وفى المدينة التى تم توليدها اجتماعيًا واقتصاديًا، هناك مساحات شاسعة فى الصحراء سيتم استصلاحها وتقسيمها قطعًا من الأفدنة وتجهيزها ببعض البنية الأساسية لبعض المشروعات، مثل مزارع للمواشى والدواجن والطيور والنعام، ويتم عرضها للإيجار المنتهى بالتمليك لأبناء تلك المدينة، على أن تتم زراعة تلك الأراضى بالمحاصيل الزراعية والخضراوات والفواكه والحبوب اللازمة لسد احتياج أولاد المدينة، وأيضًا المشاركة فى الصناعات والمشروعات التجارية للمدينة الجديدة. وإلى جانب ذلك، هناك المشروعات الصغيرة الخدمية التى ستقام لخدمة أبناء المدينة، مثل الملابس والصناعات الجلدية والأوانى المنزلية والأدوات الكهربائية والمعدات الزراعية والأعلاف والسماد العضوي، حتى تصل المدينة إلى الاكتفاء الذاتى من الصناعات الوطنية، وهناك المركز التجارى للتسويق القائم على تطبيق معايير الجودة لدراسة الأسواق المحلية للمدن الأخرى والبلاد العربية والإفريقية والآسيوية والغربية تلك الأسواق. وفى داخل المدينة القديمة ستقام أسواق شركة تحيا مصر على غرار أسواق كارفور، وبداخل تلك الأسواق تكون جميع سلع واحتياجات المدينة الجديدة بكل أنواعها الزراعية والمنزلية والكهربائية من مواد غذائية وصناعية ولحوم وخضراوات وملابس وأعلاف... إلخ، كل ذلك لن يستغرق الكثير ومن خلاله حدث التوليد الجغرافى والاقتصادي، وعلى الفور نبدأ بدور الشركة فى البناء الإنسانى بالتعاون مع أجهزة الدولة المختصة التى قامت الشركة باختيار قادتها طبقًا لمعايير الثقافة البيئية والاجتماعية لكل مدينة، هنا العملية التعليمية وما تحتاجه من عوامل تغيير حقيقية للنهوض بالإنسان الذى ضربته عوامل التعرية بشدة خلال العقود الماضية، فأصبح مجردًا من ملابس الهوية المصرية وخاوى العمق الثقافى لأنشطة العمل والتعامل الاجتماعى. ففى داخل المدن القديمة هناك أملاك الدولة القديمة وهى مساحات شاسعة تم السطو عليها بالبلطجة من النفوذ القبلى وأصحاب المناصب الحكومية، يتم استرجاع تلك الأراضى لملكية الدولة ويتم تسليمها للمحافظة على أن تقوم شركة مصر بوضع الدراسات اللازمة لكيفية الاستفادة منها، عن طريق إقامة المدارس عليها والمستشفيات ودور السينما والمسارح والملاعب والمنتزهات، كل ذلك لا يتكلف شىء؛ لأن هناك أراضى كبيرة سيتم طرحها للبيع بالمزاد العلنى وبقيمة تلك الأراضى تقام تلك المشروعات والمنشآت. وهنا نقف معًا لنتعمق بالتخيل الجميل الذى رسمته تلك السطور والكلمات بأن يكون فى كل نجع وقرية ومدينة تلك المشروعات، تخيلوا المدرسة والمسرح والملعب والمنتزه، تخيلوا أولادنا وشبابنا أولاد ذلك النجع أو تلك القرية وهم يجلسون فى فصل لا تتعدى كثافته 25 طالبًا أو وهم يلعبون فى ملاعب كرة القدم أو الطائرة أو السلة أو وهم يشاهدون المسرح أو وهم يذهبون إلى أسواق تحيا مصر ويتجولون ويشترون مستلزماتهم. هنا أجزم بقوة أن مصر ستكون دولة كبيرة وقوية تستمد قوتها تلك من بناء إنسان متكامل ولديها اقتصاد متنوع شامل يحمى كل ذلك جيش من أقوى جيوش العالم. نعم أيها السادة الكرام مصر تحتاج إلى التخيل العلمى فى كيفية بنائها، وفى داخل ذلك التخيل يوجد كل ما هو غير تقليدي، وأيضًا كل ما هو سهل ممتنع غير مكلف، ولكن نحتاج فقط نظرة ورؤية خارج الصندوق البيروقراطى لهيكل الدولة الحاكم لمؤسساتها، والمتهالك والذى أصابه صدى الزمان بالصدأ وأصبح عبئًا كبيرًا على أى مجهودات تنموية فى أى اتجاه. فيلزم الرجوع للخلف قليلًا لنجد أن محمد على أقام مصر الحديثة على الزراعة بكل مشتملاتها من ثروة حيوانية ومحاصيل زراعية، والآن رحل الفلاح واغتصبت أرضه على يد نظام مبارك، وأصبحت الأرض بلا راعٍ، ضربتها أمراض التربة وتحولت محاصيلها وكل إنتاجها إلى مكون مبيد وكيميائى يرفضه الخارج، ويصيب أولاد الداخل بالأمراض مع انقراض الثروة الحيوانية وتلاشيها. مع الأخذ فى الاعتبار أن ثقافة الإنسان المصرى الزراعية هى الأعلى قيمة وجودة فى العالم لأنه موروث حضارات مدتها 7000 عام، فقد كانت حضارات وقوة مصر قديمًا على ضفاف النيل وفى الأراضى المستصلحة التى تم اقتراحها بجانب المنشآت والمشروعات سيكون الفلاح حاضرًا بشكل ثقافته ويتم استرجاع كل قوته مرة أخرى مع ثروته الحيوانية يشكل مدروس وعلمى. كل ذلك لا يحتاج إلا إلى إرادة نظام حكم تقف قليلاً وتنظر خارج دائرة أفكار رجالها، لتجد أفكارًا ومقترحات كثيرة متميزة قادرة على بناء مصر بأسرع ما يمكن، وبأقل تكلفة وأعلى جودة. لا أنكر المجهودات العظيمة التى يقوم بها النظام الحالى لبناء مصر، لكن يلزم أن نعلم أن الحالة المصرية تحتاج إلى فكر غير تقليدى يتماشى مع متطلبات حالتها.