ترأست الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة ورئيس الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، اليوم /الإثنين/ الاجتماع الاستثنائي "عن بعد" لوزراء الثقافة العرب والذي دعت لعقده المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسو" لمناقشة تأثيرات أزمة فيروس كورونا المستجد على القطاع الثقافي في البلدان العربية. كما ناقش الاجتماع متابعة تنفيذ قرارات الدورة الحادية والعشرين الوزراء المسؤولين عن الثقافة في الوطن العربي والتى عقدت في القاهرة في أكتوبر 2018، وذلك بحضور السفير أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ارنستو ريناتو اوتون المدير العام المساعد للثقافة باليونسكو، الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وأكدت الوزيرة أن مصر تعد من أوائل الدول التي اتخذت جميع الإجراءات الإحترازية للوقاية من فيروس كورونا حفاظا علي صحة المواطنيين وهو ما جعلنا نفكر في كيفية مساندة المجتمع ودعم حسه الفني والرقي بمستوى المنتج الثقافي الذي نقدمه لجميع الأعمار والفئات وتناولت تجربة الثقافة المصرية لاستمرار الحراك الإبداعى من خلال شبكة الإنترنت أثناء الأزمة. واستعرضت المبادرة الإلكترونية (خليك في البيت.. الثقافة بين ايديك)، والتي تهدف إلى المساهمة في حث أبناء الوطن على الالتزام بالاجراءات الوقائية؛ حفاظاً على الصحة العامة إلى جانب استمرار رسالة الثقافة فى نشر ألوان الفنون الجادة وتنمية الوعى بين أبناء المجتمع خاصة الشباب والأجيال الجديدة وجذب محبي الإبداع بمختلف صوره وذلك من خلال تقديم فعاليات ثقافية وفنية مختلفة على قناة وزارة الثقافة باليوتيوب وموقعها الاليكترونى منها الحفلات الموسيقية العربية والكلاسيكية، أفلام تسجيلية، حفلات فرق الباليه، مسرحيات للكبار والأطفال، مناقشات للكتب، تابلوهات استعراضية لفرق الفنون الشعبية، زيارات افتراضية للمتاحف الوطنية إلى جانب مجموعة ضخمة من أعمال أكثر من 50 فناناً تشكيلياً بالإضافة إلى إتاحة نخبة من الكتب من إصدارات الوزارة بصيغة PDF للتصفح والتحميل . وأوضحت أن المبادرة تشمل - أيضاً - تقديم سلسلة محاضرات ثقافية وتوعوية يقدمها نخبة من أعضاء المجلس الأعلى للثقافة والضيوف المتخصصين في شتى المجالات الثقافية أون لاين تترجم إلى لغة الإشارة لتمكين ذوى القدرات الخاصة من ضعاف السمع من متابعتها، وحرصاً على استمرار اكتشاف المواهب ودعمهم تم إطلاق المنصة الرقمية للورشة الدائمة لإعداد وتدريب الممثل ابدأ حلمك أون لاين حيث يتم بث مجموعة من المحاضرات المصورة مدتها 15 دقيقة، كما تم إطلاق العديد من المسابقات والمبادرات الإبداعية في شتي المجالات الثقافية والفكرية والمعرفية والأدبية والتي تفاعل معها ملايين الزائرين من خلال المحتوي الشامل للمواد الإبداعية المقدمة. وأكدت أنه بتحليل الأرقام وجد أن الفئة الأكثر إقبالاً من الشباب وبلغت 59% مما يعكس تأثير الثقافة فى نشر الوعى بالمجتمع. ووجهت وزيرة الثقافة، الشكر لرؤساء الوفود ورئيس ومقرر وأعضاء اللجنة الدائمة للثقافة العربية على المشاركة في هذا الإجتماع الاستثنائي للمساهمة في وضع حلول للخروج من الأزمة بثقافتنا العربية قوية شامخة وراسخة بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني. من جانبه أشار أمين عام جامعة الدول العربية السفير أحمد أبو الغيط إلى تأثر الحياة الثقافية بشكل كبير في ظل الإجراءات الاحترازية الوقائية التي اتخذتها الدول من أجل منع تفشي وباء كورونا فمع هذه الإجراءات توقفت الحياة الثقافية بشكل كامل نظراً لتعليق كافة الأنشطة والفعاليات الثقافية في كافة الدول. وأشاد أبو الغيط بكافة التدابير والمبادرات التي اتخذتها وزارات الثقافة في الدول العربية من أجل إتاحة المنتج الثقافي والتراثي عبر شبكات الانترنت ووصوله لكافة فئات المجتمع المختلفة، فقد لعبت وسائل التكنولوجيا والثورة الرقمية دوراً كبيراً في نشر الثقافة والمعرفة، وخلق جسور تواصل مع الجمهور، للتغلب على العزل الصحي الذي فرضته الأزمة. وقال إن الإنسانية تمر بمرحلة عصيبة تتطلب مزيد من التنسيق والتعاون بين كافة القطاعات من أجل دعم العمل العربي المشترك، خاصة المجال الثقافي ووضع الآليات اللازمة للتغلب على الآثار السلبية التي ستخلفها الأزمة على قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، والخروج برؤية مشتركة وخطط إستراتيجية استشرافية للمستقبل لإدارة الشأن الثقافي فى الفترة المقبلة. من ناحيته، أشار المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) الدكتور محمد ولد أعمر - في كلمته - إلى أهمية عقد هذا الاجتماع في هذه الظروف الإستثنائية التي يمر بها العالم، والذي جعل اللجنة تعقد اجتماعها عن بعد بواسطة منصة إلكترونية أتاحتها المنظمة لهذا الغرض، مؤكداً ضرورة استثمار الأوضاع الجديدة التي فرضتها هذه الأزمة بتطوير آليات العمل والتواصل عن بعد للتعلم وتعميم الفائدة واستشراف المستقبل واکتشاف سبل إدارة الشأن الثقافي أثناء الأزمات والتحسب لها قبل حدوثها. ودعا إلى الشروع في تقييم مدى تأثير الأزمة الصحية الحالية على التنوع الثقافي والتداعيات التي ستترتب عن مختلف الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول للحد من تفشي العدوى، كتأجيل الفعاليات الثقافية الكبرى وغلق المؤسسات الثقافية والمتاحف والمواقع، كما دعا الدول العربية إلى المشاركة في تأسيس المنصة الإلكترونية التفاعلية التي ستطلقها المنظمة على موقعها على شبكة الإنترنت من خلال تزويدها بالبيانات والروابط الإلكترونية للفعاليات والتظاهرات والأنشطة. بدوره، قال المدير العام المساعد للثقافة باليونسكو ارنستو ريناتو اوتون إن أزمة كورونا أثرت - بشكل مباشر - على التراث الثقافي العربي، وأوقفت مساعي الحفاظ عليه، خاصة قائمة الصون العاجل في فلسطين واليمن والعراق وغيرها، مضيفاً أن الأزمة أفرزت أيضا عثرة إقتصادية للمواقع الثقافية التى تعتمد على التمويل الذاتى. وأوضح أن حجب الخدمة الثقافية عن المجتمع يؤثر سلباً على الوعي الثقافي، مشيراً إلى تداعيات الأزمة على مختلف مجالات الحياة. وقد شهد الاجتماع - الذي حضرته الدكتورة حياة القرمازي مدير ادارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والدكتوره هبه يوسف رئيس قطاع العلاقات الثقافية الخارجيه ورئيس لجنه الثقافة بالمنظمة - استعراضاً للوضع الثقافي في البلدان العربية خلال الحجر الصحى والتحديات التي يواجهها العمل الثقافي في البلدان العربية واستشراف الفترة المقبلة وأولويات العمل الثقافي. ودعا وزراء الثقافة العرب - في توصيات أصدروها في ختام اجتماعهم الاستثنائي الذي عقدوه عن بعد - إلى الإسراع في استكمال التحوّل الرّقمي وتوظيف الذّكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتقدمة لإنتاج المحتوى الثقافي ورقمنته ودعم الصناعات الثقافية والإبداعية. وطالب المجتمعون، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) بتنظيم حملة لتجاوز حالة الرّكود التي لحقت بالفنّانين والمؤسّسات الثقافيّة نتيجة العزلة التي فرضتها أزمة كورونا بالتنسيق مع الدول العربية والمنظمات الدولية والإقليميّة ذات العلاقة، مراجعة القوانين والتشريعات العربية الخاصّة بالملكية الفكرية وحقوق المؤلف في ضوء تطورات التقنيات الرقمية الحديثة وتنوع استخداماتها ولمواجهة المخاطر والتحديات المترتبة على ترويج الصناعات الثقافية وعلى المبادرات التجارية للمنتجات الثقافية. وأكد الاجتماع أهمية الأخذ بعين الاعتبار المستجدّات الرّاهنة واستشراف التحدّيات القادمة ما بعد كورونا في مراجعة الخطّة الشّاملة للثقافة العربية التي دعت الدورة الحادية والعشرون لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي (القاهرة، 2018) إلى تحديثها وتطويرها. وأوصى الاجتماع بوضع استراتيجية عربية مُوحدة لمجابهة صُعوبات مرحلة ما بعد كورونا لتكون الثقافة جزءاً رئيسياً من الحل، مناشدا المنظمة بفتح منبر افتراضي لتمكين المُفكرين العرب من الإدلاء بآرائهم واقتراحاتهم ومُلاحظاتهم بشأن تشخيص احتياجات القطاع الثقافي وسبل النهوض به في مرحلة ما بعد كورونا، كما دعا الدول العربية إلى تمويل إنجاز دراسة تقييمية لمستوى الإنتاج الثقافي الرقمي بإشراف المنظمة وتقديم تصور برنامج تنفيذي متكامل يمتد على سنوات 2020-2023 من أجل تطوير مشاريع رقمنة المحتوى الثقافي في البلدان العربية وعرض التصور على الدورة القادمة للمؤتمر (2021). وأكد أهمية تفعيل خطة العمل للنهوض بالتصنيع الثقافي في الوطن العربي وإنشاء سوق ثقافية عربية مشتركة والتي أقرها مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي في دورته الثانية عشرة المنعقدة في الرياض يومي 21 و22 نوفمبر 2000، وتشجيع تحويل الأنشطة الثقافية ومستلزماتها إلى محتويات رقميّة. وفي ما يخص العواصم العربية للثقافة، أكد الاجتماع على قرار الدورة الحادية والعشرين للوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي (القاهرة، 2018) بخصوص استمرارية مشروع العواصم الثقافية العربية، وتعديل التسمية لتصبح "العواصم العربية للثقافة"، والاستئناس بمبادئ العقد العربي للحقّ الثقافي (2018-2027) في بلورة مشروعات العاصمة العربية للثقافة، ومُوافاة المنظمة بتقارير عن الأنشطة التي تم تنظيمها، ليتسنى في ضوء ذلك إنجاز دراسة تقييمية لهذه التجربة وآفاق تطويرها، وتأجيل تظاهرة بيت لحم عاصمة عربية للثقافة إلى سنة 2021، على أن ينعكس هذا التأجيل بتأخير مواعيد الاحتفاء بسنة واحدة بالنسبة لبقية العواصم، وتوأمة العاصمة مع القدس عاصمة دائمة للثقافة. حضر الإجتماع عن بعد وزراء وممثلون عن الثقافة من مصر، الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، الجزائر، جيبوتي، السعودية، السودان، العراق، عمان، فلسطين، جمهورية القمر المتحدة، الكويت، لبنان، ليبيا، المغرب، موريتانيا واليمن.