الوطن في أزمة، والرئيس لا يبالي، لقد أطاح بكل شيء، الدستور والقانون، حنث بالقسم، وأصدر إعلاناً دستورياً باطلاً، احتكر بمقتضاه كافة السلطات، أطاح بالسلطة القضائية والنائب العام وحصن مجلس الشوري والجمعية التأسيسية، وأعلن نفسه الآمر الناهي دون أن يكون للشعب وسلطاته حق الاعتراض. لم تعد هناك خطوط حمراء، رفض كافة التحذيرات، لم يستمع حتي لرأي مستشاريه المقربين، لم تكن تلك هي الأزمة الأولي، فمنذ توليه السلطة والوطن يعيش الأزمات، تفرغ نظامه لتصفية الحسابات، والتلصص علي الناس، ونسي أو تناسي أن عليه مهامَّ جساماً، وأن الوطن مهدد بالانقسام، وأن ثورة الجياع باتت قاب قوسين أو أدني!! وحول الرئيس جوقة من الفشلة والمغرضين، يبررون ولا ينصحون، كل همهم السيطرة علي مصر، وقمع المعارضين، بل والتحريض علي تلفيق الاتهامات، والإساءة إلي سمعة كل المخالفين، ويبدو أن الرئيس بات سعيداً بمشورتهم، وهو لا يريد أن يتعلم الدروس، ويرفض حتي مراجعة الذات. في ستة أشهر استطاع الرئيس أن يحدث الانقسام والصراع المجتمعي الذي سيقود البلاد إلي الحرب الأهلية والخراب، أصبح المصريون في صراع وأزمات ومعارك صباح مساء، انتقلت المعارك من الغرف المغلقة إلي الشوارع، استخدمت فيها أسلحة السلاسل والسيوف والشوم، وغداً ستزداد حدة الصراع، ومع أول رصاصة تنطلق، ستدخل البلاد إلي مرحلة خطيرة، لا نعرف كيف تنتهي!! لقد حنث الرئيس بالقسم، علي احترام الدستور والقانون، وأصبح في نظر العديد من أساتذة القانون فاقداً للشرعية، ومن ثم باتت البلاد أمام تحديات خطيرة، وتوقعات صعبة، بين رئيس يرفض التراجع، تسانده في ذلك جماعته وفصائل إسلامية عديدة، وبين كافة القوي السياسية الأخري تساندها فئات شعبية عريضة. ومع إصرار الرئيس علي مواقفه، والتهديدات التي تطلقها جماعته بإعلان الجهاد ضد المعارضين، تصبح البلاد أمام وضع خطير، يستوجب تدخل المحكمة الدستورية العليا، لتصدر الحكم الحاسم في مدي شرعية الرئيس، بعد أن حنث بقسمه أمامها علي احترام الدستور والقانون. إن إصرار الرئيس علي نهجه الاستبدادي لن يقود البلاد إلي الفوضي وحسب، بل سيهدم كيان الدولة، وهو ما تسعي إليه القوي المعادية لمصر، التي تدرك استحالة التقسيم علي الأرض، لكنها حتماً سوف تسعد كثيراً بتقسيم المجتمع إلي فئتين متصارعتين، بما يؤدي إلي نشوب الحرب الأهلية التي تهدد الوطن بأسره!! أذكركم هنا بمخطط 'كوندليزا رايس' عن الفوضي الخلاقة، وعن تفجير المتناقضات الكامنة، التي تؤدي في نهاية الأمر إلي انهيار وحدة الشعوب والأوطان، وهنا تأتي الإجابة عن السؤال المطروح: لماذا تصمت أمريكا علي هيمنة الرئيس وعصفه بالحريات، في حين وقف 'أوباما' وبكل قوة ضد الرئيس السابق حسني مبارك حتي بعد أن أبدي استعداده للتخلي عن كافة سلطاته إلي نائبه عمر سليمان!! إن الأيام القادمة حاسمة في تاريخ هذا البلد، كما أن كل الخيارات باتت مفتوحة، مما يستوجب من كل الحريصين علي وحدة واستقرار هذا الوطن، أن يجهضوا المخطط الرامي إلي التفتيت وتزكية الصراعات، وأن نعود جميعاً للاحتكام إلي الدستور والقانون، وأن يتم التوقف فوراً عن هذا العبث الذي أهدر مبادئ الثورة، وأعادنا إلي أكثر العصور استبدادية في شهور قليلة فقط!!