فى رحاب الله كاتب مصر المتفرد صلاح عيسى مؤرخ الشعب المصرى طوال نصف قرن تقريبًا الصحفى الذى أسس منهج البحث التاريخى فى كتابة فن الصحافة كما وضع طريقة التحقيق الصحفى الساخر وعلم جيلًا كاملًا من الصحفيين فى الأهالى واليسار وعشرات الصحف ومثله مثل كل قمم مصر وفضيلة التعلم الأولى من الأم، قال صلاح عيسى الأمثال العامية والمواويل التى حفظتها من أمى كانت وعيًا مبكرًا لتشكل حجر أساس فى إيقاظ فكرة الناس البسطاء فى وجدانى أما من عمل فى الصحافة، فقد ترك فيهم غواية وهواية التأريخ والبحث عن سبب كل علامات التعجب التى رسمت على وشوش الناس فى مصر كيف لبلد منها الآن 200 ألف عالم بحسب إحصاء الأممالمتحدة تبقى فى هذا المربع المظلم؟ عيسى يجيب بكلمة وضع العلم فى مكانة العلم؟.. وقد حَرص «عيسى» منذ طفولته على قراءة الصحف والقصص والروايات: «شجعنى والدى على ذلك بمنحى مصروفًا لشراء الكتب التى أريدها»، قرأ لأبرز أدباء مصر، والصحف المصرية بمختلف اتجاهاتها، على رأسها صحيفة «المصرى». القديمة ثم يصرخ وهويتذكر الوجع (وخط القهر فى جبهتةاسفل عينة اليسرى) فى المعتقل «رأيت كل أنواع التعذيب»، لكنه مثل غيره من أبناء جيله، بَكى لوفاة «ناصر»: «هو رجل وطنى، وعارضته لمحو البقع السوداء من جلبابه، وإثراء تجربته فى العدالة الاجتماعية». ثم يقرر عيسى الوقوف فى خندق العصاة لكامب ديفيد الملعونة؟ وقد رَحل «ناصر»، وخَرج «عيسى» من المعتقل، لكنه لم يَمدح أنور السادات الذى أعاده للحرية، بل هاجمه بسبب سياساته، فعاد للمعتقل فى أحداث يناير 1977، ثم فى سبتمبر 1981، مع عشرات المثقفين، لمعارضته اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وقبيل الرحيل حرص صلاح عيسى بشدة على بث روح الأمل فينا فقال فى حوار للزميلة الوفد: فى الحقيقة مازلت متفائلًا رغم كل الأوضاع الراهنة، ومؤمنا بقدرتنا كأمة ودولة على تجاوز هذه الظروف الصعبة التى نواجهها وسنحقق الأهداف الرئيسة لثورتى 25 يناير و30 يونية، ورهانى فى ذلك على ارادة الشعب المصرى وقدرته على مواجهة المخاطر المحدقة بالوطن، والحفاظ على وحدة واستقرار البلاد، وعلينا أن نفهم أن الظواهر السياسية والفكرية تتغير تدريجيًا، والمصريون لديهم الآن قدر أكبر من العقل النقدى، وادراك أوسع بظروفهم وأوضاعهم وأصبح لدى الجماهير اهتمام كبير بقضايا الشأن العام، وهو تطور هام وخبرة كبيرة اكتسبت خلال الثورتين.. لذا يمكننى القول إن العقل المصرى لم يعد مستلبًا وينمو وعيه تدريجيًا، ولا ينبغى الخضوع فى أية قضية لجماعات تمارس أساليب غير ديمقراطية ولا أحد يمكن أن يدعى امتلاك التعبير عن إرادة الأمة ولا يجوز إرهاب الآخرين معنويًا أو ماديًا فى القضايا الخلافية فذلك ما فعله الإخوان بالضبط، وفى كتابه الجميل (شخصيات لها العجب) يقدم عيسى ملامح حيوية من أحداث تاريخنا الحديث المعاصر. من خلال خمسين شخصية من النخب السياسية والثقافية والفنية المصرية التى لعبت دورًا على مسرح الحياة العامة خلال النصف الثانى من القرن العشرين يقدم لنا صورة بانورامية عريضة تجمع فى طياتها بين (العظماء) و(الصعاليك) على حد سواء. ومن مؤلفاته «الثورة العرابية»، و«مثقفون وعسكر»، و«دستور فى صندوق القمامة»، و«حكايات من دفتر الوطن»، و«رجال ريا وسكينة»، و«جلاد دانشواى». وصلاح عيسى من مواليد 14 أكتوبر 1939 فى قرية «بشلا» مركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية، وعرف بأنه أحد أبرز عناصر وقيادات اليسار فى مصر.