مطروح تدرس تشغيل خط طيران مباشر إلى القاهرة لتيسير حركة المواطنين    بؤر تفجير في قلب العالم العربي ..قصف إيران للقواعد الأميركية يفضح هشاشة السيادة لدول الخليج    انتظرنا 49 عاما.. الصحف البرتغالية تحتفل بفوز بنفيكا على بايرن ميونخ    ينتظر الترجي أو تشيلسي.. موعد مباراة بنفيكا في دور ال16 بكأس العالم للأندية 2025    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    كم يسجل عيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    رسميا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    حسام بدراوي: أرفع القبعة لوزير المالية على شجاعته.. المنظومة تعاني من بيروقراطية مرعبة    اقتراب الأسهم الأمريكية من أعلى مستوياتها وتراجع أسعار النفط    الشاعر: 1410 منشأة سياحية غير مرخصة.. ولجنة مشتركة لمواجهة الكيانات غير الشرعية    «المصدر» تنشر نتيجة انتخابات مجلس إدارة البورصة المصرية 2025-2029    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    وزير الخارجية الإيراني: برنامج النووي مستمر    بايرن ميونخ يواجه فلامنجو البرازيلي فى دور ال16 بكأس العالم للأندية    البنتاجون: إيران ما زالت تتمتع بقدرات تكتيكية ملموسة    بوتين ولوكاشينكو يبحثان هاتفيا الوضع في أوكرانيا والشرق الأوسط    وصفها ترامب ب«أغبى أعضاء الكونجرس».. نائبة ديمقراطية: «لا تصب غضبك علي.. أنا فتاة حمقاء»    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    قدّاس جنائزي في البصرة على شهداء كنيسة مار إلياس – سوريا    طارق سليمان: الأهلي عانى من نرجسية بعض اللاعبين بالمونديال    أحمد حمودة: أرقام بن رمضان «غير جيدة».. وعبدالقادر أفضل من تريزيجيه وبن شرقي    «سيكون فريق مرعب».. سيد معوض يكشف احتياجات الأهلي    الزمالك يضع الرتوش الأخيرة على صفقة نجم الأهلي السابق (تفاصيل)    ميسي يعلق على تأهل فريقه للدور الثاني من مونديال الأندية    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية القليوبية 2025 الترم الثاني pdf.. رسميًا الآن    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق سيارة بطامية في الفيوم    كان بيعوم.. مصرع طالب ثانوي غرقا بنهر النيل في حلوان    أب ينهي حياة ابنه وابنته في قويسنا بالمنوفية.. والأمن يكثف جهوده لكشف غموض الواقعة    حفل غنائي ناجح للنجم تامر عاشور فى مهرجان موازين بالمغرب    فرصة مثالية لاتخاذ قرارات حاسمة.. توقعات برج الحمل اليوم 25 يونيو    التسرع سيأتي بنتائج عكسية.. برج الجدي اليوم 25 يونيو    معطيات جديدة تحتاج التحليل.. حظ برج القوس اليوم 25 يونيو    زوج ضحية حادث الدهس بحديقة التجمع عبر تليفزيون اليوم السابع: بنتي مش بتتكلم من الخضة وعايز حق عيالي    سفارتنا في بوليفيا تشارك في عدد من المعارض للترويج للمتحف المصري الكبير    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى حلوان دون إصابات    حسام بدراوي: الانتخابات كانت تُزور في عهد الرئيس الأسبق مبارك    عندما صعد ميسي ليدق أجراس ميلاده ال38.. من أحدب نوتردام إلى أسطورة الكرة    «يعقوب» و«أبوالسعد» و«المراغي» يقتنصون مقاعد الأوراق المالية بانتخابات البورصة    أسوار المصالح والمنشآت الحكومية بكفر الشيخ تتحول للوحات فنية على يد طالبات تربية نوعية (صور)    البابا تواضروس في اتصال هاتفي لبطريرك أنطاكية: نصلي من أجل ضحايا الهجوم على كنيسة سوريا    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. نتنياهو: إذا حاولت إيران إعادة بناء النووى فسندمره.. المخابرات الأمريكية: الهجمات على إيران لم تدمر المواقع النووية.. الهباش: لا استقرار فى الشرق الأوسط دون فلسطين    مينا مسعود يفاجئ الجمهور فى سينمات القاهرة للترويج لفيلمه "في عز الضهر"    رسالة أم لابنها فى الحرب    "إسرائيل وإيران أرادتا وقف الحرب بنفس القدر".. أخر تصريحات ترامب (فيديو)    ما سبب تسمية التقويم الهجري بهذا الاسم؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: الإشباع العاطفي حق أصيل للزوجة.. والحياة الزوجية لا تُبنى على الأمور المادية فقط    جوتيريش يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    الأرصاد تكشف حالة الطقس فى القاهرة والمحافظات وتُحذر من انخفاض الرؤية : «ترقبوا الطرق»    وزير الصحة يبحث مع نظيره الموريتاني سبل تعزيز التعاون في القطاع الصحي    المنوفية تجهز مذكرة لبحث تحويل أشمون العام إلى مستشفى أطفال تخصصي وتأمين صحي شامل    عملية نادرة تنقذ مريضة من كيس مائي بالمخ بمستشفى 15 مايو التخصصى    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    الإدارة العامة للمرور: ضبط (56) ألف مخالفة خلال 24 ساعة    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترتيبات لنقلها فى موكب مهيب..
المومياوات الملكية.. الرحيل إلى الفسطاط
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 05 - 2019

عبدلمقصود: المومياوات كانت تجد اهتماما يليق بها في التحرير.. ونقلها إلى الحضارة سيبقى تحت التجربة
الصناديدى: المرحلة الأولى تضم قاعة المومياوات والتحنيط وقاعتين للعرض المركزى والهرم الزجاجى
خبر مبهم يتعلق بنقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط، هذا الخبر يفتح الشهية الصحفية والأثرية حول هذا الحدث المتوقع، والذى ربما تصاحبه أمور كثيرة وتدور حوله تساؤلات أكثر، أهمها لماذا سيتم النقل الى متحف الحضارة؟ ولماذا لم تنقل المومياوات الى المتحف الجديد ، وما الذى يميز متحف الحضارة الذى تم افتتاحه منذ عامين لكى يفوز بالمومياوات الملكية، خاصة أنها تحظى بنصيب الأسد فى مزارات المتحف المصرى بالتحرير، وربما يكون هناك سؤال أهم يتعلق بعمليات النقل وتوقيتها ؟
«تحقيقات الأهرام» تفتح قضية نقل المومياوات من متحف التحرير الى الفسطاط وتقوم بزيارة الى المتحفين وكانت هذه التفاصيل.
بداية نشير الى أن وزارة الآثار أعلنت أخيرا أن المومياوات الملكية ستنقل من التحرير إلى الفسطاط فى موكب ملكى، مشيرا إلى أنه تم شراء جهاز حديث على أعلى مستوى للحفاظ على المومياوات المنقولة..
فى الثانية والنصف ظهرا كنا أمام بوابات متحف الحضارة بالفسطاط، والتى كانت مغلقة جميعا بأقفال حديدية، فيما عدا بوابة واحدة، المتحف يفتح أبوابه للزوار من التاسعة صباحا وحتى الرابعة عصرا، فى الطريق إلى مبنى المتحف شباك تذاكر، أعلاه لافتة مكتوب عليها 10 جنيهات للزائر المصرى و60 جنيها للزائر الأجنبى، فى الخلف منه بحيرة عين الصيرة، التى يطل عليها المتحف من الجهة اليمنى ، يتقدم مبنى المتحف بوابة تفتيش إلكترونى، قطع تأملى فى المتحف الجديد صوت من غرفة أقصى يسار المبنى، كان هو الصوت الأول الذى أسمعه فى المتحف منذ دخلت من بوابته الوحيدة المفتوحة، الصوت لأثرى شاب، يستعلم عن هويتى ثم صحبنى إلى كبير أمناء المتحف، السيد محروس الصناديدى والحاصل على ماجستير فى التراث والمتاحف، والذى اختار أن يكون اللقاء فى غرفة العرض المؤقتة، وهى الغرفة الوحيدة المفتوحة للجمهور الآن، وكانت الغرفة تعرض صناعة الفخار والنسيج والكتان بطابقها الأول، ويعرض الطابق الثانى صناعة الحلى عبر قطع أثرية تبرز مراحل تطور الصناعة، فيما كانت شاشات تليفزيونية كبيرة تعرض فيلما وثائقيا عن صناعة النسيج فى نقادة.
سألت الصناديدى مباشرة، ما الذى يميز متحفكم لتحظون بالمومياوات الملكية؟، فأجابنا الرجل بالقدر نفسه من المباشرة قائلا: إنه بافتتاح قاعة المومياوات سيكون لدينا معامل DNA، حيث سيتم إخضاع المومياوات لتحليل البصمة الوراثية، لتحديد القرابات بين الأسر الواحدة والأسر المختلفة، كما سيكون لدينا أحدث أجهزة الxray لكشف التركيب الجزيئى للمومياء وللقطعة الأثرية، بالإضافة لمعامل الجيولوجيا والصخور والبقايا الآدمية والنباتية والحيوانية، لفحص الحفائر، كما أن لدينا ستوديو مجهز بكاميرات عالية الجودة لتصوير المومياء، والقطع الأثرية لحظة دخولها المتحف، وبعد الترميم وكل مدة زمنية، لمعرفة التغييرات التى طرأت على الأثر ومعالجته، وكذلك مركز للبحوث العلمية والعلوم التشريحية، به نخبة من أساتذة كليات العلوم، ومركز للتحاليل الطبية لاكتشاف الفطريات والبكتيريا، التى من الممكن وجودها على المومياء أو الأثر، ومن ثم معالجتها بمواد الترميم المناسبة، بالإضافة لدار طباعة ونشر مجهزة بأحدث آلات الطباعة، لطباعة أبحاث المتحف وكتيباته.
متحف الحضارة بالفسطاط - تصوير: ياسر الغول
وحول تأمين المتحف، فإن أبوابه الداخلية تغلق إلكترونيا ببصمة اليد، وتنتشر كاميرات المراقبة بطول المتحف وعرضه، وتشرف على عملها غرفة مراقبة شاملة تتابع المتحف فى الداخل وحتى أسواره الخارجية، ويكمل الصناديدي: لدينا أجهزة إنذار حريق وسرقة، وفاترينات العرض مؤمنة ضد الكسر، وعلى صعيد آخر فإن عرض المومياوات سيكون بطريقة مختلفة، إذ إننا لن نعرض مومياء فحسب، لكننا سنعرض قصة حياتها حتى تاريخ الوفاة، فالمتحف يعتبر مؤسسة ثقافية حضارية تعليمية، إذ يحوى مسرحا وسينما ولاند سكيب، كما يضم فصولا للتربية المتحفية، يقدم فيها ورشا خاصة لصناعات النسيج والفخار وكذلك الرسم، كما تعقد بالمتحف المؤتمرات العلمية والتراثية، وأيضا من حيث الموقع فمتحف الحضارة يتوسط محيط حضارى بإمتياز، إذ يقع بالقرب منه بقايا حصن بابليون، والكنيسة المعلقة ومجمع الأديان وجامع عمرو بن العاص ومعبد بن عزرا، وفى شمال المتحف حديقة الفسطاط ومسجد أحمد بن طولون وقلعة محمد على وضريح الإمام الشافعى ومقابر العائلة المالكة من أسرة محمد على، وبالإضافة لكل ذلك فإن المتحف يطل على بحيرة عين الصيرة، عين الحياة.
طلبنا من كبير أمناء متحف الحضارة أن نرى قاعة المومياوات التى تتجهز لإستقبالهم قبل نقلهم من المتحف المصرى بالتحرير، فاكتفى بوصفها لنا على الباب قائلا: القاعة ستكون مقسمة لجزءين أحدهما للمومياوات والآخر للتحنيط، وستكون مساحتها 1300 متر، مقسمة لحجرات، لإستقبال 21 مومياء من متحف التحرير، أقدمها مومياء ميرن رع، والتى ترجع للأسرة السادسة من الدولة الفرعونية القديمة، حيث تعرض كل مومياوتين فى حجرة، وسوف يرى الزائر قصة حياة المومياء، من خلال جرافيك وأفلام سيتى سكان، التى تبرز ما بداخل المومياء من تمائم، والطريقة التى توفى بها صاحبها، كما سيتم عرض قصة حياة الملك باستخدام وسائل عرض حديثة عبر أفلام وثائقية، فيما يتناول الجزء الخاص بالتحنيط الأساليب التى استخدمها المصرى القديم فى التحنيط والتقنيات المستخدمة فى التحنيط والتى تختلف من مومياء لمومياء، والكهنة المخصصين لهذا العمل، وسيكون لدينا صور للطقوس الدينية التى تتم من بدء الوفاة وطوال مدة التحنيط البالغة 70 يوما، والآثار التى عثر عليها مع المومياء، وهذه القاعة من المنتظر إفتتاحها خلال 3 أشهر، وكان مقررا افتتاحها مع قاعتين أخريين فى أبريل الحالى، لكننا فوجئنا بأن التجهيزات المطلوبة أكبر من تقديرات الشركات، فأضطررنا لتمديد المدة الزمنية للمرة الثانية، إذ كان مقررا الافتتاح كذلك فى ديسمبر الماضى، لكن الشركات لم تف بالأعمال فى الموعد المحدد.
لاحظنا أن مساحة المتحف كبيرة جدا فضلا عن كميات كثيرة من الآثار يحويها المتحف، إذ تصل إلى 33 فدانا..وكما أخبرنا الصناديدى أن ما شاهدناه، هى قاعة العرض المؤقت وهى واحده من ضمن 9 قاعات عرض سيشملهما المتحف، سيتم افتتاح ثلاث قاعات منهم خلال الأشهر القليلة المقبلة، هم قاعة العرض المركزى والهرم الزجاجى وقاعة المومياوات والتحنيط، فيما سينضم إليهم بعد فترة القاعات الأخرى، وهما قاعة فجر الحضارة وتتناول حضارة عصور ما قبل التاريخ وعادات الدفن التى كانت تأخذ المومياء وضع القرفصاء، فلدينا هيكل عظمى عمره 55 ألف عام عثر عليه فى منطقة الترامسا، وقاعة نهر النيل وتأثيره فى الحضارة الإنسانية وسنعرض فيه مجسما للنهر وخريطة للدول التى تمر به وقصة الفيضان والمعبودات المرتبطة به، بدءا من حابى إله الشلال، لخونم ومعبده القائم بأسوان، وقاعة الكتابة والعلوم، حيث عرف المصرى العديد من اللغات ولدينا آثار توضح ذلك كما عرف العديد من علوم التحنيط والفلك والطب والفيزياء، وقاعات الدولة والمجتمع، فمصر صاحبة أقدم حكومة مركزية فى العالم، والهيكل التنظيمى للدولة تغير عبر العصور، ملابس الجيش والشرطة أيضا تطورت عبر العصور، وقاعة الحضارة المجدية، والتى تتناول العمارة والفنون من قلاع عسكرية ومعابد، وقاعة المعتقدات، حيث شهد المصرى على مر العصور العديد من المعتقدات والديانات، بدءا من التوحيد الديانة الاولى للمصرى، مرورا بتحريفه وحتى الديانات السماوية الثلاث.
فيما تقدم قاعة العرض الرئيسية نبذه عن أهم معالم كل فترة زمنية من عصور ما قبل التاريخ وما بعده، أما قاعة العرض المؤقت فتغطى مواضيع الحضارة المصرية التى لا يستطيع المتحف تغطيتها بشكل مؤقت ومتغير، ومن الممكن استضافة معارض أجنبية بها، بالإضافة للهرم الزجاجى والذى يرتفع عن الأرض نحو 45 مترا، ما يعنى إمكانية رؤية معالم القاهرة الكبرى كاملة من فوقه، كما سنستغله فى عرض أفلام عن القاهرة ومناطقها الأثرية من داخله، مضيفا أنه بعد إفتتاح القاعة الأولى وحضور المهندس إبراهيم محلب والمهندس شريف إسماعيل، قامت الحكومة بتخصيص 500 مليون جنيه لاستكمال الأعمال.
وإذ يبدو نقل المومياوات الملكية دفعة لأعداد الزائرين لمتحف الحضارة، الذى أوضح الصناديدى أنهم يقدرون الآن بمائة زائر يوميا، فى بداية الافتتاح منذ عامين وصل عدد الزوار إلى ألفى زائر يوميا، يتوقع الصناديدى زيادتهم بعد نقل المومياوات الملكية من متحف التحرير، وبرغم ما قاله من أن متحف التحرير لن يتضرر إذ يبلغ عدد القطع الأثرية به 150 ألف قطعة، معتبرا إياه مخزنا متحفيا يصلح للدارسين أكثر وليس للزائرين، إذ يتطلب العرض المتحفى بهذا التكدس البادى فى التحرير، وجود مرشد سياحى لاستيعاب الأثر.
بعد ظهر اليوم التالى ، ذهبنا إلى المتحف المصرى بالتحرير، كانت التأمينات مشددة من خارج البوابات، عشرات من أفراد الأمن تمر بهم قبل الدخول إلى المتحف، وفى الطرقات المؤدية إلى مبنى المتحف، المكان يعج بالزائرين والعاملين، أمام شباك التذاكر طابور طويل، وفى الساعة الثانية والنصف كان رقم مسلسل التذكرة التى قطعتها هو 263204، وأخبرنى موظف شباك التذاكر أن قاعة المومياوات فى الطابق الثانى داخل مبنى المتحف لها تذاكر خاصة بها، لم يكن طابور شباك تذاكر قاعة المومياوات أقصر من طابور شباك تذاكر دخول المتحف، اصطففت وأمامى زوار عرب ومن خلفى وفد يابانى، كان رقم مسلسل تذكرة القاعة هو 96195 فى التوقيت نفسه، ما يعنى أن القاعة تظفر بثلث إجمالى عدد زوار المتحف، فى مدخل القاعة تعرض بردية كتاب الموتى، والكتاب يضم مجموعة من النصائح والتعاويذ السحرية لحماية المتوفى فى العالم الآخر، يليه تمثال خشبى لأنوبيس المسئول عن عملية التحنيط، بجانبه أوانى حفظ أحشاء الموتى، وموكب جنائزى مبحر عبر النيل للشاطيء الغربى، حيث توجد الجبانات، وأوانى عطور وأطباق فاكهة، وحشرة الجعران التى كانوا يضعونها فوق القلب حتى لا يعترف بذنوبه أمام محكمة الآلهة، ثم غرفة لا تزيد على 100 متر بها 12 صندوقا زجاجيا بالترتيب من اليمين إلى اليسار، مومياء الملك سقنن رع، الملكة أحمس مريت آمون يغطى صدرها الورود، الملك أمنحتب الأول بن أحمس الأول والمومياء مغطاة بالكامل بالورود والرأس مغطى بقناع ذهبى، ومومياء تحتمس الأول ويظهر شكل الدفن غير ملكى، ومومياء تحتمس الثانى زوج حتشبسوت وتحتفظ المومياء بشعرها، ومومياء الملكة حتشبسوت، ومومياء الملك تحتمس الثالث محتفظة بالأسنان قابضا يدا وباسطا أخرى وهناك تآكل بالأنف، ومومياء الملك رمسيس الثانى وتظهر بحالة جيدة غير أن الشعر يظهر بلون أصفر بسبب الحناء ويظهر الوضع الذى عليه المومياء أنه عانى من أمراض الشيخوخة والمفاصل والأسنان، وبقايا المادة الراتنجية التى تعرضت للدراسة والتحليل بفرنسا عام 1977 عندما اكتشفتها السفارة المصرية بباريس قبل بيعها فى مزاد علنى هناك، ومومياء مرنبتاح ويبدو لون الجلد شاحبا بسبب زيادة الملح المستخدم فى أثناء التحنيط، ومومياء أمنحوتب الثانى وهى بحالة جيدة جدا، ومومياء تحتمس الرابع وتبدو الأظافر منسقة بسبب العناية بالملك مع احتفاظ المومياء بالشعر والأسنان بحالة جيدة، ومومياء سيتى الأول ويبدو الذراعان منعقدتين أعلى الصدر ولكن اليدان مبسوطتان وهذا على غير عادة طريقة دفن الأسرة المالكة، إذ لاتبسط الأذرع أثناء التحنيط.
تحدثنا مع أحد الأثريين بالمتحف المصرى بالتحرير، رفض ذكر اسمه مبديا تخوفه من نقل المومياوات الملكية، خاصة أن الزائرين العرب يقصدون مومياء رمسيس الثانى لاعتقادهم فى كونها جثة فرعون موسى، قائلا إن معظم الزوار الأجانب الذين يزورون المتحف يأتون خصيصا لزيارة غرفة المومياوات الملكية، ما يعنى فقدان المتحف لزائريه من الأجانب والعرب بإنتقال المومياوات، مضيفا أن مومياء يويا وتويا التى ستبقى فى المتحف المصرى بحاجة إلى خطة ترويج سياحى لتعريف الزائرين بهما ولملء الفراغ الذى سيخلفه إنتقال المومياوات الملكية من المتحف.
وأكد الدكتور محمد عبد المقصود أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق أن المتحف المصرى سيشهد نقل المومياوات الملكية منه إلى متحف الحضارة، وأيضا نقل توت عنخ أمون إلى المتحف الكبير، وهذا بالطبع سيؤثر على متحف التحرير، إذ أن المتحف المصرى بالتحرير والمتحف الإسلامى هما مقصد السائح الوافد إلى مصر، وما سيجرى الآن هو تقسيم زوار المتحف المصرى بالتحرير بعد تقسيم مقتنياته، على المتاحف الثلاثة، الحضارة والكبير والمصرى بالتحرير، ويتساءل عبد المقصود هل السائح سيزور المتاحف الثلاثة؟، فى أغلب الظن لا، إذن هناك متحف واحد من هؤلاء الثلاثة سيحظى بنسبة الزوار الأكبر، والمتحف المرشح لذلك، هو المتحف الكبير نظرا لقربه من الهرم وبالتبعية المنطقة الأثرية المجاورة له، وعلى صعيد آخر فإنه لكى ينتقل السائح بين المتاحف الأخرى فى التحرير والفسطاط فى يوم آخر سيكون ذلك غير مرغوبا فيه، خاصة أن المتاحف الثلاثة بنفس النوعية والعرض، ولكن بالمقابل فإن قرار نقل المومياوات الملكية على مستوى متحف الحضارة، سيسهم فى إيجاد زائر للمتحف الجديد.
غير أن ثمة تساؤلا يطرح نفسه، هل كان نقل المومياوات من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط ضروريا؟، طرحنا السؤال على د.عبد المقصود.. فأجابنا الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الأسبق، قائلا: لا .. المومياوات كانت تجد إهتماما كبيرا يليق بها فى التحرير، لكنه منذ اللحظة الأولى لإنشاء متحف الحضارة، وقد أعلن أن المومياوات سوف تنقل إليه، فيما سيصبح التحرير مختصا بنوع آخر من الآثار تتعلق بالفن، وأنه لن يستضيف أية مومياوات ثانية، وبالنهاية سيبقى تقييم قرار نقل المومياوات وأثره على السياحة بإنتظار التجربة، بغض النظر عن أنه من المسلم به أثره الإيجابى على جذب الزوار لمتحف الحضارة.
أما عبدالرحمن محمد فهمى المعيد بكلية الآثار بجامعة القاهرة فيقول، إنه ومع إفتتاح المتحف المصرى الكبير فى 2020، سيفقد المتحف المصرى بالتحرير مجموعة الملك توت عنخ أمون، أعظم ملوك مصر فى الأسرة 18 للدولة الحديثة، لمصلحة المتحف الكبير والذى من المخطط له جذب 2٫5 مليون زائر سنويا، خاصة أن الزائر سيتمكن من قضاء يومه كاملا داخل المتحف، حيث يضم مبانى خدمية، تجارية وترفيهية بالإضافة للحديقة المتحفية، إلى جانب قاعات العرض الرئيسية للآثار، وما يضيف من فرص المتحف الكبير فى جذب أكبر عدد من الزائرين، هو موقعه القريب من منطقة الأهرامات الأثرية.
ويضيف فهمى أنه وبالمقابل سيفقد المتحف المصرى بالتحرير كذلك مجموعة المومياوات الملكية ، لكن سيصبح مختصا بعرض تاريخ الفن عبر العصور المصرية القديمة، كما يظل يتميز بوجود مجموعة إخناتون الأثرية والذى نادى بتوحيد الآلهة، وقاد ثورة دينية للقضاء على عبادة »آمون« فى البلاد وعبادة «آتون» إله النور إلها واحدا، كما يحتفظ المتحف المصرى بالتحرير كذلك بمجموعة تانيس ويويا وتويا، وأنه إذ تلتفت جميع الأنظار إلى المتحف الكبير معتقدين أنه سيؤثر بالسلب على المتحف المصرى بالتحرير، حيث سيحظى بنصيب الأسد من أعداد الزائرين، فإنه يمكننى القول إن القطع الاثرية المعروضة بالمتحف المصرى بالتحرير تعتبر سجلا أثريا لتاريخ الفن المصرى القديم، بالإضافة لمجموعة إخناتون العظيمة والتى لا ينقصها سوى خطة تسويق جيدة وإعادة ترويج لمقتنياته.
وحول إجراءات النقل، يقول عبد الرحمن إن عملية تغليف ونقل هذه الآثار، تعد من الأعمال الشاقة، إذ تستدعى اتخاذ المزيد من الحيطة والحذر من قبل الأثريين المرممين عند النقل لعدم حدوث أى تلف أو تدهور للآثار، خصوصا عند نقل الآثار العضوية كالمنسوجات والمومياوات والأخشاب، التى لها درجة عالية وحساسية شديدة للتلف عند النقل، لكن نأمل فى حدوث ذلك بشكل جيد اعتمادا على المرممين المصريين المتميزين بما يمتلكونه من أدوات وقدرة على التعامل مع القطع الأثرية، ونقلها بأمان للمتاحف بداية من أعمال الترميم المبدئى والتغليف، مرورا بالنقل والتخزين انتهاء بالترميم النهائى والعرض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.