"تكذيب حديث الرئيس السيسي عن تفجير الكنسية البطرسية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عقوبته الحبس 3 سنوات". التصريح أعلاه، للنائب البرلماني "الفلتة" سابق عصره وآوانه عاطف مخاليف وكيل لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الموقر، الذي دعا في حوار فضائي إلى ضرورة اتخاذ قرارات ضد من يتهكم على حديث الرئيس على "فيس بوك"، على خلفية تشكيك عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي عن منفذ ومخططي العملية الإرهابية في الكنيسة البطرسية التي أسقطت شهداء ومصابين صباح الأحد الماضي. الأخ مخاليف ينظر إلى القذى الذي في عين المواطن، أما الخشبة التي في عين رئيسه فلا يفطن لها، يعيب على من يشككون في رواية السيسي التي افتأت فيها على أعمال سلطات التحقيق القضائية، وأعلن عن أسم "الجاني" قائلا: اللي عمل كدة شاب اسمه محمود شفيق محمد مصطفى عنده 22 سنة فجر نفسه بحزام ناسف.. احفظو الأسم ده كويس.. وقبضنا على 3 وسيدة.. الكلام ده كلام مسئول". السيسي لم يفتأت فقط على أعمال السلطة القضائية، واستبق تحقيقاتها وتدخل في عملها وأعلن من اعتبره "جاني"، بل حاصرها وغل يديها في البحث عن فاعلين آخرين محتملين. فكيف سيباشر فريق النيابة تحقيقاته بكل تجرد ورئيس الدولة حسم القضية وقدم للرأي العام "الجاني" ومعاونيه وأداة الجريمة؟.. هل يستطيع فريق النيابة العامة في حال كشفت التحقيقات عن ضلوع جناة آخرين غير شفيق ومهاب وعلا أن يكذب "الزعيم المفوض"؟. الأصل في التعاطي مع تصريحات "نور عيننا" هو التشكيك حتى يثبت العكس، فكم الوعود التي بشرنا بها "رئيس الضرورة" منذ 3 يوليو 2013، أكثر من أن تحصى، فمنذ أن دعا الفريق أول عبد الفتاح السيسي المصريين إلى تفويضه لمحاربة الإرهاب في 26 يوليو 2013، وهو يصر على أن أجهزة الدولة نجحت في معركتها ضد "أهل الشر"، رغم عدم توقف العمليات وانتقالها من سيناء إلى قلب العاصمة، ناهيك عن وعوده عن هزيمة الدولار أمام الجنيه، وتخفيض الأسعار، وتحسين أحوال البلاد والعباد. لم نعهد أيضا على الأجهزة التي نقل عنها السيسي روايته عن جريمة تفجير "البطرسية" سوى فبركة الروايات "الخايبة" خاصة في القضايا التي تشغل بال الرأي العام. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالقصص التي خرجت عن تلك الأجهزة في قضية قتل وتعذيب الباحث الإيطالي جوليو ريجيني ضربت مصداقيتها في مقتل، بدء من شاهد الزور الذي ذهب إلى النيابة العامة بصحبة ضابط في "الأمن الوطني" ليشهد بأنه شاهد مصادفة وأثناء وجوده بالقرب من القنصلية الإيطالية، "خناقة بين اتنين أجانب بيتكلموا لغة مش مفهومة"، وحين نظر خلفه لم يجدهما، لكنه سمع صوتا مرتفعا من وراء سور القنصلية. وحينما حل الشاهد آياه ضيفا على المخبر أحمد موسى على فضائية صدى البلد، أدلى بمعلومات مخالفة للقصة التى سردها فى التحقيقات الرسمية، وهو ما دعا النيابة إلى استدعائه مجددا، لتكشف زيف روايته خلال جلسة التحقيق. بعد أن افتضح كذب «قصة شاهد الزور»، أعلن «مصدر أمنى» بعدها عن تصفية تشكيل عصابى بنطاق القاهرة الجديدة، تخصص فى اختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه، مشيرا إلى أنه بتفتيش منزل شقيقة المتهم الأول في التشكيل، عثر بداخله على متعلقات ريجينى، ثم ثبت بعد ذلك زيف الرواية، وشككت النيابة العامة فيها، وكلفت فريق من أعضائها بالتحقيق في حادث تصفية المتهمين الخمسة. قبل 6 سنوات وضعت نفس الأجهزة التي يستقي منها السيسي معلوماته، المسمار الأخير في نعش نظام "المخلوع" مبارك، فبعد 23 يوما من حادث تفجير كنيسة القديسين الذي تم تنفيذه في ليلة رأس سنة 2011 قدم حبيب العادلي وزير الداخلية، خلال احتفالات عيد الشرطة، لرئيسه مبارك مظروفا أصفر، يحتوي على أسماء منفذي العملية، وفي اليوم التالي تبارت صحف القاهرة في نشر ما وصفته ب"هدية الشرطة للرئيس" و"لغز المظروف الأصفر"، و"أول صورة لمنفذ التفجير"، لنكتشف بعد الثورة أن أجهزة الأمن لم تقدم للنيابة مذكرة تحريات عن الحادث من الأساس، ودفنت قضية القديسين في مقابر "الأجهزة" حتى هذه اللحظة. إذا كان تكذيب حديث الرئيس عن منفذ تفجير الكنسية البطرسية يستوجب الحبس 3 سنوات، بحسب النائب الجهبذ مخاليف، فماذا لو ثبت مع الأيام خطأ روايته؟، ومن سيحاسب وزير الداخلية وأجهزته على التقصير؟، وهل سيحاكم "المصدر الأمني" على كل القصص "المفبركة" التي صدرها للرأي العام في عدد كبير من القضايا. [email protected]