تتزامن الاحتفالات بالعيد ال 31 لتحرير سيناء مع ما تقوم به القوات المسلحة من عمليات ضد الجماعات 'الجهادية المتطرفة' التي احتلتها في غفلة من الزمن، تأتي احتفالاتنا بذكري تحرير أرض الفيروز ومازالت دماء جنودنا الذين استشهدوا في رمضان معلقة في رقابنا جميعا، ومازلنا نعاني مرارة فقد ضباطتنا الذين تم اختطافهم في ظروف غامضة، ولازال الدم الطاهر المصري يروي رمال سيناء في معارك قواتنا مع الإرهاب.. جاءت الاحتفالات في الوقت الذي تعاني مصر كلها مرارة ما يحدث علي أرضها من شرقها لغربها، من سيناء للسلوم لبورسعيد.. والسويس والقاهرة والصعيد والإسكندرية وغيرها. ' أنا ماليش في السياسة ' ولا أعرف ماذا يعني انقلاب عسكري ولا معني التحريض عليه، لكن كل ما أعرفه إني قلقة علي مصر ' زيي زي غيري، حاسين إن مالناش ضهر يسندنا في بلدنا ' نشعر أننا نتحول شيئا فشيئا إلي أسري في وطننا، نشعر أن هناك من يسرق أرضنا ويبيع تاريخنا ويهدر دمنا ويستبيح أعراضنا وحرياتنا في بلدنا. كلما شاهدت رجال الحكم هذه الأيام اشتد خوفي وقلقي، ولا أدري متي يتوقف طريق الانحدار الذي نهوي إليه.. ورغم تقديري لكل السودانيين الجهود التي يقوم بها الجيش لحماية ارضنا وإيماني بان دوره الدفاع عن حدودنا، لكني أيضا علي يقين أن علي عاتق الجيش مسئولية حماية مصر في الداخل مما يجري علي أرضها الآن من محاولات إسقاط المؤسسات الراسخة كالقضاء والجيش والشرطة والإعلام، إنها مؤامرات للسطو علي تلك المؤسسات والهيئات بل علي البلد كلها.. لقد توقعنا بعض الثورة أن نسترد وطننا مرة أخري، لكن وجدنا أنفسنا نخرج من أسر الحزب الوطني لأسر جماعات وميليشيات متطرفة.. ربما يكون الخروج منه أصعب، وكأن ثورة لم تكن، وكأن دماء لم تهدر لتغيير نظام أعادنا للوراء مائة عام، ليأتي آخر يعيدنا إلي عصور الجاهلية! ومع كل حدث جديد يتسرب، من أيدينا الأمان، وأري أننا مهما كانت قوتنا بعد ذلك فلن يستطيع أحد السيطرة علي الأوضاع خاصة مع تدهورها وانفلاتها وكأننا دخلنا في ' متاهة ضلمة ' ليس لها باب للخروج أأمن من المؤسسة اللي وثقت فيها أنا وملايين المصريين. نعم نعول عليكم لأنكم آخر حائط صد للمصريين، لا نستطيع أن نصدق غيركم لأننا تربينا علي بطولاتكم وتضحياتكم وصدقناكم وآمنا بكم، فكنت كلما خرج إلينا أبطال أكتوبر يتحدثون عن أساطير حكايات الحرب والانتصار أزداد فخرا بأني مصرية، أردد داخلي ' أسود بلدي وجيشي مثلهم، أبناء أحمس ورمسيس ومينا وعبد الناصر والسادات، خير جنود الأرض ' وكثيرا ما كنت أقارن بين الضابط الأمريكي أو الأوروبي أو العربي وبين الضابط المصري فأجد في رجال قواتنا المسلحة شهامة وصلابة وقوة وإيمان لا تتوفر لدي ضابط أقوي دولة في العالم. ورغم هذا كله أشعر بالقلق علي وطني.. الآن أخاف.. مع كل الأحداث التي تجري يوميا كان لابد أن نشعر بالخوف والقلق.. الحديث عن تشكيل الجيش 'الحر!'، علي غرار الجيش الحر السوري، كميات الأسلحة التي تدخل البلاد والتي يتم ضبط القليل منها وهو كم هائل، فماذا عن الذي يهرب؟ ما رأيته وغيري من ميليشيات مسلحة نزلت إلي الشوارع تقتل وتغتال شباب المعارضين وتقنصهم وتخطفهم وتعذبهم ثم تلقي بهم في الطرقات.. تتداعي أمام عيني مشاهد الاقتتال في سوريا، تجبرني مشاهد الانفجارات في العراق، علي الخوف، ترتد لذاكرتي مذابح الجزائر والحرب الأهلية في لبنان والاقتتال بين فتح وحماس علي أرض فلسطين، وها نحن بين قوسين أو أدني من تلك السيناريوهات المرعبة. يا سادة كلنا خاسرون، فلا انتصار في احتراب علي أرض وطن كل يحاول اغتصابه.. أخاف، ولا أدري إلي من ألجأ بخوفي إلا إليكم.. أليس من حقي أن أخاف علي وطن ليس لي غيره، هي الارض التي أحبها وتعشقون ترابها مثلي آن لم يكن البرنامج المفضل أكثر، هي الأرض التي لا أستطيع أن أغادرها فإلي أين أهرب؟!، وإن وجدت لي منفي بعيدا، سأكون فيه كالوتد ' فوق سطح أرض بلا قيمة '.. الناس تائهون، وأنا منهم، مصر كلها تائهة، هناك من يخطط لنا ليحتلنا أرضا وبشر و.. ' احنا مالناش في السياسة ' لا ندري كيف نتصرف، وماذا علينا أن نفعل؟!. كل ما أستطيع قوله، وهو ما يريد أن يقوله ملايين المصريين الذين لم تعد لهم ثقة لا بنظام ولا بمعارضة، إننا خائفون ونبلغكم خوفنا لو كنتم لا تعلمون. في عيد تحرير أرض سيناء نطالبكم - ورصيدنا لديكم يسمح وسيظل يسمح - أن تعيدوا إلينا ليس سيناء فقط، بل أعيدوا إلينا مصر، بحق تلك الدماء التي روت تراب هذه الأرض عشقا، ذلك التراب الذي احتضن جثامين من استشهدوا فداء لها.