انا لا أكره الراقصات، ومن يعرفنى يعلم أننى أحب فن الرقص الشرقي، الفن الحقيقى بعيدا عن الحركات المبتذلة وإثارة الغرائز، الرقص كما قدمته سهير زكي، وقبلها نعيمة عاكف. فالراقصة تقدم فنا، نتفق او نختلف حوله لكنه نوع من أنواع الفنون، وحينما تتحدث الراقصة عن الرقص الشرقى أستمع إليها، وحينما ترقص أشاهد أدائها وربما أستمتع بذلك، لكني أرفض تقمصها دور اعلامي ومذيع وسياسي ومصلح اجتماعى وواعظ دينى !!! فحينما تتصدى لتقديم برنامج يتحول الأمر فى رأيى إلى (مسخرة) صاخبة وفوضى اعلامية، فمن منحها الحق أن تقتحم البيوت عبر الفضائيات لتدلى بدلوها في كافة القضايا المطروحة؟! وماذا تملك من معلومات وخبرات لتجعلها قادرة على مناقشة أو تحليل موضوعات سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية بل ودينية ايضا؟! هل الرقص الشرقي أصبح جواز مرور للحقل الاعلامي؟! أم أصبح الاعلام مرتعا بلا أي ضوابط لكل من لا مهنة له، ولكل من تجاوز عمرها أو وزنها مجال الرقص او التمثيل!! فالأمر لا يقتصر على الراقصات بل الممثلات أيضا، اللاتي اتخذن فجأة أدوار المحلل النفسي والاجتماعى والواعظ الدينى!! احداهن ترتدى الحجاب، فتبدأ فى إلقاء المواعظ والخطب على الأخريات، وتفتي في الدين، وتناقش الحلال والحرام وكأنها بارتدائها الحجاب قد أصبحت داعية!! وأخرى تخلع الحجاب، وتكرس جهودها لتبرير ذلك، مرددة أن الفن رسالة سامية، والدين يحث على العمل وليس الاحتجاب فى البيت، بل وقد تتمادى منكرة الحجاب كمظهر إسلامي!! وكلاهما تتناسى أن الحجاب أمر شخصي، تجازى كل امراة بارتدائه أو خلعه، والله وحده له حق الحساب، فكلاهما لا ترتقي للتصدي لمثل هذه الأمور، ولا يحق لها ذلك اعتمادا فقط على شهرتها أو تأثيرها على جمهورها، فالدعوة والفتوي لها أهلها الدارسين المختصين بها. أما عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية فحدث ولا حرج، لقد تحول الجميع إلى خبراء فى كافة المجالات، يصرحون بآرائهم، ويضعون الخطط الهشة المفتقدة لأية معلومات دقيقة ويتعاملون كأنها خطط استراتيجية ينبغى على القادة تنفيذها فورا بلا تردد!! واذكر هنا الكاتبة لميس جابر ورؤيتها الساخرة من مواقع التواصل الاجتماعى وبرامج التوك شو حينما تخيلت ما كان يمكن أن يحدث فى حرب اكتوبر 1973 اذا ترك الأمر للآراء ووجهات النظر، وقولها (الحمد لله اننا لحقنا نعبر قبل الفيس بوك والقنوات الفضائية). هذا يلخص الحال المزرى الذى وصل اليه الاعلام سواء التقليدى أو الجديد، لكن مازالت الشاشة التليفزيونية هى الأكثر خطورة بسبب عدد متابعيها وتأثيرها المباشر فى المشاهدين خاصة الفئات الأقل وعيا وتعليما والأميين ممن يعتمدون على التليفزيون كوسيلة للحصول على المعلومات والأفكار. فمتى ينتبه المسئولون إلى خطورة إتاحة ساعات البث الفضائي لكل من هب ودب بلا رقابة الا رقيب التحقق من نسب المشاهدة وانعكاسها علي الأرباح؟!