في الوقت الذي تواجه فيه دول الخليج العربي انتقادات واسعة فيما يخص ملف حقوق الإنسان، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية أن لندن تعمل على تعزيز التعاون السياسي والعسكري مع دول الخليج، لاسيما وأن بلادها تحتاج إلى الاستثمارات الخليجية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتتوجه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، إلى البحرين هذا الأسبوع، للاجتماع مع قادة مجلس التعاون الخليجي في مسعى لفتح "صفحة جديدة" وتعزيز العلاقات بدول الشرق الأوسط مع استعداد بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، وتكون ماي أول رئيس وزراء لبريطانيا وأول زعيمة غربية تحضر قمة خليجية. وقالت ماي، في بيان قبل الاجتماع الذي سيضم قادة السعودية والكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين: "مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أنا مصممة على صياغة مستقبل لأنفسنا في العالم يتسم بالقوة والثقة"، وأضافت موجهة حديثها لقادة الخليج: "هناك الكثير الذي يمكننا فعله معا، سواء بأن يساعد كل منا الآخر في منع الهجمات الإرهابية أو من خلال الاستثمارات الخليجية في المدن البريطانية أو مساعدة الدول الخليجية في تحقيق رؤيتها الإصلاحية بعيدة المدى." ورغم اعترافها بأن سجلات دول الخليج مثيرة للجدل في مجال حقوق الإنسان، بقولها إن "البعض سوف يجادل بأن على بريطانيا أن لا توثق علاقاتها بالدول التي لديها جدل في الملف الحقوقي"، فإنها تغاضت عن ذلك، وأكدت أن السبيل للمساعدة في مجال حقوق الإنسان هو التواصل "مع هذه البلدان والعمل معها لتشجيع ودعم خططها للإصلاح، لذا يحدوني الأمل في أن تسهم زيارتي في الإسراع في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين المملكة المتحدة والخليج"، مضيفة "نحن لا نريد الالتزام بمبادئنا وقيمنا الإنسانية بإدارة ظهورنا إلى المشكلة". دائمًا ما كانت بريطانيا تركز على ملف حقوق الإنسان خاصة في السعودية والبحرين، إذ دعا عدد من النواب البريطانيين إلى وقف إمداد الرياض بالأسلحة البريطانية بسبب استخدامها في الحرب ضد اليمن، وقالت صحيفة الإندبندنت في سبتمبر الماضي إن عددا من نواب مجلس العموم البريطاني طالبوا الحكومة بوقف بيع الأسلحة للسعودية، وأضافت: يجب على بريطانيا وقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية بعد أن تبين أنها ترتكب جرائم في اليمن، مضيفة أن عددا من النواب في مجلس العموم البريطاني، على ما يبدو، قدموا تقريرا تم تسريبه، مطالبين بوضع ضوابط حول تصدير الأسلحة. بعض المحللن يشيرون إلى أن رئيسة الوزراء تيرزا ماي، يهمها الوضع الاقتصادي أكثر من أي شيء، خاصة في ظل الإحراج الذي ستواجهه إذا ما فشلت في مهامها الاقتصادية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في السياق نفسه، أشارت تحليلات لاقتصاديين بريطانين، إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيعود بالفائدة على دول الخليج، بسبب سعي بريطانيا لكسب ود المستثمرين الخليجيين، وقالت شركة "مجموعة سيلكت بروبرتي" العقارية التي تنشط في كثير من الأسواق الأوروبية والخليجية، في دراسة لها نشرها موقع سي إن إن: "إن خروج بريطانيا سيمثل "فرصة العمر" للمستثمرين العقاريين من الخليج، للاستحواذ على أصول في بريطانيا، خاصة مع خسارة الجنيه الاسترليني كثيرا من قيمته". وأفاد تقرير صادر عن مركز "تشاتام هاوس"، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيعني تراجع الاهتمام اللندني بعملية السلام في المنطقة (في إشارة إلى الحرب باليمن)، ولكنه بالمقابل سيزيد الانشغال البريطاني بتعزيز الروابط العسكرية والتجارية مع الخليج والتي تصل قيمتها إلى 18 مليار دولار من الصادرات سنويا، ويؤكد أمجد طه، الباحث السياسي والمسؤول الإقليمي للمركز البريطاني للأبحاث والدراسات، أن بريطانيا الآن مستقلة عن الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أنها ستذهب إلى بعيد، وقد تفتح سوقا خليجيةً بريطانية. وعبر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الأحد الماضي، لنظيره السعودي، عن قلقه من مشاركة الرياض بالحرب الأهلية في اليمن وسط مزاعم باستهداف مدنيين، بينما أكد له، في الوقت نفسه، أنه لا يعتقد "أن الأمر تجاوز السقف المسموح به بحيث يستدعي تجميد بيع أسلحة بريطانية للسعودية".