بعد مقتل معظم حفظة القرآن فى حروب الردة، بدأ الخليفة الراشد أبو بكر الصديق جمع القرآن الكريم بعد إلحاح من الخليفة الراشد الثانى عمر بن الخطاب، ثم جاء الخليفة الراشد عثمان بن عفان ليكون هو صاحب أول مصحف تم جمع وترتيب سور القرآن الكريم به، وتمر القرون إلى أن جاء الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ليكون أول رئيس مسلم فى التاريخ يتم فى عهده جمع القرآن الكريم مسموعاً (مرتلاً ومجوداً) على ملايين الأشرطة والأسطوانات بأصوات القراء المصريين، ولم يكتف ناصر بذلك بل كان صاحب السبق فى إنشاء أول إذاعة للقرآن الكريم فى التاريخ ليقدم للمسلمين كافةً هديةً تخلَّد صاحبها على مدار التاريخ. ما سبق، تذكير حان وقته ونحن نحتفل هذه الأيام بالذكرى الخامسة والخمسين لإنشاء إذاعة القرآن الكريم من القاهرة، وتحديداً يوم 25 مارس 1964م حيت التدشين، وبعدها بأربعة أيام (29 مارس) تم البث الرسمى للقناة بالمصحف المرتل للقارئ الشيخ محمود خليل الحصرى حيث بدأ البث على مدى 14 ساعة يومياً، وبعدها بدأت الإذاعة فى تقديم برامج بناءَ على فكرة لمحمود حسن إسماعيل أول رئيس لهذه الإذاعة حيث أصبحت البرامج تشغل نسبة 5% من ساعات الإرسال. وباتت هذه الإذاعة تبث على مدار الساعة قراءات القرآن الكريم لكبار مشايخ مصر: مصطفى اسماعيل، محمد رفعت، عبد الباسط عبد الصمد، وغيرهم. ووراء إنشاء إذاعة القرآن الكريم قصة تستحق أن تُروى، فقد ظهرت آنذاك نسخ محرفة من كتاب الله، وهو ما أثار استياء الغيورين على الدين من المشايخ المنتمين للأزهر الشريف وللأوقاف، فاقترح الدكتور عبد القادر حاتم وزير الإرشاد القومى (الإعلام) على عبد الناصر إنشاء الإذاعة، فكان قرار الزعيم السريع بذلك. وغنى عن القول أن إنشاء إذاعة القرآن الكريم كان بمثابة حلقة فى سلسلة طويلة من الإنجازات التى قام بها عبد الناصر لخدمة الإسلام والمسلمين، ومنها: زيادة عدد المساجد فى مصر من 11 ألف مسجد قبل الثورة إلى 21 ألف مسجد عام 1970م حين توفاه الله ، معنى ذلك أن الرجل بنى خلال فترة حكمه عشرة آلاف مسجد، وهو ما يعادل عدد المساجد التى بنيت فى مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى عهد ناصر، كما تمت ترجمة القرآن الكريم إلى كل لغات العالم، فضلاً عن إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامى الجامعة لكل الشعوب الإسلامية. ولا ننسى تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب العلوم الدينية، فضلاً عن إنشاء مدينة البعوث الإسلامية على مساحة ثلاثين فداناً وتضم طلاباً قادمين من 70 دولة إسلامية يتعلمون فى الأزهر ويقيمون فى مصر إقامة كاملة مجاناً.