3 ملفات رئيسة تهدد مبادرة عقيلة صالح لحل الأزمة الليبية .............................................. تتواصل حالة الارتباك التى تتصدر المشهد العام في ليبيا؛ حيث يتداخل العسكري مع السياسي، ارتباطًا بالمعارك الميدانية الدائرة على الأرض، لاسيما على تخوم العاصمة الليبية (طرابلس) وبعض المدن الساحلية والغربية، ويرى مراقبون أن هذه الأجواء تجعل كل الخيارات مطروحة في فيما يتعلق بأفق الصراع المستمر منذ نحو 10 سنوات. في هذه الأجواء شديدة الضبابية (أمنيا، وعسكريا، وسياسيا) تجعل الإجراءات الاحترازية التى تتخذها ليبيا للتصدي لتفشي الفيروس في البلاد «مهددة»، وارتفعت حصيلة الوفيات والإصابات بالفيروس (كوفيد 19) في البلاد إلى حالتي وفاة و61 إصابة، بحسب الحصيلة الرسمية التى أعلنها المركز الوطني لمكافحة الأمراض. عسكريا، تزداد تعقيدات ما يحدث في ليبيا في ظل فشل المجتمع الدولى من منع قطروتركيا من تغذية الصراع العسكري؛ حيث حشدت تركيا آلاف المرتزقة وأجبرتهم بسياسة العصا والجزرة على النزوح من محافظة إدلب السورية إلى القتال في ليبيا (تحت إشراف قوات تركية) حتى يعزز الرئيس التركي رجب أردوغان، الوضع الميداني لعميل قطروتركيا الوفي في ليبيا، فايز السراج. وحاولت ميليشيات السراج (قوات الوفاق) الترويج الإعلامي لانتصارات على قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر؛ لكن الواقع على الأرض يؤكد أن الميليشيات المدعومة من تركياوقطر، في طرابلس تواجه وضعا صعبا، فيما تواصل أنقرة والدوحة دعمهما طمعا في الاستيلاء على حقول الطاقة الليبية (النفط والغاز) مقابل نسبة للسراج ورجاله من العائدات. تعقيدات الحل العسكري الحالي انعكس على ما يتم التوافق عليه من وقف مؤقت للقتال (تهدئة عسكرية) بين الأطراف المتحاربة، سواء التي تمت برعاية روسية في ديسمبر الماضي أو التي نصت عليها بنود مؤتمر برلين (يناير الماضي) ومن ثم يجرى تبادل السيطرة على المواقع المتاخمة للعاصمة طرابلس وبعض المدن الساحلية والإستراتيجية المحيطة بها. واضطرت هذه المعطيات رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، إلى طرح مبادرة لحل الأزمة الليبية تنتهي بإجراء انتخابات، وقال «صالح» إن مبادرته ترتكز على الحل السياسي وتقصي الحل العسكري، وتنتهي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وأوضح في كلمة إلى الليبيين بمناسبة شهر رمضان، أن «الحوار السياسي الليبي سجل فشلاً كبيراً». لكن «صالح» نبه إلى أن «البرلمان والمجلس الأعلى للدولة لن يتفقا على حل للأزمة في البلاد في ظل تعدد المصالح، وتضاربها، وأنه أمام استمرار هذا الخلاف يجب إرجاع الأمانة إلى أهلها وهو الشعب الليبي صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير مصير البلاد»، واقترح «خارطة طريق لحل الأزمة الليبية بهدف التغلب علي انسداد الوضع السياسي». وتتلخص خارطة الطريق التى يطرحها «صالح» في «تشكيل مجلس رئاسي بالتوافق أو بالتصويت بين ممثلي أقاليم ليبيا الثلاثة تحت إشراف الأممالمتحدة، يقوم بعد اعتماده بتسمية رئيس للوزراء ونواب له يمثلون الأقاليم الثلاثة، لتشكيل حكومة يتم عرضها على البرلمان لنيل الثقة ويكون رئيس الوزراء ونائباه شركاء في اعتماد قرارات مجلس الوزراء». وأوضح «صالح» أن «المجلس الرئاسي المقترح سيتولى لاحقا تشكيل لجنة من الخبراء لوضع وصياغة دستور للبلاد بالتوافق، يتم بعده تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية تنبثق عن الدستور المعتمد الذي سيحدد شكل الدولة ونظامها السياسي»، غير أن ما يطرحه عقيلة صالح لا يتوافق مع ما مخططات تركياوقطر التى ينفذها فايز السراج. كما أن تورط فايز السراج في عقد اتفاقات غير دستورية مع تركيا تسمح لها بنهب الموارد النفطية سيعرقل ما يطرحه رئيس البرلمان الليبي، كون أى حكومة وطنية ستبادر بإلغاء هذه الاتفاقيات المشبوهة التي تحاول تقنين نهب الموارد الليبية، وتتعارض مع سيادتها الوطنية في ظل التعاون العسكري المشبوه بين أردوغان والسراج. في المقابل، طالب قائد الجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، جموع الشعب الليبي إلى «الخروج لإسقاط السراج، واختيار الجهة التي يرونها مناسبة لقيادة المرحلة والقوات المسلحة ستكون الضامن بعد الله في حماية اختياراتهم»، متهما السراج ب«الخيانة وارتكاب جرائم حرب»، وأنه «السراج الذي يتفاخر بجرائم الميليشيات في صبراتة وصرمان، لن تدوم فرحته». وشدد المشير حفتر على أن «المشهد العام في ليبيا انحدر إلى أسوأ حال نتيجة لممارسات وفساد ما يسمى المجلس الرئاسي، برئاسة السراج، الذي أتى بالمستعمر التركي لاحتلال البلاد، وأن خيار الشعب الليبي هو إسقاط الاتفاق السياسي وتفويض الجيش الشرعي، كما أن السراج يتبنى جرائم ميليشيات الإرهاب في صبراتة ومصران، وسنواصل كفاحنا لتحرير طرابلس». بدوره، أعلن الاتحاد الأوربي أن حكومة أردوغان غارقة بأذرعها العسكرية والاستخباراتية في المستنقع الليبي؛ حيث نجح الجيش الوطني الليبي في أسر العشرات من عناصر المرتزقة التي أرسلها النظام التركي لمساندة ميليشيات الوفاق، برئاسة السراج، ويرى محللون أن القوى الكبرى ستظل في حالة ترقب للأوضاع الميدانية على الأرض. وتشير التحليلات التى تحاول قراءة ما يحدث من تطورات درامية على الأرض فى ليبيا وضع صورة تقريبية لطبيعية تعاطى القوى الكبرى، التى تنتظر الطرف الذي سيتمكن من حسم المعركة النهائية لمد الجسور معه؛ لكن الجميع (في الداخل والخارج) متوجس من تفاقم الأوضاع الميدانية، غير أن الأسابيع القليلة المقبلة قد تحمل مفاجآت في ما يتعلق بالأزمة.