تشهد زراعة قصب السكر تراجعا بسبب تعدد أزمات المحصول ومشكلات المزارعين، وتراجعت المساحة المنزرعة إلى ما يقرب من 130 ألف فدان بعد أن كانت تتجاوز 200 ألف فدان في تسعينات القرن الماضي، رغم أهمية القصب كمحصول متنوع الاستخدامات، ورغم تعدد الصناعات القائمة عليه وعلى رأسها السكر، إلى جانب العسل والمولاس والخشب الحبيبيي. وتتمثل المشكلة الرئيسية التي دفعت المزارعين للعزوف عن زراعة القصب في أزمة التوريد للمصانع وتأخير منح المزارعين مستحقاتهم المالية، إلى جانب ارتفاع تكلفة الزراعة وزيادة يومية العمال، فضلا عن زيادة تكلفة الحصاد ونقل المحصول، ومشكلات الري. قال يوسف محمد، أحد المزارعين بمركز ملوي، إن زرعة القصب تعد من الزراعات الصعبة، إذ يقابل الفلاح العديد من المشكلات، أبرزها العمالة الكثيرة وارتفاع يومية العمال الذين لا غنى عنهم لمتابعة المحصول وتقطيع الحشائش الضارة التي تهجم عليه، وصولا لعمليات الري، والحصاد والنقل إلى المصانع أو المعاصر، وكل تلك الخطوات تتكبد مصروفات طائلة. وأضاف ل"البديل": بالرغم من أن إنتاجية الفدان الواحد تقارب الخمسين طنا من القصب، فإن أرباح الفلاحين نهاية الموسم قليلة جدًا، واستنكر ما يقوم به مصنع السكر كل عام من تأخير صرف مستحقات المزارعين لمدد تتراوح بين الثلاثة والخمسة أشهر، ما يدفعهم لتوريد المحصول للتجار والمعاصر بأثمان أقل من المصنع لاحتياجهم للحصول على المال بشكل أسرع. لم يختلف رأي أحمد حسن، أحد العاملين في زراعة القصب بمنطقة "أم تسعة" بملوي، عن سابقه، الذي قال إن زراعة المحصول تبدأ في شهر يونيو وتنتهي في يناير، وتوجد أنواع أخرى خريفية تزرع في شهر سبتمبر، موضحا أن أكثر المشاكل التي تقابل الفلاحين هي نقص المياه الذي يستمر لعدة أسابيع من حين لآخر، إضافة إلى رتفاع سعر السولار بعد قرارات زيادة أسعار الوقود، مما تسبب في أزمات كثيرة تضر بالفلاح وتجعله يتعجل أقرب فرصة لبيع محصوله واستلام نقوده، مؤكدا أنه لا يوجد من ينجز تلك الأمور إلا العصارات التي تحول القصب إلى عسل أسود. وأضاف: ثمن محصول الفدان الواحد في عصارات القصب يتراوح بين 18 و20 ألف جنيه كحد أقصى، وهذا أقل بكثير من ثمنه في المصانع التي تشتري المحصول بزيادة تصل ل5 آلاف جنيه تقريبا، ولكن حاجة الفلاح للمال تجعله لا يحتمل الانتظار الطويل حتى تسدد له المصانع مستحقاته. وقال عماد عبيد، رئيس اتحاد الفلاحين ل"البديل" إن الفلاح أوشك على الانفجار، فما بين غلاء وأزمات لا يجد ما يتبقى له هو وأبناؤه، ويعوضه عن شقاء الشهور من أجل توفير تلك السلعة الاستراتيجية للوطن. وأوضح عبيد، أن الحل الحقيقي للخروج من الأزمات العديدة التي يعاني منها الفلاحون تتلخص في عودة الدورة الزراعية، وهو ما سينعكس على توفير المحاصيل بكافة أنواعها بمحافظات الجمهورية بدلا من استيرادها، ووضع خطة لاستلام المحاصيل من الفلاحين وسرعة منحهم مستحقاتهم، وناشد الحكومة العمل على حل هذه المشكلة.