فى الشهر الماضى كتبت مقالا بعنوان الترويج السياحى، تضمن فقرة تستنكر البيروقراطية والتعقيدات الحكومية التى تواجه الراغب فى التصوير بأحد المناطق الأثرية، والعقول الجامدة التى أصدرت تعليمات بمنع الزوار من التصوير الفوتوغرافى - بالموبايل أو بالكاميرا - داخل المواقع الأثرية وخاصة المتاحف والمقابر، وأحيانا السماح مقابل دفع رسم تصوير تزيد قيمته على ثمن تذكرة الدخول!! وفى استجابة سريعة مستنيرة، أصدر الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قرارا يسمح للزائرين بالتصوير المجانى بالهواتف المحمولة – مع عدم استخدام فلاش - داخل المناطق الاثرية وتشمل المتاحف والمعابد والمقابر الأثرية فى جميع أنحاء الجمهورية بدءًا من 1 أغسطس 2019. ولا شك أن هذا القرار قد أثلج صدر كل مهتم بالشأن السياحي، فهو دليل على فكر جديد فى سياسة الترويج للآثار المصرية وتشجيع السياحة، وبداية للتخلص من القرارات والتعليمات الروتينية التى يتخذها (ساكنو الكراسى الحكومية) بلا أى دراية بما هو كائن على أرض الواقع. إنه من المؤسف ألا يتعدى الدخل القومى من السياحة 6 مليارات دولار سنويا رغم كل ما تمتلكه مصر من حضارة وتاريخ ومقومات سياحية، فى حين أن هناك دولا أخرى يتعدى دخلها السياحى ضعف هذا الرقم رغم عدم امتلاكها إلا القليل من العناصر السياحية!! إن مصر تحتاج إلى ثورة للإطاحة بالأفكار العقيمة المتحجرة من أجل شق طريق جديد يسمح للسياحة بالخروج من شرنقة الروتين بابتكار أساليب جديدة تعيد لمصر مكانتها السياحية المفقودة. إن مصر تحتاج مسئولا واعيا كهذا المسئول الذى سمح بتصوير أعمال مثل غرام فى الكرنك (المصور عام 1976)، والفيلم البريطانى جريمة على ضفاف النيل1978، والمومياء 1969، والمسلسل الوثائقى الأمريكى The Story Of Gad الذى صور جزء منه بالاقصر 2016، وكلها روجت لمصر بلا تعمد. إن تصوير مشهد - داخل السياق الدرامى – يمكنه أن يحقق عائدا يفوق ما تحققه حملات دعاية ضخمة تتكلف الملايين، فالأساليب غير المباشرة، وغير التقليدية تتفوق على الإعلان المباشر، ونموذج الدراما التركية وقدرتها على خلق الرغبة لدى المشاهد لزيارتها يحتذى به. أتمنى أن يكون القرار خطوة أولى تتبعها خطوات أخرى تسهم فى تحقيق مستقبل سياحة أفضل لمصر.