لا أحب مشاهدة برامج المقالب بشكل عام، إلا ما ينسج منها ببراعة من أجل انتزاع ضحكة لطيفة وليس لترويع يتبعه وابل من السباب، لكني لا أنكر أن أطفال مصر يتابعون بشغف برنامج رامز جلال، وبالتالي يجبرون الأهالي على مشاهدته، خاصة مع احتلاله موعدا ذهبيا ثابتا أثناء الإفطار الرمضانى منذ سنوات مضت بفضل جذبه كما هائلا من الإعلانات!! والبرنامج بمرور السنين يزداد بذخا وسخافة واستفزازا ومزيدا من الضوضاء، بدء من تعليقات (رامز) الذى لا يستطيع الفصل بين دعاباته لزملائه في جلساتهم الخاصة وبين سخريته منهم أمام ملايين المشاهدين معتقدا أنها (خفة دم)، ووصولا إلي صرخات الضيوف وسيل الشتائم المنهمر الجارف لكل قواعد الذوق والآداب العامة، والمدهش أن الضيف يسامح رامز بعد أن يكيل له السباب واللكمات، ويتضاحكان سويا وكأن شيئا لم يكن!! ولم يحدث ان اتخذ أحد الضيوف موقفا حقيقيا طوال تلك السنوات برفض عرض الحلقة أو اتخاذ إجراء قانونى، ماعدا عدد محدود يقل عن أصابع اليد الواحدة!! فهل (كاريزما) رامز مؤثرة أم أن المقابل المادي سخي إلى حد التغاضي عن حالة الخوف والهلع التي يتعرض لها الضيف؟! أم أن الأمر مدبر ومتفق عليه ولا يتعدى مشهدا تمثيليا رديئا؟! ورغم موجات الاستياء من الجمهور لكن البرنامج مستمر، مما يدل على تحقيق ايرادات ضخمة وإلا لتوقف إنتاجه منذ الموسم الأول!! وأعتقد أنه لن يتوقف حتى تحدث كارثة ما!! أذكر أن في عام 2013 شهد برنامج Koh-Lanta الفرنسي (برنامج مسابقات ينتمي لنوعية تليفزيون الواقع) وفاة أحد المشاركين نتيجة أزمة قلبية، ثم انتحار طبيب البرنامج بسبب اتهامه إعلاميا بالتقصير في اسعاف المتسابق (رغم تبرئته قضائيا)، وتم وقف البرنامج، وربما لن تتوقف لدينا برامج هوس الترويع إلا بوقوع مصيبة مروعة!! والمثير للاستفزاز أن هذا الإنتاج الضخم شديد البذخ لبرنامج هزلى تافه يتخلله إعلانات التبرع اياها!! أليس توجيه هذه الملايين أو على الأقل جزء منها لدعم المنظومة الصحية أو السكنية أو تحسين حياة الطبقات الأكثر احتياجا سيكون أكثر جدوى للمجتمع؟! إن فكرة المسئولية الاجتماعية للشركات مازالت تحتاج لبذل الجهد للتوعية بأهميتها وتفعيلها.