تتعرض العديد من الصيدليات الآن بمصر لنقص حاد في الدواء، والذي يعد منقذ الحياة للكثيرين، نظرًا للهبوط الحاد في قيمة الجنيه المصري، إلى جانب الأسعار الصارمة التي تفرضها الحكومة المصرية، والتي جعلت فكرة إنتاج أو استيراد المنتج غير مربحة. وتشمل هذه الأدوية علاجات السرطان، وكذلك أدوية أساسية مثل الأنسولين، وحبوب منع الحمل والتيتانوس. الشركات غير قادرة على رفع الأسعار فوق المستويات المحددة من وزارة الصحة، والآن تدفع الضعفين لاستيراد الأدوية والمواد الفعالة، وذكرت شركات الأدوية أنها اضطرت للتخلص التدريجي من دواء معين؛ للبقاء في سوق العمل، حيث قال سعيد إبراهيم، مدير مصنع إيبكو، واحدة من أكبر شركات الأدوية في مصر: "لسنا جمعية خيرية. لدينا مصاريف وتكاليف إنتاج، وإذا كانت الشركة لا تنظر إلى الربح، فإنها ستضطر إلى وقف الإنتاج". ما يحدث غير مريح للصيادلة أو للمرضى المصريين، ويقول علي عثمان، والذي نفد الأنسولين من صيدليته، واضطر لإبعاد ثمانية مرضى سكري من صيدليته في يوم واحد: "المرضى يسألونني: ماذا نفعل؟ نموت؟ وأنا لا أعرف ماذا أقول لهم. أنا لا أمتلك الأدوية التي يحتاجون إليها". قررت الحكومة المصرية تعويم الجنيه، في 3 نوفمبر، وبعدما كان سعر الجنيه أمام الدولار الأمريكي 8.8، قفز إلى أكثر من النصف؛ ليصل يوم الثلاثاء الماضي لحوالي 17.50. ساعد تعويم العملة الحكومة التي تعاني من ضائقة مالية، في الحصول على قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، وهنا تأمل الحكومة في فتح أبواب الاستثمار وإنعاش النمو الذي أعاقه عدم اليقين السياسي منذ ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك. ولكن نقص الدواء يضغط على حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي بالفعل تعاني من ارتفاع معدل التضخم، وفي نفس الوقت تحاول طمأنة المواطن، وأنها ستعمل على حمايته من أسوأ آثار الإصلاحات الاقتصادية. يهيمن نقص الدواء على حديث البرامج التليفزيونية الشعبية، حيث تحدث الأطباء عن أن الأدوية قاربت على النفاد، والمستشفيات ترفض استقبال المرضى؛ لعدم وجود إمدادات، وتتهم وزارة الصحة المصرية بالتسبب في المشكلة، حيث الهلع لاكتناز الأدوية قبل ارتفاع أسعارها. نقص الأدوية ليس جديدًا على مصر، وبالفعل بدأ الكثير من الأدوية يختفي من الرفوف في وقت مبكر من هذا العام، حيث النقص الحاد في الدولارات بالبنوك، وهذا يعني أن شركات الأدوية لا يمكنها دفع ثمن الواردات الضرورية. سعت مصر جاهدة لكسب ما يكفي من الدولارات منذ ثورة 2011، من المستثمرين والسياح الأجانب، بعد استنفاد البنك المركزي للاحتياطات الأجنبية من العملة. وفي هذا السياق قال عادل عبد المقصود، رئيس شعبة الصيدليات بالغرفة التجارية للقاهرة، إنه لا سبيل لمعرفة الفترة التي سيغطيها مبلغ 165 مليون دولار، لأن أدوية السرطان باهظة الثمن، مشيرًا إلى أن هذا يتوقف على مدى النقص، لافتًا إلى أن المبلغ لا يكفي لحل المشكلة. الوضع في مصر يزداد سوءًا؛ لأن سوق الأدوية متعدد الجنسيات بنسبة 40%، مثل شركات نوفارتس وجلاكسو وسميث كلاين وسانوفي، والمحلي فقط 60%، وجميعها تقريبًا في أيدي القطاع الخاص، بمبيعات سنوية قدرت بنحو 50 مليار جنيه قبل التعويم. وقال أحمد العزبي، رئيس شعبة صناعة الدواء باتحاد الصناعات المصرية، إن مصر تستورد بحوالي 600 مليون دولار أدوية سنوية، وب1.8 مليار دولار مكونات نشطة للأدوية. أما المسؤولون بالشركات المتعددة الجنسيات فأعربوا عن قلقهم إزاء الوضع المتدهور، وتحدثوا مع الوزارات المصرية حول إمكانية استعادة بعض الأسعار إلى ما قبل نوفمبر، من حيث القيمة الدولارية؛ لضمان إمدادات الأدوية الأكثر أهمية. رويترز