فى السابع والعشرين من سبتمبر يحتفل العالم بيوم السياحة، وقد بدأ ذلك بإعلان من منظمة الأممالمتحدة عام1980 بهدف زيادة الوعى المجتمعى بأهمية السياحة ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وتطلق المنظمة كل عام شعارا للاحتفال، وشعار 2019 هو (السياحة والوظائف، مستقبل أفضل للجميع). وقد حالفنى الحظ هذا العام بحضور الاحتفال فى منطقة كتاكومب Catacombs (سراديب الموتى)، كوم الشقافة بالإسكندرية، وهى مقابر أثرية ترجع للعصر الروماني، تم اكتشافها بالصدفة فى أواخر القرن 19، حيث عثرت بعثة الحفائر عليها أثناء محاولة إنقاذ حمار سقط فى حفرة، وتبين أنها تؤدى للمدخل الرئيسى للمقابر. كان الاحتفال فرصة للقاء أصدقائى المهتمين بالشأن الأثرى والسياحي، والتعرف على آخرين لديهم الاهتمام ذاته، مجموعة من المصريين المحبين لوطنهم بحق، بلا شعارات رنانة أو هتافات مدوية. قابلت حرائر مصر الجميلات اللاتى يعملن بكل إخلاص من أجل إعلاء اسم مصر سياحيًا، وشاهدت رجالاً وشبابًا وفتيانًا يبذلون أقصى جهودهم لإظهار جمال مصر أمام زوارها. رأيت وفودًا سياحية تستمتع بجولاتها الآمنة، وفرحت كثيرًا بوعى سكان المنطقة الشعبية بكيفية معاملة السياح. أبصرت سيدة مصرية يشع وجهها بطيبة وجمال مصر، كانت تحلم بإنشاء سوق سياحى دائم بالشارع الرئيسى الرابط بين منطقتى عمود السوارى وكوم الشقافة، تصطف البازارات على جانبيه لبيع المشغولات اليدوية والمجسمات المصنوعة فى مصر، وسعت جاهدة بكل إصرار وعزيمة، فخاطبت كافة الجهات المعنية، حتى أصبح مشروع (شانزليزيه اليكس) واقعًا، وتم تدريب أهالى المنطقة على الحرف اليدوية لصنع المشغولات التقليدية والتراثية السياحية مما يحقق لهم عائدًا ماديًا كمصدر جديد للدخل، ويضفى خصوصية منفردة للبازارات بالتزامها ببيع منتجات مصرية فقط، ويساهم فى تنمية المجتمع المحلى. ولا يمكن نسيان مثابرة الأثريين الساعين منذ سنوات لضم تلك المناطق إلى قائمة التراث العالمى باليونسكو. باختصار، إنها جهود حقيقية تبذل بحب ووعى وانتماء لهذا الوطن، ولا نملك أمامها إلا الإقرار بأن مصر عظيمة ليست فقط بتاريخها وحضارتها وتراثها.. وإنما بأبنائها المخلصين عشاق هذه الأرض الطيبة. فليحيا شعب مصر الأبى الصامد أمام كل المحن، المحب لوطنه، المدافع عنه ضد كل عدوان، وتحيا مصر بحب أبنائها.