في مقال له بجريدة الواشنطن بوست ، دعا الدبلوماسي الامريكي المخضرم و الخبير بشئون الشرق الاوسط دينيس روس ، قادة مصر الجدد للقبول بالواقع و عدم نكرانه .. و استهل روس مقاله بقوله ، ان واقعا جديدا و واقعا بديلا يتشكلان الان في مصر، الرئيس محمد مرسي والإخوان المسلمين يبدو انهما يتحكمان بقوة فيه . فقد تحكم مرسي ، بعد حادث مقتل 16 جنديا مصريا في سيناء في وقت مبكر من هذا الشهر- و هو الحادث الذي إحرج الجيش وخاصة المجلس الأعلي للقوات المسلحة- فاستغله للتخلص من أبرز القادة العسكريين ، كما علق من جانب واحد إلاعلان الدستوري المكمل و جمع بين السلطات التنفيذية والسلطات التشريعية. باختصار، وبدون أي إشارة للمقاومة من الجيش، فرض مرسي القيادة المدنية في مصر. ان تحرك مرسي للسيطرة علي المجلس العسكري ، باقالة المشير محمد حسين طنطاوي، ورئيس هيئة أركان الجيش سامي عنان، ورؤساء البحرية والجيش والقوات الجوية ، يراه الكثيرون بانه يعطي أخيرا للثورة المصرية فرصة لإزالة مخلفات اسس نظام مبارك ، وهو مايمثل ايفاء بالوعود التي وعدها مرسي . الآخرين، ولا سيما المنظمات من غير الإسلاميين، يرون الإجراءات الأخيرة علي انها تحرك للإخوان المسلمين في اطار إزالة أي عوائق تعترض سلطتها . بعض التحركات الأخري التي قام بها مرسي ومن حوله ، مثلت اشارات تدعو إلي القلق. كتعيين مرسي وزير جديد للاعلام ، صلاح عبد مقصود، و هوأيضا من الإخوان المسلمين والذي يدعم بشدة قرار استبدال 50 من الصحفيين ورؤساء تحرير كبريات الصحف . في الوقت الذي تم فيه توجيه اتهامات ضد رئيس تحرير صحيفة الدستور المعارضة المستقلة لإهانة رئيس الجمهورية. وربما ليس من قبيل الصدفة أن لهجة وسائل الإعلام الحكومية قد تغيرت بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي لتكون أكثر ملاءمة نحو مرسي. لكن لا شيء من هذا يعني أن مسار مصر من التغيير يمكن الجزم بها. ولا يعني أن الرئيس، الذي يحيط نفسه إلي حد كبير بأعضاء من جماعة الإخوان أو المتعاطفين معهم، يسيطر علي كل مؤسسات السلطة مصر . فالرئيس وجماعة الإخوان سيجدون صعوبة للتنصل من المسؤولية عن كل ما يحدث في مصر. فالبلاد تواجه تحديات اقتصادية صعبة، وسوف تحتاج إلي مساعدة خارجية كبيرة والي الاستثمارات الخاصة. ومرسي والإخوان يسعون للحصول علي الدعم الخارجي لمشروع "النهضة" لإنعاش الاقتصاد، وبعد ان كانوا قد قاوموا اتفاق صندوق النقد الدولي عندما كانوا كانوا بعيدا عن السلطة ، نجدهم الان حريصين ليس فقط علي الحصول فقط علي القرض ولكن أيضا لاقتراض ما يزيد علي 3.2 مليار دولار الذي وعد صندوق النقد الدولي لتقديمه بشروط . و يقول دينيس روس في مقاله ان هناك بعض الاستنتاجات تترايء حول جماعة الاخوان التي لا يمكنها الاعتراف بالواقع .. فهي تصر علي أن تعيش في واقعها الخاص بها ، ومن الواضح أن الجماعة متشبثة بأيديولوجيتها، ويجب علي الولاياتالمتحدة وغيرها ان لا يستوعبوا واقع الإخوان البديل. وهذا لا يعني أنه علينا أن نتفق علي كل شيء.. فالخلافات السياسية مفهومة ولكن من غير المقبول أن يُنكر الواقع وان يتم تعزيز سياسات تقوم علي الأكاذيب والحيل. و يجب علي مرسي والإخوان ان يعرفوا هذا. يجب علي الرئيس المصري والشعب ان يعرفوا أيضا أننا مستعدون لتعبئة المجتمع الدولي، والمؤسسات المالية العالمية، لمساعدة مصر ولكننا لن تفعل ذلك الا اذا كانت الحكومة المصرية مستعدة للعب بمجموعة من القواعد تستند إلي الواقع و المبادئ الاساسية . يجب أن تُحترم حقوق الأقليات والنساء، بل يجب قبول التعددية السياسية و فتح المجال للتنافس السياسي ، وأنها يجب أن تحترم التزاماتها الدولية، بما في ذلك شروط معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. و يختتم روس مقاله ، بان المعلومات حتي الآن ليست جيدة : فالتقارير إلاخبارية تشير إلي أن أكثر من 100 الف من المسيحيين الأقباط غادروا مصر؛ وهناك جهود جديدة لتخويف وسائل الإعلام، ومرسي دفع بقوات مدرعة توغلت في سيناء دون ان يخطرأولا الإسرائيليين - وهو الشرط الذي وضعته معاهدة السلام- كذلك فان موقف الإدارة يجب أن يكون واضحا و ان استمرار هذا السلوك ، يعني ان دعم الولاياتالمتحدة، والذي سيكون ضروري لكسب المعونة الاقتصادية الدولية وتعزيز الاستثمار، لن يكون متاحا . ** دينيس روس Dennis Ross ، هو خبير متمرس بشئون الشرق الاوسط ، و مستشار في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، وكان المساعد الخاص للرئيس أوباما حول الشرق الأوسط وأحد كبار المديرين في مجلس الأمن القومي من يوليو 2009 إلي ديسمبر 2011.