يتخذ قانون الطواريء مكاناً مختلفاً ضمن المنظومة التشريعية المصرية، ويظل القانون السيء السمعة دون نزاع في تاريخ البلاد، لكنما تجدر التفرقة بين بين قانون الطواريء في حد ذاته، والذي يظل العمل به معطلاً طالما لا يتم تفعيله، وبين حالة الطواريء التي تُعلن في ظله ووفقاً لأحكامه، إذ يجيز هذا القانون لرئيس الدولة أن يُعلنها مؤقتاً في أنحاء البلاد كافة أو بعضها ولمدة محددة حال تعرُّض الأمن المصري أو النظام العام للخطر بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء، ثم يُنهيها فور انتهاء مدتها المُعلنة أو زوال سببها. وهو ما حدث بالفعل في الأسبوع الجاري من إصدار قرار إعلان حالة الطواريء نظراً للظروف المصرية الحالية، والذي تم جس نبض الرأي العام لها منذ ما يُقارب الثلاثة أسابيع عند إصدار قرارات التفويضات الرئاسية، في حين أن الأحداث المصرية الجارية يُمكن أن تتعامل معها أجهزة الدولة بمقتضي القوانين السارية بالفعل، بلا حاجة مُطلقاً إلي قوانين أو إجراءات استثنائية علي الإطلاق، وإنما إلي حزم واعي من الأجهزة الأمنية المنوطة أصلاً بحفظ الأمن وحماية المواطنين وأرواحهم، دون تفرقة بين أشخاصهم أو أفكارهم أو انتماءاتهم. ويمنح قانون الطواريء رئيس الجمهورية بعد إعلان حالة الطواريء سلطات واسعة يجوز اتخاذها بأمر كتابي أو شفهي، أهمها وضع قيود علي حرية الأشخاص في الإقامة أو الاجتماع أو الانتقال أو المرور في أماكن أو أوقات معينة، والقبض علي المشتبه بهم أو الخطرين علي الأمن والنظام العام واعتقالهم، والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وتكليف أي شخص بتأدية أي من تلك الأعمال، والأمر بمراقبة الرسائل أيا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكافة وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، وتحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها كلها أو بعضها، والاستيلاء علي أي منقول أو عقار، والأمر بفرض الحراسة علي الشركات والمؤسسات وكذلك تأجيل أداء الديون والالتزامات المستحقة علي ما يستولي عليه أو علي ما تفرض عليه الحراسة، وسحب التراخيص بالأسلحة أو الذخائر أو المواد القابلة للانفجار أو المفرقعات علي اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها وإغلاق مخازن الأسلحة، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة. وقي الله مصر من شرور الطواريء وقوانينها وسنينها التي طالت في القِدم وما نبتغيها في الغد! ومن توابع هذا المشهد الذي ساهمت فيه دون منازع جميع التيارات التي تزعم انتمائها لتعاليم الإسلام السمحة الغرَّاء، وليس فقط جماعة الإخوان، وإنما أهلها وعشائرها ومن والاها من المُريدين والأنصار وجميع الحركات والتيارات التي تأخذ تعاليم الدين الإسلامي القويم ستاراً لأفكارها وأغراضها!