مازالت الأوبرا المصرية تقوم بدورها كقلعة للفن الراقى بتقديم الجواهر الفنية الأصيلة، والارتقاء بذوق الجمهور. مقالى اليوم عن على الحجار، وهو - كما اقول دائما - لا يحتاج إلى لقب يسبق اسمه، فهو علامة موسيقية فى تاريخ الغناء، نجم منفرد بذاته، محافظ على مكانته على مر الزمان، يجلس على عرشه بلا منازع فى مملكة لا يجرؤ غيره على اقتحام حدودها. لقد نجح فى تحقيق المعادلة الصعبة للموازنة بين الفن الاصيل والحداثة، فقدم فنًّا راقيًا مشبعًا بالعراقة وممتزجًا بروح العصر فى خليط يصعب على غيره تقديمه، واستحق الاستمرار عبر السنوات الطويلة، فقد حفر بحنجرته طريقًا مميزًا عبر رحلة كفاح شاقة بدأت عام 1977 بأغنية (على أد ما حبينا) التى يطلب الجمهور سماعها حتى يومنا هذا!! وكعادته كل عام، جاء الحجار صعيدى الأصل اسكندرانى الهوى ليصنع سيمفونية ابداع متميزة فى أوبرا الاسكندرية يؤرخ بها عشاقه أيامهم. لن أتناول تفاصيل ليلة الابداع الحجارية، لكننى أرغب فى تسليط الضوء على جزء واحد من الحفل، وهو ختامها. قرر الحجار أن يختم حفله ب(ميدلى وطنى) يعرفه كل (الحجارية) ويستعدون له، ويأخذ أحد محبيه على عاتقه مهمة شراء عدد كافٍ من الأعلام ويوزعها على الحاضرين. ومع بداية الميدلى تحول الحفل إلى كرنفال وطنى يتلألأ بألوان علم مصر، فاختلط صوت الحجار بأصوات الجماهير، عدى النهار، بسم الله، رايحين شايلين فى ايدينا سلاح، خلى السلاح صاحي، حلوة بلادى السمرا، دولا مين، أحلف بسماها وبترابها، ليتوهج الحفل بروح الوطنية المصرية. مشاعر جياشة انتابت الحضور، القلوب تكاد تنطق بحب هذا البلد، العيون تلمع بالدموع تأثرًا بعشق الوطن، مئات الحناجر تتغنى بحب مصر بتلقائية، وبساطة وحماس. لقد أشعل الحجار الحس الوطني، وجمع كل المشاعر الصادقة فى خمس دقائق، ليهتف أحد الحضور(هم دول المصريين، هى دى مصر). حقًّا، هذا هو الشعب المصرى العاشق لوطنه، وهذا هو الفنان الواعى لمسئوليته الاجتماعية. وأضم صوتى لمناشدات جمهوره، وأرجو من إدارة الأوبرا المصرية تخصيص ميعاد شهرى ثابت لحفل الحجار، ولا أتوقع سوى الاستجابة من قلعة الفن الراقي.