22 يوليو 2025.. أسعار الحديد والأسمنت خلال تعاملات اليوم    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم طوباس وطمون شمالي الضفة الغربية    مصرع شخص وإصابة 3 آخرين إثر تصادم سيارتين بطريق المنيا الصحراوي الغربي    أسترازينيكا تعتزم استثمار 50 مليار دولار في أمريكا بحلول 2030    معهد تيودور بلهارس للأبحاث يواصل تقديم برنامج الزمالة المصرية    دراسة: السكريات المضافة والمحليات الصناعية تؤدي للبلوغ المبكر لدى الأطفال    5 قرارات جمهورية حاسمة ينتظرها الشارع المصري    رسميًا ..فتح باب القبول بمعهد الكوزن المصري الياباني لطلاب الإعدادية 2025    خبراء تغذية يحذرون من إعادة تسخين هذه الأطعمة في المصيف.. قد تتحول لسموم صامتة    اليوم.. فتح باب التقديم لكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد إلكترونيًا    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات حاسبات ومعلومات وذكاء اصطناعي 2024 بالدرجات (علمي علوم ورياضة)    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 22 يوليو 2025    موقع وزارة التربية والتعليم ل نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس فور اعتمادها    «أزمات في أوضة اللبس؟».. رد صريح من نجم الأهلي    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22-7-2025 بعد هبوطه ب8 بنوك    النصر يقترب من حسم صفقة مدوية، وإعلامي سعودي: أقسم بالله سيكون حديث الشارع الرياضي    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    وسيط كولومبوس ل في الجول: النادي أتم اتفاقه مع الأهلي لشراء وسام أبو علي    «الوزير» ورئيس وزراء الكويت يبحثان تحويل الوديعة الكويتية لاستثمارات في مصر    ترامب: مستعدون لشن ضربات متكررة على المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر    دموع الفراق وفرحة العودة، شاهد ماذا فعل السودانيون بعد وصولهم أسوان قبل العودة لبلادهم (فيديو وصور)    7 أيام عِجاف.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس: درجة الحرارة فوق معدلاتها الطبيعية    رانيا محمود ياسين غاضبة: «منفعلتش على أمي.. كنت بدور عليها ومش لاقياها»    العاهل الأردني يؤكد دعم المملكة لأمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها    جيش الاحتلال: صفارات الإنذار تدوي عقب رصد صاروخ يمني    أجنة على حافة الموت.. تقرير أممي يكشف مأساة الحوامل في غزة    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    يوسف معاطي يكشف سر رفض فيلم "حسن ومرقص" وهذا طلب البابا شنودة للموافقة (فيديو)    مفاجأة مدوية، محمد صلاح يتدخل لانتقال كوكا إلى الأهلي    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    مصطفى كامل يهدد محمود الليثي ورضا البحراوي بالشطب: منصبي لا يقل عن أي وزارة    إيمان العاصي تشارك في «قسمة العدل» والعرض خارج رمضان (تفاصيل)    تامر أمين ل «فشخرنجية الساحل»: التباهي بالثراء حرام شرعا ويزيد الاحتقان المجتمعي    بفرمان من ريبيرو.. تأكد رحيل 5 نجوم عن الأهلي (بالأسماء)    هي دي مصر، رجال الشرطة بأسوان يساعدون النساء وكبار السن السودانيين لتسهيل عودتهم إلى بلادهم (فيديو)    باستثناء الرومي والشيدر، ارتفاع كبير يضرب جميع أصناف الجبن بالأسواق، وصل إلى 37 جنيها    9 اختبارات تؤهلك للالتحاق بكلية الشرطة    طريقة عمل الأرز البسمتي، في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهز    موعد مباراة ألمانيا وإسبانيا في نصف نهائي أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    سيمون توجّه رسالة حاسمة لجمهورها: لن أعلّق على ما لا يستحق    كيروش تولى قيادة منتخب عربي    بحضور أكثر من 50 ألف.. مستقبل وطن ينظم مؤتمر دعم القائمة الوطنية بمجلس الشيوخ بالشرقية    وصول قطار العائدين السودانيين إلى محطة السد العالي في أسوان    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    مصرع شاب في مشاجرة بين تجار خُردة بالإسماعيلية.. والأمن يُلقي القبض على المتهم    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد من دار الإفتاء المصرية    «خاتم فرعوني» عمره 3500 سنة يُعرض للبيع في مزاد بلندن بسعر بخس    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يرحب ببيان دولي يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض الهند وقبة حرارية في القاهرة والمحافظات    وزير خارجية إيران: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكن لن نتخلى عن التخصيب    انتشال جثة ونقل مُصاب إثر سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقترحات الترميم ورهان الخارطة
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 19 - 08 - 2013

نحن مدعوون إلي جهد ينتظرنا جميعًا ويصاحبنا جميعًا علي الطريق إلي ترميم دستور 2012، وهو بالفعل دستور معيب ولكن ترميمه ليس بالمهمة المستحيلة. وهي تبدو الآن بمثابة مهمة استراتيجية بقدر ما تبدو خارطة الطريق معلقة بها، وبتعبير آخر.. فإنه إزاء تداعيات فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.. فإن ضمانات تأمين الموقف وأئتمانات دعم الخارطة تقتضيان إنجاز المهمة بنجاح وبأعلي درجات الاحترافية السياسية والدستورية ودون إقصاء.
والمهمة تأخذنا إلي ثلاثة ملفات محورية ومن حولها تدور المقترحات، والملفات تنتظم هكذا: نظام الحكم والمواد الغائبة ومواد ينبغي تعديلها بإضافة أو حذف.
والسياق يشير أولاً إلي نظام الحكم.. فهو الأسوأ في هذا الدستور ولا مثيل له في دساتير العالم، وهذا الأسوأ يدحض حجة باب نظام الحكم والذي يمثل حجر الزاوية لأي دستور.. بتناقضات تحيل الموافقة علي الدستور 'وكما أسفرت عنها نتيجة الاستفتاء' أي موافقة لا يعتد بها ومعدومة الأثر، فالذين وافقوا علي الدستور.. وافقوا علي مواد ونقيضها'!!'، وبالتالي.. صارت حجة الشرعية الدستورية بمثابة حجة عاطلة، ولا يستطيع أي محفل قانوني في العالم أن يدافع عنها أو يعتمدها.
المواد ونقيضها تتعدد وائعها في دستور 2012، وعلي سبيل المثال لا الحصر.. المادة '82' تقرر نصًا أن السلطة التشريعية تتكون من مجلس النواب ومجلس الشوري، ووفقًا للنص هكذا فإن المجلسين يباشران معًا سلطة التشريع، ولكن المادة '115' تأتي لتناقض المادة السابقة وتستبقي سلطة التشريع اختصاصًا منفردًا لمجلس النواب وحكرًا عليه فقط وبنص يقول: 'يتولي مجلس النواب سلطةالتشريع'، وبموجب النص.. لا يعود لمجلس الشوري حق في مباشرة سلطة التشريع، ثم تأتي المواد '128'، '129'، '130' لتؤكد علي ذلك.. ففي هذه المواد لا يجد المرء اختصاصًا تشريعيا واحدًا لهذا المجلس ويبقي السؤال قائمًا: الذين وافقوا علي الدستور.. وافقوا علي ماذا؟، علي المادة '82' أم علي نقيضها المادة '115'؟، لقد وافقوا علي الشيء ونقيضه وبالتالي لا يعتد بموافقتهم.
وعلي سبيل المثال أيضًا.. فالمادة '132' تنص علي أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، ثم تأتي بقية المواد لتحرمه حقه في إقالة رئيس مجلس الوزراء'!!'، بينما المادة '139' تحيل إلي الأغلبية البرلمانية حق تسمية رئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة، وهي مادة لا تعرفها إلا الدساتير البرلمانية والتي لا تصف رئيس الجمهورية بأنه رئيس للسلطة التنفيذية'!!!'، وفي النظم البرلمانية.. فإن تشكيل الأغلبية البرلمانية للحكومة لا يبدو أمرًا مرسلاً ولكنه محاط بضمانات ومن بينها الانتخابات البرلمانية المبكرة في حال عجز الحكومة عن إدارة البلاد والوفاء بالتزاماتها، ولكن وفي دستور 2012 لا يوجد نص يتحدث عن انتتخابات برلمانية مبكرة ونظمها!!، وأتساءل عن أي دستور في العالم عرف هذا التناقض في صفة رئيس الجمهورية والصلاحيات المقترنة بالصفة، وأتساءل تلازمًا عن إجابة لسؤالين:
'أ' الذين وافقوا علي الدستور.. وافقوا علي ماذا بالضبط!، علي المادة '132' التي تصف رئيس الجمهورية بأنه رئيس السلطة التنفيذية، أم علي المادة '139' التي تنفي عنه هذه الصفة؟، ومرة أخري.. فإن الموافقة علي الشيء ونقيضه يحيلها إلي موافقة لا يعتد بها ومعدومة الأثر.
'ب' ماذا يحدث لو نشب خلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.. وهو أمر محتمل وينبغي التحسب له؟، والدستور لا يعطي نهائيا أي إجابة ويفتح الباب هكذا لإشكالية سياسية قد تقود السلطة التنفيذية ومعها البلاد إلي الشلل.
وفي كل الأحوال.. فإن الضرورة وبمبرراتها علي مراجعة 'نظام الحكم' كما جاء في الدستور، فالشرعيات الدستورية لا تستند إلي دساتير تتضمن الشيء ونقيضه، وأري أن المراجعة لابد أن تحسم أمر المادة '139' بالإلغاء، فمادام الدستور ينص علي أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، فإن تسمية رئيس مجلس الوزراء والوزراء 'وإقالتهم' هو اختصاص أصيل له.. وله في ذلك أن يشاور القوي السياسية في البرلمان، ويبقي للبرلمان حق سحب الثقة من الحكومة.. فهو اختصاص أصيل له.
إلغاء المادة '139' لا يرتبط فقط بحق دستوري لرئيس الجمهورية كرئيس للسلطة التنفيذية، ولكنه يرتبط أيضًا بمواءمة سياسية في الحالة المصرية، فكل الأحزاب تفتقر إلي كوادر محترفة لإدارة الدولة وهو ما برهنت عليه بتجربة حزب الحرية والعدالة وبالتبعية فإن أي نص دستوري يوثق للأغلبية البرلمانية حق تشكيل الحكومة لن يكون سوي دعوة مفتوحة لعدم الاستقرار، فالديمقراطيات تشترط لاستقرارها وجود حكومات فاعلة وقادرة علي أداء مهامها باقتدار احترافي.
واتصالاً.. فإن أوراق ومضابط الجمعية التأسيسية تتضمن مقترحات وأفكارًا تتعلق بالموضوع 'ومن بينها مقترحي لنظام الحكم ومقترحي للإدارة المحلية والذي جري حجبه بعدما تم التصويت لصالحه، لينتهي الأمر بخلو الدستور من نظام للإدارة المحلية بعدما فشل أعضاء حزب الحرية والعدالة في تمرير مقترحهم، ومرة أخري.. فإن المقترحات والأفكار التي ساهم فيها العديد من أعضاء الجمعية وتضمنتها مضابطها وأوراقها.. هي مسودات تقبل بالمناقشة كأساس لتعديل نظام الحكم.
واطرادًا.. فالسياق يأخذنا ثانيا إلي المواد الغائبة عن الدستور، وأقترح إضافة مادة تنص علي مدنية الدولة، وإضافة فقرة في ديباجة الدستور تعريفًا بدلالة مفهوم الدولة المدنية.. باعتبارها الدولة المسئولة عن الوفاء بالتزاماتها والمساءلة في مدي وفائها بهذه الالتزامات، وأتذكر وأثناء عمل الجمعية التأسيسية أنني طرحت هذا التعريف علي الشيخ ياسر برهامي وسألته: هل تجد هذا التعريف مقبولاً لديك؟، فكانت إجابته بالموافقة ولكنه أردف قائلاً: 'ولكن ما الذي يضمن أنه إذا نص الدستور علي الدولة المدنية.. ألا يأتي آخرون ليعرفوها بطريقة مغايرة؟'، ولذلك.. فإذا كان تعريف الدولة المدنية كما طرحته مقبولاً.. فإن تضمينه في الديباجة قد يساعد علي تمرير نص بمدنية الدولة وبتوافق.
ويلحق بمدنية الدولة مادة مقترحة أخري تنص صراحة ولفظًا علي أن الدولة هي 'دولة القانون' فالنص علي سيادة القانون كما ورد في المادة '6' والمادة '74' لا يكفي وحده.. فقد يكون القانون ظالمًا أو معيبًا أو مغرضًا ولكنه يحظي بالسيادة، ولكن الأمر يبدو مختلفًا في 'دولة القانون' حيث القانون العادل هو المثل الأعلي والملهم، ومن ثم.. ينبغي حذف الفقرة التي جاءت في المادة '81' وتقول 'وتمارس الحقوق والحريات بما لا يتعارض مع المقومات الواردة في باب الدولة والمجتمع بهذا الدستور' فهي فقرة لا تتوافق مع 'دولة القانون'.. فلماذا باب الدولة والمجتمع تحديدًا؟، ولكن يتوافق مع دولة القانون أن تأتي الفقرة هكذا 'أن القوانين التي تنظم الحقوق والحريات الواردة في الدستور لا يجوز لها أن تفرغ هذه الحقوق والحريات من مضمونها ولا يجوز لها أن تقيدها بقيود تتنافي مع ما جاء في الدستور'.
وفي دولة القانون.. فإن كل مؤسسات الدولة خاضعة للرقابة القضائية، ومن ثم.. لا مجال لحديث عن رقابة سابقة وغير لاحقة للمحكمة الدستورية العليا كما جاء في المادة '177' بشأن القوانين المنظمة لمباشرة الحقوق السياسية وللانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، ولتفادي أخطاء يمكن أن تشوب مشروعات القوانين المرفوعة من السلطة التشريعية أو المقدمة من رئيس الجمهورية والحكومة، فإنني أقترح إضافة مادة تنص علي: 'كل الجهات التي لها حق اقتراح القوانين علي النحو المبين في الدستور تكون ملزمة بعرض مشروعات القوانين علي مجلس الدولة لأخذ رأيه في مدي مطابقة هذه المشروعات لمواد الدستور وفي مدي انضباط صياغتها القانونية'.
ولأننا في حديث الدولة وماهيتها والتزاماتها، فإنني اقترح إضافة مواد تفيد من ناحية بالتزام الدولة بتأمين الحقوق والحريات الواردة في الدستور من خلال مؤسساتها أو من خلال تمكين المعنيين بهذه الحقوق والحريات من وسائل الدفاع عنها، وتفيد من ناحية أخري بالتزام الدولة بحياد المؤسسات الصحفية والإعلامية المملوكة لها واستقلاليتها إزاء التوجهات السياسية لرئيس الجمهورية وللأغلبية البرلمانية، وتفيد من ناحية ثالثة بالتزام الدولة بعدم توحد جهازها المدني والإداري مع أي حزب سياسي في السلطة، وأضيف وبين قوسين.. أن الديمقراطيات التي تفرط في حيادية واحترافية الجهاز المدني والإداري لدولها.. لا تستطيع أن تراهن علي مستقبلها.
ولأنها دولة علي أرض وطن اسمه مصر، فإن إضافة مادة تنص علي أن الدولة تبدي الاحترام الكافي للمواثيق والاتفاقات الدولية هو أمر يليق بمصر ويعزز من ائتمانها الدولي والإقليمي، ولأنها دولة تتطلع للإمساك بالمستقبل وتستوعب اللحظة التي نعيشها جميعًا الآن، فإنني اقترح إضافة مادة تقرر أن الشعب المصري تربطه وحدة الدم والتاريخ والمستقبل، فلقد حان الوقت لكي نودع نهائيا أي حديث علي غير الحقيقة ثنائية عرقية تؤسس لحالة تمايز عرقي بين المسلمين والمسيحيين وتشتعل بها الفتنة الطائفية، فمن حق المرء أن يتساءل: كم مصريا مسلمًا كان أجداده من المصريين المسيحيين؟، ومن المؤكد أن الإجابة تعكس تضخم 'الكم'، واتصالاً.. فإنني اقترح إضافة مادة تنص علي أن الحيلولة دون انقسام الشعب بما يهدد وحدته هو التزام دستوري لرئيس الجمهورية ولكل مؤسسات الدولة وأن عدم مراعاة هذا الالتزام يمثل انتهاكًا للدستور، وفي متصل التداعي.. فإن إضافة تهمة 'انتهاك الدستور' إلي قائمة التهم الواردة في المادة '152' والتي يمكن توجيهها إلي رئيس الجمهورية.. تبدو ضرورية ومنطقية.
وعلي الجانب الاقتصادي والاجتماعي، فلقد غاب عن الدستور أي مادة تتعلق بعلاقات السوق.. علي الرغم من أنها تمثل إحدي حقائق الأمر الواقع، وأقترح إضافة مادة تقرر 'أن الدولة تحترم علاقات السوق في ظل ضوابط تحول دون التعارض مع الصالح العام وتحول دون الاحتكار وإلحاق الضرر بالتوازنات الاجتماعية والبيئية وتكرس منافسة عادلة تحمي حقوق صغار المنتجين والفئات الأضعف'، ومادة أخري تجيز للعاملين ومن خلال نقاباتهم إدارة مساومات جماعية مع جهات العمل من أجل تحسين شروط العمل وينظم القانون ذلك، ومادة ثالثة تعلن صراحة أن مكافحة الفقر من أولويات الدولة وأنها ملتزمة بعدم تهميش الفقراء ومساعدتهم علي تيسير تمتعهم بكافة الحقوق والحريات الواردة في الدستور.
ولقد كانت السلطة القضائية موضوعًا لجدل مداري وفي ظل تجاذباته وإكراهاته غابت بعض المواد عن الدستور، ومازالت الفرصة متاحة لاستعادتها، ولذلك فإنني أقترح إضافة مادة تنص علي أن لكل جهة قضائية موازنة سنوية مستقلة وتدرج رقمًا واحدًا في الموازنة العامة، واقترح مادة أخري تحدد سن التقاعد للقضاة بسبعين عامًا.
ولقد كان القضاء العسكري جزءًا من الجدل الدائر وأحد عناوينه البارزة، وانتهي الأمر في الدستور بإلحاقه بالفصل الخامس 'الأمن القومي والدفاع' الفرع الرابع، وعلي نحو معاكس.. فإنني اقترح أن يلحق القضاء العسكري بالسلطة القضائية ومبرراتي هي:
'أ' أن المادة '198' تضمنت الاعتراف بالقضاء العسكري، كجهة قضائية مستقلة وجري تحديد اختصاصه، ومن ثم.. فلقد صار القاضي الطبيعي لكل من يقع في ولاية اختصاصه.
'ب' إن عدم إدراج القضاء العسكري بعد الاعتراف به كجهة قضائية مستقلة ضمن السلطة القضائية يبدو منافيا لأحد المبادئ العامة والتي تقرر 'يحظر إنشاء أي قضاء استثنائي أو أي محاكم خاصة أو غير خاضعة للسلطة القضائية.
'ج' إنه وفقًا لمضابط الجمعية التأسيسية.. فلقد أبدي ممثلو القوات المسلحة استعدادهم للقبول بدرجات التقاضي واستعدادهم لإشراك القضاء العادي في هذه الدرجات، ولعل ذلك يصلح مدخلاً لتوفيق أوضاع بمنطق مرن وضمانات مقبولة.
لقد غاب القضاء العسكري عن السلطة القضائية، ولكن كان هناك شيء آخر غاب عن باب الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، غابت المجالس القومية المتخصصة، ولذلك.. فإنني اقترح مادة تستعيدها وتترك تنظيمها للقانون، فالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ليس بديلاً لها، فليس من بين اختصاصه وفي كل سوابقه في الدول التي أخذت به وسم سياسات طويلة المدي، فهو مجلس من مجالس الموائد المستديرة حيث تنتظم حولها علي سبيل المثال أطراف مشكلة اجتماعية أو اقتصادية وصولاً إلي حل أو ترتيبًا لتفاهم، ولذلك فهو يمنح بطاقة عضويته لأعضاء من السلطة التنفيذية وأعضاء من السلطة التشريعية، وليس كما جاء بالمخالفة في المادة '207' وهي مادة في حاجة إلي مراجعة.. فلقد قامت بتقديم المجلس وكأنه مجلس ثالث بجانب مجلس النواب ومجلس الشوري في مشهد من مشاهد 'خداع المرآة' فلقد كان الهدف الحقيقي للمجلس هو ترضية العمال والفلاحين بحفظ حصتهما في التمثيل داخل المجلس بنسبة 50% علي الأقل كتعويض لهما عن إلغاء الحصة في مجلسي النواب والشوري.. لا أكثر ولا أقل.
وفي باب الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية غاب أيضًا المجلس القومي لحقوق الإنسان، فمن اللافت للنظر والمثير للاستغراب.. أن المادة '80' وفي باب الحقوق والحريات تضمنت ذكرًا لهذا المجلس.. بينما جاء باب الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية خاليا من أي إشارة له '!'، واقترح إضافة مادة تلحق هذا المجلس بالأجهزة الرقابية.
ويأخذنا السياق ثالثًا إلي بعض المواد التي في حاجة إلي تعديل لتجاوز ثغرات العوار وبعضها فادح، فالمادة '1' ينبغي تعديلها بإضافة فقرة تفيد بأن أراضي الدولة لا تقبل بالمبادلة، وفي تلازم الاتساق.. فإن المادة '145' تستوجب التعديل بإضافة فقرة تنص علي أن جميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة وحدودها ينبغي عرضها علي البرلمان ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها بأغلبية الثلثين، فالمادة '1' والمادة '145' بصياغتها الواردة في الدستور تمنحان رئيس الجمهورية حقًا دستوريا في تعديل حدود الدولة منفردًا'!!!'.
رئيس الجمهورية حصل أيضًا علي حق دستوري بانتهاك مبدأ الفصل بين السلطات'!!'، فوفقًا للمادة '132' فهو رئيس السلطة التنفيذية، ووفقًا للمادة '176'.. فهو يملك اختصاصًا بتعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا'!!!'، ولذلك.. فإنني اقترح تعديل المادة '176' من خلال فقرة تقول 'يعين رئيس الجمهورية أعضاء المحكمة الدستورية العليا بناء علي اختيار الجهات القضائية وغير القضائية المعنية'، وقد يكون من الأفضل تحديد هذه الجهات القضائية وغير القضائية تحديدًا حصريا بدلاً من إحالتها للقانون بصياغة مفتوحة وغير منضبطة.. فلقد تضمنت الصياغة مقولة 'أو غيرها'!!
الحق الدستوري في انتهاك مبدأ الفصل بين السلطات لم يحظ به رئيس الجمهورية وحده ولكن خطت به أيضًا السلطة القضائية وفقًا للمادة '76' والتي تقول 'لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني'، وهكذا.. فلقد أحالت المادة إلي السلطة القضائية اختصاصًا من اختصاصات السلطة التشريعية، ففي غياب القانون يمكن للقاضي أن يقوم بدور المشرع وأن يمنح لنفسه اختصاصًا بتكييف جريمة وتحديد عقوبتها احتكامًا إلي نص دستوري'!!!'، ومن ثم.. فإنني اقترح تعديل هذه المادة بحذف ما جاء عن النص الدستوري.
وتباعًا.. فالخطوات تقودنا إلي المادة '219' والمثير للجدل والتي تتعلق بمكونات التعريف لمبادئ الشريعة الإسلامية، وفي تقديري.. فهناك خياران إزاء هذه المادة، الأول وينحاز إلي حذف المادة.. إذ ليس من المتعارف عليه أن تتضمن الدساتير مواد تعريضية لمواد أخري، والثاني وينسحب إلي تعديل المادة بإضافة 'الاجتهاد' كأحد مبادئ الشريعة الإسلامية، ثم إحالة المادة بعد تعديلها إلي ديباجة الدستور، والإضافة كما اقترحها لها ومن وجهة نظري ما يبررها، فالشريعة هي نظام قانوني.. والنظام القانوني لابد أن يكون مرنًا ومتطورًا حتي يواكب العصر، وعندما نتحدث عن المرونة والتطور.. فإننا نتحدث بالمطالبة عن الاجتهاد، ولعل الإضافة المقترحة تحل وفي تصوري تناقضًا مسكوتًا عنه بين هذه المادة والمادة '4' والتي تنص في إحدي فقراتها علي: 'يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة'، فأخذ رأي الهيئة يعني عدم وجود نص دستوري مصمت 'كنص المادة 219 بصياغتها الحالية' يقيد الرأي ويحرمه الحق في الاجتهاد الذاتي، وهكذا.. فوجود المادة '219' كان بمثابة إعلان عن تناقض مسكوت عنه مع المادة '4'، ولذا.. فإن ممثلي الأزهر في الجمعية التأسيسية كانوا يؤكدون دومًا أن المادة '219' لم تأت اقتراحًا من الأزهر ولا صلة له بها.. كما ادعي البعض.
المادة '4' تتحدث أيضًا عن استقلالية الأزهر الشريف ومسئوليته في نشر الدعوة الإسلامية في مصر والعالم، وأري أن هذه المسئولية لا تكتمل إلا بتعديل المادة بإضافة فقرة تنص علي تبعية أئمة المساجد لمشيخة الأزهر، فهذا أدعي لاضطلاعه بمسئوليته.. وهذا أدعي للحيلولة دون تسييس المساجد.
وتبقي مواد تتصل بأفق ثورة وبعمق تاريخ، وفي الأفق.. كان شعار الكرامة الإنسانية هو أحد شعارات الثورة وكان جديرًا بالتوثيق الدستوري، وجاء التوثيق في المادة '31' مبتسرًا، فنص المادة يقول 'الكرامة حق لكل إنسان، يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها'، ونلاحظ.. أن النص تحدث عن الكرامة وليس عن الكرامة الإنسانية.. وهناك فرق، ونلاحظ بالمثل أن النص وصفها بالحق المكفول ولم يرتفع بها إلي مستوي الحق الطبيعي.. وهناك فرق، فالحق المكفول ينظمه القانون ولكن الحق الطبيعي قائم بذاته، واقترح ووفاء للثورة تعديل النص إلي 'الكرامة الإنسانية حق طبيعي لكل إنسان وهي مصونة لا تمس'.
ووفاءًا للثورة أيضًا.. فإن المادة '221' ينبغي حذفها وهي المادة التي تحيل تحديد علم الدولة ونشيدها الوطني إلي القانون، وبموجب المادة.. فإن أي أغلبية برلمانية بمقدروها تغيير 'العلم والنشيد' وفقًا لإرادتها.. وهو ما لا يبدو مقبولاً، ولذا.. فإنني اقترح إضافة مادة تحدد صراحة علم الدولة ونشيدها الوطني، ووفاء للثورة.. فإنني أري أن يكون العلم هو ذات العلم الذي رفعه الشعب في الميادين والساحات بألوانه الحمراء والبيضاء والسوداء، وأن يكون النشيد الوطني هو ذات النشيد الذي ردده الشعب في الميادين والساحات.. نسيد بلادي بلادي.
وفي العمق.. فالتاريخ المصري لم يسهم فقط في الحضارة الإنسانية ولكنه كان إطلالة فجرها، وهي حقيقة جديرة بالتأصيل دستوريا، واقترح تعديل المادة '20' بإضافة فقرة تنص علي أن الآثار المصرية هي تراث إنساني، والفقرة لا تكاشف بحقيقة فقط، ولكنها تؤسس لالتزامات أيضًا.. التزامات المجتمع الدولي إزاء هذه الآثار في مواجهة أي خطر يهددها أو اعتداء عليها، والتزامات السلطة الحاكمة في الداخل المصري أيا ما كانت في تأمين الحماية لهذه الآثار وعدم إساءة استغلالها، وعلينا ألا ننسي.. أن هناك من هدد بهدمها.. وهناك من عرضها للتأجير، ومن قبلهما كان هناك من قاموا بتهريبها.
وبعد.. فالكثير من المقترحات التي حملتها السطور السابقة.. تضمنتها مذكرات رفعتها إلي السيد المستشار رئيس الجمعية التأسيسية ومكتوبة بخط يدي، وكان ذلك إبان عضويتي في الجمعية وقبل استقالتي منها.. والمذكرات ضمن أوراق الجمعية، ولكن للأسف كان هناك وفي الغرف المغلقة من يصر علي الدفع بالقطار بعيدًا عن القضبان.. لينتهي الأمر بدستور معيب، وأثق أن بعض الوقت مازال متاحًا والكثير من الجهد مازال مطلوبًا وممكنًا لترميمه.. وأتمني أن نستطيع، فالمهمة ليست مستحيلة ولكنها استراتيجية ومعلق بها الكثير من الرهانات علي خارطة الطريق وسط تداعيات الموقف الراهن وملابساته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.