شهدت العلاقات السعودية الأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية حالة من التوتر، على خلفية التصريحات التى أدلى بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وطالب خلالها المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى بدفع ما عليهم من استحقاقات إلى واشنطن نظير حمايتها لهم.. لم يكن هذا هو التصريح الوحيد، بل سبقه تصريح آخر طالب فيه ترامب دول الخليج بخفض أسعار النفط وفاء لما تقوم به الولاياتالمتحدة لصالح هذه البلدان. ولم يمر كثير من الوقت، حتى أدلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتصريحات وجه فيها، ردودًا قوية إلى الرئيس الأمريكى وإدارته، أكد فيها عددا من المواقف الهامة وبعث من خلالها برسائل لا تخفى على أحد. كانت الرسالة الأولى تؤكد أن المملكة العربية السعودية هي دولة صاحبة تاريخ، وأن إنشاءها سبق قيام الولاياتالمتحدة بنحو ثلاثين عامًا، وهذا يعنى أن على واشنطن أن تراجع نفسها عندما تتحدث إلى المملكة صاحبة التاريخ الأقدم فى الوجود، وهى رسالة يفهمها الأمريكيون على النحو الذى قصده الأمير محمد بن سلمان. وكانت الرسالة الثانية تقول إن المملكة العربية السعودية لن تخضع لسياسة الابتزاز تحت أى ظرف من الظروف وتحت أى نوع من التهديدات وهو ما عبر عنه الأمير محمد بن سلمان بالقول «إن الرئيس الأمريكى السابق )أوباما( عمل خلال فترة رئاسته التى استمرت ثمانى سنوات ضد أجندة المملكة وأجندة دول الشرق الأوسط، لكنه قال، وبالرغم من ذلك كانت النتيجة النهائية هى الفشل للولايات المتحدة والنجاح بالنسبة لنا». لقد أراد الأمير من وراء ترديد هذا القول التأكيد على أن المملكة لا تأتى بسياسة الابتزاز والتهديدات، والدليل هو فشل أوباما على مدى ثمانى سنوات، فراح يعمل ضد الأجندة السعودية، ويسعى إلى محاولة التدخل فى شئونها، إلا أنه لم يستطع تحقيق الأهداف التى كان يسعى إليها. وإذا كان ولى العهد السعودى قد كشف للمرة الأولى عن حجم الخلاف الذى كان سائدًا بين أوباما والمملكة طيلة فترة حكم الأخير، إلا أنه أراد أن يقول لترامب بشكل مباشر «غير كان أشطر»، وهى لغة تحد وإصرار على رفض أسلوب ترامب مع السعودية ودول الخليج. الرسالة الثالثة: موقف واضح ومحدد، وكلمة قاطعة لا تقبل أنصاف الحلول «أبدًا لن ندفع مرة أخرى تحت أى ظرف من الظروف ومهما كان حجم التحدى». لقد قال الأمير فى حديث إلى وكالة بلومبيرج الأمريكية «لن ندفع شيئًا مقابل أمننا، كما أن جميع الأسلحة التى حصلنا عليها من الولاياتالمتحدة قد دفعنا ثمنها، إنها ليست أسلحة مجانية، فمنذ بدء العلاقة بين السعودية والولاياتالمتحدة قمنا بشراء كل شىء بالمال». الرسالة الرابعة: التهديد بالاتجاه شرقًا، وهى رسالة تحمل مدلولات مهمة حول رفض المملكة لأسلوب الابتزاز الذى يمارس ضدها بين الحين والآخر، وهو توجه مقبول فى ظل حالة الصلف الأمريكى التى يتعامل بها ترامب مع دول المنطقة وفى مقدمتها السعودية وبلدان الخليج. ومما لا شك فيه أن هذا الرد القوى، والحاسم، يبعث برسائل واضحة لترامب، ومن يحركونه، وهو موقف يحسب للمملكة، ولولى العهد السعودى الذى وضع الأمور فى نصابها الصحيح.