يبدو أن زيارة رئيس الوزراء للسودان السبت الماضي، سوف تؤسس لعلاقات صحية، قائمة على تحقيق المصالح المشتركة وقادرة على الصمود والتحرك الى الامام، بعد حركة صعود وهبوط، لازمت تلك العلاقات وحرمت الشعبين من الاستفادة من مواردهما الثرية. الدكتور مصطفى مدبولي، اصطحب معه وزراء: الكهرباء والطاقة المتجددة، والموارد المائية والري، والصحة والسكان، والتجارة والصناعة، ومن تشكيل الوفد تظهر الاهمية لتك الزيارة؛ حيث اتفق الطرفان على رفع قدرات الربط الكهربائي من 70 ميجاوات الى 300 ميجا، ويعاني ابناء الشعب السوداني من انقطاع شبه دائم للكهرباء، يستمر لأيام في العاصمة الخرطوم نفسها وهو ما اضطر عددا كبيرا من السودانيين إلى الهروب بسياراتهم الى مصر، خاصة محافظة أسوان التي امتلأت شوارعها بالأخوة السودانيين، وتم مضاعفة المنح التعليمية بين البلدين وقيام مصر بتأهيل الكوادر المهنية والمستشفيات والمرافق الصحية وتمهيد السبل لاستفادة السودان من منحة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ لعلاج مليون افريقي من فيرس سي. والزيارة تضمنت أيضًا الاتفاق على إزالة العقبات امام التبادل التجاري، خاصة عبر الموانئ البرية والنهرية؛ حيث تتعرض العمليات التجارية لانتكاسات مستمرة بسبب تدخل ما يسمى بلجان المقاومة التي تعتمد على الشائعات وتنسف كل عمليات التبادل التجاري بين البلدين. وتضمنت الزيارة ايضا التأكيد على موقف البلدين في قضية سد النهضة، الخاص برفض التصرفات الإثيوبية الأحادية بملء وتشغيل السد، دون اتفاق ملزم بين الدول الثلاثة. المتابع للعلاقات المصرية- السودانية، يدهش لحجم التقلبات، التي تتجاوز أحيانا الخطوط الحمر في تلك العلاقة الأزلية بالتاريخ والجغرافيا والثقافة والدين، ولأن هذا التقلب غير طبيعي، فقد تعطل دور السودان، كسلة غذاء للامة العربية وتخلفت تجارة اللحوم التي يملك منها 150 مليون رأس، وذهبت كل معادن السودان أدراج الرياح وإلى أيدي اللصوص والمهربين، وبالمقابل فشلت مصر في العبور إلى الحداثة والتقدم والدخول الى نادي الكبار وهي اكثر الدول تأهلا لنيل عضويته بما تملكه من ثروات بشرية وعلمية هائلة. السودان بثرواته مطمع للدول الكبرى، ومنذ نجاح ثورة التغيير منذ أكثر من عام، فشل عبدالله حمدوك، في الحصول على ثمانية مليارات دولار، طلبها كمنح وقروض لإنقاذ البلاد من الانهيار وكل ما حصل عليه اقل من ملياري دولار، وهو ما يؤكد ان العالم لن يعطي السودان شيئا وأن المخرج الوحيد له هو تكامل حقيقي مع مصر لاستغلال الثروات والطاقات الهائلة لدى البلدين والتي تهدرها دوما تقلبات السياسة وألعابها. ومن الفوائد العظيمة لسد النهضة، تلك التصرفات الاثيوبية التي كشفت للأشقاء في الخرطوم أن التعويل على اديس ابابا، مجرد وهم؛ لأن صناع القرار هناك لا يثقون بأحد وهم لم يعيروا السودان اي اهتمام عندما قرروا البدء بملء السد، ولم يعلموا الخرطوم بالأمر لتفادي المخاطر على المزارعين وسد الروصيرص؛ ما أوقف كهرباء السد لعدم اخذ الاحتياطات.