هل كان القرار الأمريكي الفظ بالوقف التام (بما قيمته 65 مليون دولار) لدعم "الأونروا" (وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) مفاجئاً؟!.. بالطبع.. لا.. بل هو حلقة - ربما لن تكون الأخيرة- في سياسة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" العقابية ضد أهلنا في فلسطين، وصولاً إلى هدف أكبر مفاده "كسر الإرادة الفلسطينية" لصالح دولة الكيان الصهيوني المتطرفة. وقد بدأت تلك السياسة العقابية في بداية العام الجاري بإعلان "إدارة ترامب" قرارها المشئوم بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني في ضربة قاصمة لكل قرارات الشرعية الدولية (وفي مقدمتها القرار 194، ومبادرة السلام العربية) بما يضمن حق اللاجئين في العودة والتعويض، إضافةً إلى حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وفي هذا السياق أيضاً، أوقفت أمريكا مؤخراً تمويل المستشفيات الفلسطينية الست فى القدسالشرقية بما قيمته 25 مليون دولار. وتأكدت سياسة "ترامب" الفظة بإغلاق مقر منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن عقاباً للسلطة الفلسطينية برئاسة "أبو مازن" على مواصلة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب الإسرائيلية اليومية على أهلنا في فلسطينالمحتلة. وقد بلغ الصلف الأمريكي مداه حين هدد "جون بولتون" مستشار الرئيس الأمريكى مؤخراً بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، إن هى أجرت تحقيقات ضد الولاياتالمتحدة وإسرائيل، في إشارة إلى أن أمريكا قد تقوم بمنع القضاة والمدّعين العاملين فى المحكمة الجنائية الدولية من دخول أراضيها؟!!. ولا شك أن الموقف الأمريكي المخزي يستدعي من الدول العربية البحث عن آليات تمويلية جديدة لتعويض الفاقد الأمريكى وخلق ثبات مالى للوكالة، وقد أحسنت الجامعة العربية في اجتماعها الأخير على مستوى وزراء الخارجية بإدانة القرار الأمريكي مع الوعد بزيادة تمويل الوكالة للقيام بأعبائها تجاه ما يقارب الخمسة ملايين لاجئ فلسطيني خارج حدود فلسطين التاريخية، فضلاً عن حق أكثر من 560 ألف طفل فلسطيني في التعليم، وملايين آخرى في الخدمات الصحية والمعونات الإغاثية. وهنا لابد من الإشادة بموقف الصين المحترم حيث قامت بتعزيز مساهمتها في "الأونروا" من 350 ألف دولار أمريكى إلى 2.3 مليون دولار، وهذا الالتزام الجديد جاء كانعكاس مباشر ل "المنتدى العربى- الصينى" الذى عُقد فى يوليو الماضى فى العاصمة بكين، ويُعبر عن موقف يتبناه الرئيس الصينى نفسه. وأخيراً.. على الفصائل الفلسطينية (فتح، وحماس، وغيرهما) الإرتقاء إلى مستوى التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية- لا سيما مع الموقف الأمريكي الفج والمنحاز للصهاينة- برأب الصدع فيما بينها، وإلا واجه الجميع "الطوفان"!!