريا تكون لمكافحة الإرهاب وليس إسقاط النظام. تراجع الموقف التركي من الأسد ليس خفيًا على أي متابع للتطورات بين أنقرةودمشق أن علاقة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنظيره السوري، بشار الأسد، كانت متميزة قبل الأزمة في سوريا، لدرجة أن بعض الأطراف السورية اشتكت من التوغل التركي الاقتصادي في سوريا، لكن بعد الأزمة في 2011، تدهورت العلاقات بين الأسد وأردوغان، وشكل الأخير رأس حربة ضد النظام السوري، وطالب مرارا وتكرارا بالإطاحة بنظام الأسد. وبعد تقارب أردوغان مع روسيا بعد اعتذاره عن إسقاط القاذفة الروسية، بدأ الرئيس التركي التراجع عن تصريحاته المعادية للنظام السوري، وبدت أكثر مرونة تجاه دمشق، وعندما حاول أردوغان مؤخرًا الرجوع إلى تصريحاته المناهضة للأسد، مثل قوله إن الهدف من دخول القوات التركية شمالي سوريا الإطاحة بالأسد، قوّمت روسيا مسار التصريحات التركية، وطالبته على الفور بتفسير تصريحاته التي تراجع عنها سريعًا فيما بعد. ووضع اجتماع الأمس، النقاط على الحروف بالنسبة للسياسة التركية تجاه دمشق، ليندرج موقف أنقرة ضمن توجه موسكووطهران؛ بضرورة إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب وليس لإسقاط النظام السوري، بل مضت تركيا إلى أبعد ذلك وطالبت أنقرة أن يمتد التعاون مع إيرانوروسيا لما بعد حلب. النقطة التي شكلت احتكاكًا بين أنقرة من جهة، وموسكووطهران من جهة أخرى، دارت حول حزب الله اللبناني، حيث دعا وزير الخارجية التركي إلى قطع الدعم عنه، معتبرا إياه ضرورة لضمان وقف إطلاق نار مستقر بسوريا، بينما لم يشاطره الموقف نظيراه الروسي والإيراني؛ حيث قال لافروف إن وجود حزب الله في سوريا شرعي، وجاء بناءً على طلب من الحكومة السورية، وقال ظريف، وعلى وجهه ابتسامة عريضة موجهة لنظيره التركي، إن طهران تحترم مواقف أنقرة، بما فيها موقفها من حزب الله، لكنه شدد على أن هذا الموقف ليس مشتركا. الموقف الأمريكي من الاجتماع يبدو أن ما قبل معركة حلب سيختلف عما بعدها؛ فروسيا أضحت الطرف الأكثر نفوذًا في الشرق الأوسط وعلى أقل تقدير في الملف السوري، فالاجتماع الثلاثي همش الدور الأمريكي في الملف السوري، وتصريحات لافروف خلال الاجتماع لا تخلو من غمز في هذا الاتجاه، حيث قال إن الإطار الثلاثي الروسي التركي الإيراني يعد الأكثر فاعلية لحل الأزمة السورية، وتحدث عن "فشل" الولاياتالمتحدة ومجموعة الدعم الدولية لسوريا، لكنه أكد في المقابل، أهمية دور الأممالمتحدة في تسوية الأزمة السورية. وحاولت الولاياتالمتحدة التهوين من شأن غيابها عن محادثات الاجتماع الثلاثي في موسكو بشأن الصراع السوري قائلة "ليس تجاهلا" لها ولا يعكس تقلص النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، واللافت أيضا عدم وجود أي طرف عربي في الاجتماع، ما يشير إلى أن الأطراف العربية غير فعالة في حل الأزمات العربية لا على مستوى الاجتماعات العالمية ولا حتى الإقليمية.