صدام الحضارات وإعادة ترتيب النظام العالمى هو كتاب عن حال العالم فى فترة ما بعد الحرب الباردة والتى بدأت فى عام 1991 بعد حل الاتحاد السوفيتى حيث إن مصطلح الحرب الباردة يعبر عن العلاقات التنافسية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتى والتى بدأت بعد الحرب العالمية الثانية. ونُشر هذا الكتاب عام 1996 لكاتبه صموئيل هنتنجتون وهو باحث سياسى أمريكى. يقدم هنتنجتون أطروحته الأساسية وهى أن أهم اختلاف بين الشعوب حاليًا هو اختلاف ثقافى، أى أن الحرب ليست عسكرية بل حرب ثقافية بين الحضارات المختلفة, وينقسم الكتاب إلى خمسة أجزاء يناقش فيها هنتنجتون هذه الأطروحة من جهات مختلفة. والجدير بالذكر أن مصطلح صدام الحضارات قد انتشر فى الغرب بشكل كبير بعد أحداث 11 سبتمبر تأكيدًا على أن الغرب والإسلام بينهما حرب كبيرة. الجزء الأول: عالم من الحضارات يقسم هنتنجتون العالم إلى ثمانية أجزاء وهى: (1)الحضارة السينيزية وهى الصين وفيتنام وكوريا. (2) الحضارة الهندوسية وهى تمثل أساس الحضارة الهندية. (3) الحضارة اليابانية حيث تعتبر اليابان جزءًا مميزًا عن باقى آسيا (4)الحضارة الإسلامية وهى نشأت من شبه الجزيرة العربية ثم انتشرت فى بقاع كثيرة فى العالم (5) الحضارة الغربية وهى تمثل أوروبا وأمريكا الشمالية (6) الحضارة الأورثوذكسية متمثلة فى روسيا (7) حضارة أمريكا اللاتينية متمثلة فى أمريكا الوسطى والجنوبية (8) الحضارة الإفريقية بالرغم من أن القارة الإفريقية تنقصها هوية كاملة الكاتب يحاجج أنها تعمل حاليًا على صنع هوية خاصة بها. يرفض الكاتب فكرة هيمنة الثقافة الغربية على العالم بأسره فهو يعتبر أن الثقافة الغربية ليست مستقلة عن باقى حضارات العالم، لكنها تعمل فى تناغم معهم، فهى تؤثر فيهم وتتأثر بهم. يمكن الملاءمة بين التحديث الحضارى والمحافظة على التراث عن طريق استيراد الاختراعات الحديثة من الغرب لكن مع المحافظة على القيم والمبادئ الخاصة بالدولة. على سبيل المثال فى اليابان رُفع شعار «الروح اليابانية…التكنولوجياالغربية». وفى مصر حاول «محمد على» التحديث العلمى والتكنولوجى دون «تغريب ثقافى». وحاليًا أصبحت اليابان والسعودية وغيرهما دولاً «حديثة» لكنها ليست «غربية». الجزء الثانى: الاتزان المتغير للحضارات يخصص هنتنجتون هذا الجزء ليعرض فكرتين متضادتين: إحداهما أن الغرب هو المسيطر الوحيد على الاقتصاد العالمى والبحث العلمى والتكنولوجيا بينما الفكرة الأخرى هى أن الغرب ينحدر نسبيًا. وهنتنجتون يؤيد الفكرة الثانية ويضع السبب الرئيس لهذا الاعتقاد وهو أن قوة أى دولة تعتمد على القرارات التى يتخذها من يمسكون بزمام الأمور وينقص الغرب حاليًا زعيم سياسى قوى. ومثلما الغرب أخذ فى التقدم على مدار 400 عام منذ عصر النهضة فى القرن الخامس عشر حتى وصل لأوج مجده مع بداية القرن التاسع عشر، يعتقد الكاتب أيضًا أن الغرب يحتاج مثل هذه المدة لكى ينهار. ومن ناحية أخرى، يوضح أن إبدال السياسة بالدين ما هو إلا نتيجة للتواصل المتزايد بين الثقافات المختلفة. فالبشر يحتاجون إلى مصادر جديدة لصنع هويتهم و مجتمعات أكثر هدوءًا و تعاليم أخلاقية تعطى قيمة ومعنى لوجودهم. فالدين يقدر على تلبية تلك الاحتياجات ويظهر الكاتب أن المجتمعات العربية قد أكدت هويتها الثقافية عبر التركيز والاهتمام بالجانب الديني, ويؤكد أن «وجود الإسلام حاليًا يجسد قبول الحداثة والرفض للثقافة الغربية والالتزام بالإسلام باعتباره المرشد للحياة فى العالم الحديث». الجزء الثالث: التغير الناشئ للنظام الحضارى يعرض هنتنجتون فكرة الدول الممزقة أو الدول التى ليس لها هوية، وتشمل هذه الدول تركيا ومكسيكو وأستراليا وروسيا وغيرهما. وبالنسبة لتركيا فهى دولة بلا هوية لأن عندما عمل «مصطفى كمال أتاتورك» على «تحديث» تركيا لكى يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الغربية حيث الحداثة والعلمانية، فأصبحت بذلك تركيا «مجتمعًا مسلمًا دينًا وتراثًا وعادات ومؤسسات، لكن بنخبة تصر أن تجعله مجتمعََا حديثًا وغربيًا ومنسجمًا مع الغرب». ومن ناحية أخرى، يعرض فكرة الدول المحورية وهى الدول التى تتمتع بثروات وموارد عديدة وتقع فى موقع متميز ومن أمثلة هذه الدول فرنسا وألمانيا. فى فترة ما بعد الحرب الباردة، أصبح النظام العالمى يتركز حول دول محورية قليلة. هنتنجتون يؤكد أن الدول الإسلامية تحتاج دولة «محورية» حتى تلحق بركب الحضارة الغربية. ويوجد نوعان من الدول وهما الدول الفريدة مثل اليابان لأن ثقافتها مميزة ومختلفة عن باقى الثقافات فهى لا تتضمن دينًا عالميًا (مثل المسيحية والإسلام) أو أيديولوجية (الليبرالية أو الشيوعية) أما النوع الآخر فهو الدول المنشقة وهى الدول التى تحوى عددًا كبيرًا من السكان ذوى الثقافات المختلفة، فمثلًا الهند بها أغلبية هندوسية وأقليات مسلمة ومسيحية وغيرهما. الجزء الرابع: صدام الحضارات يؤكد هنتنجتون أنه يوجد صراع مستمر بين الإسلام والغرب منذ نشأة الإسلام فى القرن السابع الميلادي، وبين عامى 1820 – 1920، حوالى 50% من الحروب «التى تضمنت ثنائيات من ذات أديان مختلفة كانت حروبًا بين مسلمين ومسيحيين» ويتوقع أنه سوف يوجد تعاون بين الدول الإسلامية والصين ضد عدو مشترك وهو الغرب. ومن جانب آخر، يستعرض هنتنجتون ثلاثة أسباب تجعل الغرب أفضل من باقى العالم حسب وجهة نظره وهى: 1- الأفضلية العسكرية للغرب 2- الترويج لقيم ومفاهيم غربية مثل حقوق الإنسان والديمقراطية 3- فرض القيود على غير الغربيين المهاجرين داخل الدول الغربية. الحرب الأفغانية السوفييتية وحرب الخليج الأولى، كما يعتقد هنتنجتون، تمثلان بداية الحروب الحضارية. كانت حرب الخليج الأولى صراعًا بين دول إسلامية حيث إنها كانت بين العراق وإيران فى خلال الفترة من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988 حيث الغرب تدخل، لذا جلبت هذه الحرب انتقادات كثيرة من قِبَل العرب. الجزء الخامس: مستقبل الحضارات يوضح هنتنجتون التحديات التى أمام الغرب حتى يظل فى الصدارة. فيجب على الحضارة الغربية أن تعمل على التعاون مع الحضارات المختلفة وأن يوجد حوار بينهم. لأن هيمنة ثقافة أو حضارة واحدة أمر مستحيل فالعالم لا بد أن يكون «متعدد الثقافات» ويؤكد الكاتب أن «اصطدام الغرب مع باقى الحضارات يمثل أكبر تهديد للسلام فى العالم» إذا ازدهر العالم العربى والاقتصاد الآسيوى سوف يؤثر ذلك سلبًا على تقدم الحضارة الغربية وسيطرتها. والمهاجرون العرب فى الغرب لهم دور مهم فى تغيير الثقافة والهوية الغربية، فهم يحملون معهم ثقافتهم وهويتهم وينصهرون داخل الثقافة الغربية. والولاياتالمتحدةالأمريكية هى أكثر دولة تواجه خطر هجرة العرب إليها.