نواجه جميعا تحدى يتعلق بالبناء المستقبلى والتقدم وخوض غمار التحديات القادمة بأدوات وآليات تحتاج إلى كثير من المراجعة واعادة النظر، وفى مقدمتها سلاح اللغة التى يتحدث ويتعلم بها اطفالنا وشبابنا، إذ أن النمو الوجدانى والعقلى السليم للطفل لا يمكن ان يتحقق إلا بلغته التى تمثل الركيزة الاساسية فى بناء جيل منتج ومبتكر قادر على أن يترك بصماته العلمية والانتاجية على الساحة الدولية. ومن هذا المنطلق، تعددت المبادرات الوطنية والاقليمية الهادفة إلى الحفاظ على اللغة العربية وحمايتها، فى ظل ما تواجهه من تحديات وقفت حاجزا بينها وبين الاجيال الجديدة فى العالم العربي، ومن أبرز هذه المبادرات "مبادرة لغتى" التى اطلقها الشيخ الدكتور سلطان بين محمد القاسمى عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة بدولة الامارات الشقيقة، تلك المبادرة الهادفة إلى تعليم اللغة العربية للاطفال والشباب بوسائل حديثة وجذابة. والحقيقة أن الحديث عن اللغة العربية وضرورة تعلمها لدى النشء والشباب بل وجعلها هى اللغة المستخدمة ليس فقط فى التعلم وإنما كذلك فى الحديث المتبادل بينهم، إنما تمثل ركيزة رئيسية لبناء الاوطان العربية والمحافظة عليها وحماية أمنها القومى. مع الاخذ فى الاعتبار أن الحفاظ على اللغة العربية فى مراحل التعليم المختلفة بدءا من الاسرة مرورا بالمدرسة وصولا إلى الجامعة لا يعنى مقاطعة اللغات الاخرى وعدم تعلمها لان هذا الامر غير منطقى وغير واقعى فى زمن العولمة والانفتاح على ثقافات الاخرين ومعارفهم، وإنما ما نعنيه هو ان تكون ثقافة هؤلاء الاطفال والشباب ثقافة قادرة على فهم ثقافات الاخرين وكيفية الاستفادة منها وهو ما لن يتحقق إلا بإتقان لغتهم ثم تعلم اللغات الاجنبية بحيث لا يصبح هؤلاء الاطفال متلقين سلبيين لثقافات الاخرين، فإتقان اللغة العربية تمكنهم من التمييز بين ما ينفعهم وما يضرهم من ثقافات الاخرين. نهاية القول إن تعلم اللغة العربية واتقانها لاطفالنا وشبابنا هى مسئولية قومية تتحملها كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية بدءا من الاسرة مرورا بالمدرسة والاعلام والجامعة وصولا إلى كافة مؤسسات الدولة التى صدرت وإن كان بشكل غير مباشرة صورة سلبية عن اللغة العربية بأنها ليست لغة العمل والوظيفة، فى حين أن تعلمها اصبح مجالا مطلوبا للعمل، فالكثير من الوظائف فى الشركات العالمية يحتاج من يتقن اللغة العربية السليمة للعمل فى مجالات عدة كالاعلام والنشر والترجمة وغيرها وذلك بهدف مخاطبة جمهور هذه الشركات مثل جوجل ومايكروسوفت وغيرها. فاللغة العربية إذا كانت الحصن الاول والركيزة الاساسية لحماية الامن القومى، فهى فى الوقت ذاته أداة مهمة لفتح آفاق عمل أمام الشباب العربى الذى يتقن لغته بشكل سليم.