تمر في الخامس عشر من فبراير الجاري الذكري المئوية لميلاد شاعر الألف أغنية أو «جواهرجي الكلمة».. مرسي جميل عزيز (1921-1980م)، وهو أحد أهم أعمدة الشعر الغنائي الأفذاذ ممن شكَّلوا وجدان الجماهير طوال العقود الماضية، فكلنا نردد كلمات أغانيه عبر أصوات كبار مطربينا، متماهين مع معاني كلماته الرقيقة التي تخترق القلوب حتي باتت شعارًا للعشاق مثل: «ونقول للشمس تعالي بعد سنة.. مش قبل سنة.. دي ليلة حب حلوة.. بألف ليلة وليلة، بكل العمر.. هوّ العمر إيه غير ليلة زي الليلة»، وغيرها من عشرات الأغاني التي بقيت في الأفئدة علي مدار الزمن. في الزقازيق، كان ميلاد مرسي لأب كان تاجرًا للفاكهة، فامتهن مهنته لعدة سنوات، ولكن الفن والإبداع أخذه وتملَّك منه، فواصل دراسته، والتهم عيون الشعر العربي حيث حفظ المعلقات السبع وغيرها من الأشعار الرائعة، كما حفظ القرآن الكريم منذ الصغر، ففصحت لغته واستقامت، وهو ما ظهر جليًا في تنوُّع مواهبه ما بين: الشعر الغنائي، والقصة القصيرة، وسيناريو الأفلام، فضلًا عن مقالات الرأي بالصحف والمجلات. تنقَّل عزيز بين عمالقة الطرب كما تتنقل الفراشة بين الأزهار، فكانتِ الحصيلة ألف أغنية لم ينافسه أحد في كمِّها، وربما في كيفها أيضًا، وصدق عبد الحليم حافظ حين قال عنه يومًا: «يا بخت اللي يرضي عنه مرسي جميل عزيز»، وهو ما تجسد في ال(35) أغنية التي قدمها عزيز للعندليب كأكثر مطرب تغني بأشعاره، ومنها: يا قلبي خبي- هي دي هي- الحلو حياتي وروحي- بتلوموني ليه- حبك نار، وغيرها. ومع الست أم كلثوم، تخلص عزيز من هاجسه اللامنطقي بعدم التعاون مع«ثومة» حتي لا يُقال إنها سبب شهرته، فقدم لها ثلاثيته الرائعة: سيرة الحب، وفات الميعاد، وألف ليلة وليلة، وجميعها من تلحين الرائع بليغ حمدي. كما كان عزيز هو الشاعر المصري الوحيد الذي تعاونت معه السيدة فيروز عبر قصيدته الرائعة «سوف أحيا» من ألحان الأخوين رحباني. ولصوت فايزة أحمد العبقري، قدَّم عزيز باقة من أجمل أغانيها، مثل: يامه القمر ع الباب، ليه يا قلبي ليه، حيران، وبيت العز. ومع صوت مصر (شادية)، قدم عزيز مجموعة من أشهر أغانيها، مثل: علي عش الحب من ألحان منير مراد، وحياة عينيك من ألحان كمال الطويل. فيما كان عزيز سببًا في شهرة محرم فؤاد حين قدم له أغاني فيلمه الأول «حسن ونعيمة» مع السندريلا سعاد حسني، مثل: «الحلوة داير شباكها». يُذكر أن أغنية عبد الوهاب الشهيرة «من غير ليه»، التي غناها بنفسه رغم كِبر سنه وقتها، كتبها عزيز أساسًا للعندليب عبد الحليم حافظ، غير أن القدر لم يمهله لغنائها. رحم الله مرسي جميل عزيز.