قال رئيس المجلس الوطني، رئيس المجلس المركزي الفلسطيني، سليم الزعنون، إن القدس لن تكون إلا عاصمة للدولة الفلسطينية، ولن يغير هذه الحقيقة اعتداء الرئيس الأمريكي عليها، فقد بناها أجدادنا الكنعانيون قبل ستة آلاف سنة. وأضاف الزعنون - خلال كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة الثامنة والعشرين للمجلس المركزي الفلسطيني الذي ينعقد اليوم الأحد وغدا في مدينة رام الله تحت اسم "القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين"، أن مدينة القدس هي عنوان قضيتنا الوطنية ولن يغيّر هذه الحقيقة قرارُ جاهلٍ بالتاريخ، وجاهلٍ بصلابةِ شعبنا الذي لمْ ولنْ تطوّعه سياسة الابتزاز والترهيب، ولن تفلح سياسة التهديد بالتجويع بتركيعه سياسياً، مطالبا الإدارة الأمريكية استخلاص العبر من صمود ورباط أهل القدس مسلمين ومسيحيين أمام بوابات المسجد الأقصى قبل أشهر معدودة. وتابع الزعنون، "إن الموقف المشين للولايات المتحدةالأمريكية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجلس الأمن، قد عزلها تماما، عندما صوتت 129 دولة حرة لصالح حقنا في مدينة القدس، وأبطلت قرار الرئيس الأمريكي، ووجهتْ صفعةً مباشرةً لسياسة الابتزاز والغطرسة الأمريكية". وأشار إلى أن واشنطن أعلنت سياستها العدوانية ضد فلسطين، وتمارس الابتزاز بقطع المساعدات وتربطها بشروط تمس مشروعية نضال شعبها، وتضحيات الجرحى والأسرى، وأغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وخفضت إسهاماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فكيف نقبل بأية وساطة أمريكية، وقد اختارت ألا حَكَماً نزيهاً. وقال الزعنون، "إن وقوف الولاياتالمتحدة معزولة حتى عن أقرب حلفائها في مواجهة القانون الدولي وفي مواجهة دول العالم، وخاصة في مواجهة الحق الفلسطيني، أظهرها بما لا يدع مجالاً للشك طرفا في الصراع، ونزع عنها صفة الوسيط التي ادعتها باطلاً طوال عقود، وأكد أنها ليست أهلاً لإدارة أية عملية سلام، لأنها انقلبت على هذه العملية برمتها". وأكد أنه استناداً لكل ذلك، فالمطلوب منا إعداد خطة متكاملة ومبرمجة لمواجهة القرار الأمريكي، ومواجهة السياسات والإجراءات التهويدية الاحتلالية في مدينة القدس، ومضاعفة دعم صمود أهلها المرابطين والمدافعين عنها رغم عنصرية الاحتلال وضغطه اليومي عليهم لإجبارهم على هجر مدينتهم المقدسة. وقال: "إن إسرائيل تقوم وبشراكة من الإدارة الأمريكية بتدمير كل إمكانية لقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 بعاصمتها القدس، وترفض حق العودة للاجئين، وتقر القوانين العنصرية وآخرها إسقاط القدس من قضايا الوضع النهائي، ومشروع قانون إعدام الأسرى، والإعلان الدائم عن الصندوق القومي الفلسطيني منظمةً إرهابية، وقرار حزب الليكود الحاكم بضم المستعمرات الاستيطانية". وشدد الزعنون على أنه يتعين على المجلس المركزي الفلسطيني إعادة النظر في عناصر الاستراتيجية الحالية، فطالما أن إسرائيل ترفض الاعتراف بدولتنا وعاصمتها القدس، فمن حقنا نحن أيضا إعادة النظر، واختيار ما يحمي ويحقق أهدافنا الوطنية، مقترحًا على المجلس تكريس المكانة القانونية لدولة فلسطين كما أنشأها القرار181 عام 1947، ونص عليها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19\67 لسنة 2012. ودعا المجلس المركزي إلى رفض أية أفكار يتم تداولها تحت ما يُسمى "بصفقة القرن" لأنها خارجة على قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتسعى لفرض حلٍ منقوصٍ لا يلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. وطالب بالبحث عن مسارات دولية أخرى لرعاية حل القضية الفلسطينية، وإثارة شرعية اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة إسرائيل، كونها لم تنفذ أياً من شروط قبولها فيها، ومنها تنفيذ قرار تقسيم فلسطين رقم 181 والصادر في العام 1947، وتنفيذ القرار 194 بعودة اللاجئين والصادر في العام 1948، وكذلك التعجيل بمسار المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يرتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، وفق ما تنص عليه اتفاقيات جنيف الأربع واتفاقية مناهضة التعذيب. وأعرب الزعنون عن تقدير الشعب الفلسطيني للموقف الثابت للأشقاء العرب ودعمهم للقضية الفلسطينية، مطالبا بتنفيذ ما قررته القمم العربية بشأن بالقدس، وخاصة قرار مؤتمر قمة عمّان عام 1980، الذي طالب بقطع جميع العلاقات مع أية دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو تنقل سفارتها إليها، وهذا ما أكدته أيضاً قمة بغداد عام 1990 وقمة القاهرة عام 2000، والمطالبة بمقاطعة البضائع الأمريكية، وذلك من خلال خطة عربية متكاملة تسهم في وضعها البرلمانات العربية. وحث الزعنون المجلس الوطني الفلسطيني على ملاحقة الكنيست الإسرائيلي وقوانينه العنصرية في مختلف الاتحادات والجمعيات البرلمانية الإقليمية والدولية وخاصة الاتحاد البرلماني الدولي، وصولاً لتجميد عضويته فيها. ووجه التحية للأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، مؤكدا أن تضحياتهم تُلزمنا بتقديم كافة أشكال الدعم والرعاية لهم، والدفاع عنهم بتحويل قضيتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية. وختم الزعنون كلمته قائلا، "إن أطفال فلسطين استلهموا تلك المعاني عندما أشعلوا انتفاضة الحجارة، وانتفاضة الأقصى، وهبّة القدس، والصمود الأسطوري أمام بوابات المسجد الأقصى، وواجهوا المحتل بكل صلابة وإباء، فقد دافعت البطلة عهد التميمي عن بيتها بكل شجاعة وإقدام، وأصبحتْ وفوزي الجنيدي وإسراء الجعابيص ومئات الأطفال الذين تعرضوا لقمع الاحتلال وعدوانه رموزاً نفتخر بها، سيخلدهم تاريخ نضالنا الوطني".