أتي الإعلان التلفزيوني لحملة "رومني" مرشح الرئاسة الجمهوري صادماً لكل المتابعين لعلاقات أمريكا بمصر....فقد أتي الإعلان في شكل سؤال يوجهه "رومني"الي أوباما الرئيس الحالي و مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسه....و السؤال مباشر و بكلمات قليله" لماذا أنفقت مليار و نصف دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكين لدعم وصول الإخوان المسلمين للحكم في مصر....لماذا ياسيدي الرئيس؟ لماذا؟"...... إنا لله و إنا إليه راجعون....إن رومني يوجه اتهاما صريحا لأوباما بإنفاق أموال الأمريكين لدعم الإخوان للوصول للحكم في مصر....هكذا؟ متجاهلين ثورة قام بها الشعب لدفع الإخوان للوصول للحكم؟ متجاهلين آلافاً من الشباب الذين ملؤا ميادين مصر لمدة عامين من أجل الديمقراطية؟ متجاهلين ملايين من المصريين عاشوا في الميادين لمدة ثمانية عشر يوما هي عمر ثورة مجيدة؟ متجاهلين اتهامات بالعمالة و " الفلولية" و الإنتماء للنظام السابق و الدولة العميقة و الثورة المضادة ، و هي الإتهامات التي طالت ملايين من المصريين الذين عارضوا الكثير من التحركات السياسية لمن أسماهم الإعلام "النخبة" طوال عامين؟ متجاهلين أن هذه الملايين في النهاية تحملت اتهامها بالعمالة و الفلولية لدعم المرشح المنافس للاخوان كي يصبح رئيساً للجمهورية؟ كيف يجرؤ ميت رومني علي تجاهل كل ذلك؟ و بإنتظار رد من أوباما علي سؤال رومني، و بإنتظار رد من الإخوان علي كلام رومني، و بإنتظار رد من إئتلافات الثورة علي كلام رومني ، في انتظار كل ذلك ، لا نملك إلا التعجب من ذلك الصمت الرهيب....و لا نملك إلا أن نستعيد التفكير في كل ماقيل حول دعم أمريكا "لأحداث" 25 يناير....و أنها كانت بالأساس صناعة أمريكية لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي وضع خطة تنفيذه برنارد لويس....و أن الغرض مما حدث في مصر- و كثير من الدول العربية- هو تفتيت الجيوش الكبري في المنطقة لصالح الجيش الاسرائيلي و الأحلام التوسعية للدولة الصهيونية....و أن ماحدث من تفتيت للعراق كان غرضه التخلص من واحد من أكبر جيوشها، و مايحدث في سوريا لا يعدو كونه استكمالاً لهذا المخطط الذي يتمسح بزي ثورة نبيلة لإنقاذ الشعوب من "الديكتاتورية" ، و نقلها إلي رغد الديمقراطية و لو حتي علي إنقاض الأوطان ، أرضا و شعوباً و ثروات و أخلاق....المهم اسقاط النظم و إسقاط الجيوش.... هل كان ماحدث للجيش المصري خلال الفترة الانتقاليه من تشويه و انهاك و تحطيم معنوي كان تنفيذا لمخطط جين شارب في كتابه "الانتقال السلمي من الديكتاتوريه الي الديمقراطية" ....هل كان الغرض من كل ذلك هو تفتيت الشعوب معنوياً و إسقاطها في خلافات لا تنتهي يصل الأمر بعدها الي أن تسعي الشعوب لتقسيم بلادها جغرافياً بعد أن انقسمت سياسياً و اجتماعيا و نفسياً حتي أصبح الواحد منهم لايطيق النظر في وجه الإخر ، و بعد أن إنهار الإنتماء إلي الوطن الكبير ليصبح المواطن سني أو شيعي أو ليبرالي أو علماني أو فلول أو سلفي أو إخواني....أو ....أو......هل كان كل ذلك مقصوداً و مخططاً و سقطنا فيه جميعا بإعتقادنا أن ماحدث هو ثورة شعب و أختيار أمة؟ ...... لا يملك المرء إزاء هذا الصمت الرهيب من كل الأطراف، إلا التفكير و طرح كل هذه الأسئلة التي تملأ الساحة السياسية في إنتظار رد أو رفض أو تعنيف أو توبيخ أو إتهام لرومني أنه أهان شعب مصر و ثورتها.....في إنتظار إجابات علي كل تلك الأسئله لا يمكننا إلا أن نتساءل.....هل من مجيب ؟ أم أننا فعلاً في إنتظار مالا يجئ.....