بعد أيام من تطبيع تركيا علاقاتها الرسمية مع إسرائيل وتبادل السفراء بين الطرفين، كان متوقعًا أن تمتد اليد الصهيونية إلى حلفاء تركيا أيضًا، وعلى رأسهم أذربيجان التي تدعمها أنقرة في أزمتها مع أرمينيا المدعومة من روسيا، لكن العلاقات بين أذربيجان وإسرائيل لم تكن وليدة المصالحة بين تل أبيب وأنقرة، لكنها علاقات تاريخية تعززها المصالح السياسية والاقتصادية والتجارية بين الطرفين. نقلت وكالة الأنباء الأذربيجانية "إيه بي إيه"، عن مصدر دبلوماسي، أنه في 13 ديسمبر المقبل سيقوم رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، بزيارة رسمية لأذربيجان، لتكون أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي لأذربيجان، تؤكد تعزيز العلاقات بين الطرفين، وتأتي بعد شهر تقريبًا من تعزيز العلاقات التركية الإسرائيلية، ودعوة الرئيس التركي لفتح صفحة جديدة مع الاحتلال. أذربيجان وإسرائيل.. توافق مصالح لا شك في أن العلاقات بين تل أبيب وباكو هي علاقات وثيقة في العديد من المجالات وعلى رأسها العسكرية، حيث بدأت العلاقات بين الطرفين فور إعلان أذربيجان استقلالها عقب تفكك الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991، وهذه العلاقات أخذت تتطور وتتنامى شيئًا فشيئًا حتى وصول الرئيس، إلهام علييف، إلى منصبه في عام 2003، الذي أخذت العلاقات في عهده شكلًا جديدًا أكثر سرعه في التقارب نحو الكيان الصهيوني، حيث يرى "علييف" في إسرائيل حليفًا استراتيجيًّا، لتصبح أذربيجان الدولة المسلمة الأكثر قربًا من إسرائيل في شمال منطقة الشرق الأوسط. الأزمة بين أذربيجانوأرمينيا حول السيطرة على إقليم قره باغ المتنازع عليه بينهما عمّقت هذا التحالف بين الطرفين، حيث بدأت تل أبيب كعادتها الاصطياد في المياه العكرة، وذلك من خلال إمداد باكو بالأسلحة والعتاد والوسائل القتالية لتسليح الجيش الأذربيجاني في مواجهة نظيره الأرميني، حيث ترى إسرائيل مكسبها في دعم أذربيجان على حساب أرمينيا من الناحية السياسية والاقتصادية، وهو ما يمكن أن تقبض ثمنه فيما بعد، فلأذربيجان العديد من المميزات الاستراتيجية التي تجعلها تتفوق على أرمينيا، أهمها أن جيشها يعد أقوى بكثير وأكثر جاهزية من الجيش الأرميني، وذلك على عكس أرمينيا التي تقوم على مساحة صغيرة وفقيرة، كما أن مصلحة إسرائيل تكمن في تغذية الصراع بين الطرفين الأذربيجاني والأرميني لتستمر في تزويد الأولى بالسلاح، وهو ما قدم بشأنه سفير أرمينيا في دولة الاحتلال الإسرائيلي مذكرة اعتراض وشكوى حادة اللهجة، على الدعم العسكري الذي تقدمه إسرائيل للجيش الأذري، وذكر في المذكرة أن الجيش الأذري في المواجهات الأخيرة استخدم طائرة إسرائيلية دون طيار تعرف باسم "الطائرة الانتحارية" تفجر نفسها عند الوصول للهدف. بعيدًا عن الدعم السياسي، ظهر جليًّا مدى تعزيز العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية في التبادلات التجارية التي تصل إلى مليارات الدولارات بين الطرفين بما فيها شراء النفط الأذري لمحطات الطاقة الإسرائيلية، وصفقات السلاح الإسرائيلية الأذربيجانية، فضلًا عن اللقاءات الثنائية المشتركة بينهما، والزيارات المتبادلة بين وزراء الدولتين، ففي عام 1997 اجتمع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع الرئيس آنذاك حيدر علييف، وفي عام 2009 انضم ثلاثة وزراء إسرائيليين وخمسون من رجال الأعمال إلى الرئيس شمعون بيريز، في زيارته للقاء الرئيس الحالي، إلهام علييف، كما زار وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أفيغدور ليبرمان، أذربيجان في فبراير عام 2010، وإبريل عام 2012. ماذا يريد الاحتلال من أذربيجان؟ تتمسك تل أبيب بعلاقاتها مع باكو؛ نظرًا لأن الأخيرة دولة غنية ومُصدرة للنفط، حيث تعتبر باكو مصدر النفط الأساسي للاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، خاصة بعد إنشاء أنبوب نفط يمر من جورجياوتركيا، كما أن موازنتها العسكرية السنوية كبيرة نسبيًّا، وهو ما يجعل إسرائيل ترى في أذربيجان سوقًا مهمًّا لبيع الأسلحة والمواد القتالية في آسيا بعد الهند، وتعتبرها زبونًا أساسيًّا وهامًّا للسلاح الإسرائيلي، فقد سبق أن اشترت طائرات دون طيار ونظم دفاع جوي من الاحتلال، وفي أكتوبر الماضي أفادت وسائل إعلام أذربيجانية بأن إسرائيل ستسلم باكو منظومة "القبة الحديدية" للدفاع المضاد للصواريخ في القريب العاجل. في ذات الإطار فإن أذربيجان دولة تطل على بحر قزوين ولديها حدود مع إيرانوأرمينياوروسياوجورجيا، الأمر الذي يجعل موقعها المتميز موطئ قدم مهم لها في مثلث الدول القوقازية، كما ينظر الإسرائيليون لباكو على اعتبارها حليفًا محتملًا ضد إيران، الأمر الذي يجعلها بابًا خلفيًّا لإيران، يمكن أن تستفيد به إسرائيل في أي وقت. الخبير الأمني الإسرائيلي في صحيفة معاريف، يوسي ميلمان، وصف العلاقة بين تل أبيب وباكو بأنها "علاقة غرامية"، في ظل تنامي التعاون الأمني الاستخباري بينهما، حيث يؤكد الخبير الأمني أن أذربيحان تضم قاعدة كبيرة لجهاز الموساد الإسرائيلي، تستغل قربها الجغرافي من إيران لتعقب ما يحصل داخلها من تطورات، وما يؤكد حديث "مليمان" اتهام طهران سابقًا لجارتها أزبيجان بمنح الاستخبارات الإسرائيلية فرصة للقيام بعمليات أمنية فيها، بما في ذلك عمليات تجسس وتنصت ومراقبة.