وقف الإخوانى رجب طيب أردوغان على جبل هرتزل بالجزء الغربى من مدينة القدس فى الأول من مايو عام 2005 خاشعًا متضرعًا يؤدى الركن الأعظم من فريضة الولاء لدولة إسرائيل، ويسعى بين أنصاب الهولوكست فى «ياد فاشيم» ويتعلق بأستار متحف «المحرقة اليهودية» الجديد ناسكًًا متعبدًا.. حاجًا ومعتمرًا.. ثم وضع إكليلًا من الزهور، وكانت فى رفقته زوجته «أمينة أردوغان» بقناعها الإسلامى !! ذلكم الشيطان الإخوانى أردوغان عندما زار إسرائيل وحَلَ ضيفًا عزيزًا فى متحف المحرقة الجديد بعد ثلاثة أشهر من افتتاحه ليخرج منه مقرًا ومعترفًا بأن «إسرائيل شعب الله المختار» وأنهم المعنيون بالآية الخامسة من (الإصحاح 56) فى سفر إشعياء : «إنى أعطيهم فى بيتى وفى أسوارى نصبًا واسمًا» و «نصب واسم» ترجمة إلى العربية لتعبير «ياد فاشيم» الوارد فى النسخة العبرية لسفر إشعياء، وأطلق اليهود هذا الاسم على المؤسسة التى احتلت جبل ذكرى «جبل هرتزل» عام 1953 بموجب قرار الكنيست الإسرائيلى وأصبحت مركزًا لبحوث ما يُسمى بأحداث الهولوكوست (المحرقة اليهودية) وتضم المؤسسة متحفًا ومعرضًا والعديد من الأنصاب لإحياء ذكرى الضحايا!! استقبل رئيس وزراء إسرائيل، حينها، «أرائيل شارون» نظيره «أردوغان» فى القدس ورحب به قائلًا « أهلا بك فى مدينتنا المقدسة»، وقابل أردوغان التحية بالابتسامة والسرور والسعادة.. والصمت.. علامة الرضا.. وتوجه الإخوانى فور وصوله إلى مقر الرئيس الإسرائيلى موشيه كاتساف بالقدس والتقى وزير الخارجية حينها «سيلفان شالوم»، وأعلن «أردوغان» أن «حزب العدالة والتنمية» الإخوانى الذى يتزعمه «يدين معاداة السامية»، وقال «إن معاداة السامية جريمة ضد الإنسانية، هذا ما كان يعتقد أجدادى وهذا ما يقوله دينى، ونحن الأتراك نتصرف دائما على هذا الأساس». وترجم أردوغان أقواله إلى أفعال، وتعهد لإسرائيل بعدم الإقدام على أى على عمل يضر كيانهم، وأقر فى وثيقة تطبيع العلاقات مع إسرائيل التى تم توقيعها فى الثامن والعشرين من أغسطس 2016، بأن القدس عاصمة إسرائيل، وجاء فى الوثيقة : «لقد تم هذا الاتفاق فى أنقرةوالقدس»، وهذا يعنى أن الاتفاقية جرت بين تركيا وعاصمتها أنقرة وإسرائيل وعاصمتها القدس.. دون إشارة إلى تل أبيب العاصمة التى تعترف بها تركيا والدول الصديقة وقت توقيع الاتفاقية، وأصبحت هذه الوثيقة اعترافًا رسميًا صريحًا من حكومة أردوغان بأن القدس عاصمة لإسرائيل!!! و نص الاتفاق على عودة التنسيق الاستخباراتى والتعاون الأمنى بين البلدين، واستمرار إسرائيل فى صيانة الطائرات الحربية التركية والعودة لإبرام عقود أسلحة متطورة، كما نص الاتفاق كذلك، على التطبيع الكامل بين البلدين وإعادة السفراء، وشملت الوثيقة تعهدًا مشتركًا بعدم إقدام أحدهما على عمل يضر الآخر، بالإضافة إلى التزام إسرائيل بأداء مبلغ وقدره 20 مليون دولار أمريكى لأسر ضحايا سفينة «مرمرة».. وصرح الرئيس التركى، فى تصريح نقلته أبرز الصحف التركية بأن «إسرائيل بحاجة إلى بلد مثل تركيا فى المنطقة، وعلينا أيضا القبول بحقيقة أننا نحن أيضًا بحاجة لإسرائيل، أنها حقيقة واقعة فى المنطقة». كانت تركيا أول دولة تحمل صفة «إسلامية» تعترف بإسرائيل عام 1949 كما كانت أول دولة تعقد معاهدة تجارية معها عام 1950. وفى الخمسينيات عقدت تركيا وإسرائيل اتفاقا سريًا واستراتيجيًا عُرف ب» الميثاق الشبح» ويتضمن تعاونا عسكريًا واستخباريًا ودبلوماسيًا، وكان موجهًا ضد العرب. ووقف اللوبى الإسرائيلى فى أمريكا عائقًًا أمام أى محاولة لإقرار تشريع يعترف بإبادة الأرمن، وساعدت إسرائيل الأتراك فى عملية اعتقال زعيم حزب العمال الكردستانى عبد الله أوجلان عام 1999 فى كينيا. وفى عام 1996 وقعت تركيا اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل، ومن أهم بنود الاتفاق تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكرى والتدريب، وأقرت حكومة حزب العدالة والتنمية الإخوانى جميع الاتفاقيات بعد توليها مقاليد الحكم فى تركيا عام 2002. ويزيد حجم التبادل التجارى بين تركيا وإسرائيل على الأربعة مليارات دولار سنويًا، وارتفعت معدلات الصفقات التجارية فى السنوات الخمس الأخيرة رغم ادعاءات التوتر السياسي.. ويحتل أحمد براق أردوغان نجل الرئيس التركى واجهة الصدارة فى الحديث عن الصفقات التركية – الإسرائيلية، حيث كانت شركة الشحن المملوكة له هى الجسر الناقل للصادرات والواردات بين البلدين و»ظلت السفينة سفران تواصل رحلاتها إلى موانئ إسرائيل وتستمر فى أنشطتها التجارية رغم ادعاءات الخلاف السياسى.. إلى أن قام براق ببيعها لرجال أعمال إسرائيليين مقابل 75 مليون دولار أضيفت لحسابه فى البنوك الإسرائيلية. وافقت تركيا على بيع مساحات كبيرة من أراضى مشروع جنوب شرق الأناضول المعروف بمشروع «الغاب - GAP» لرجال أعمال من إسرائيل يرغبون فى بناء مجتمعات عمرانية تستوعب الزيادة السكانية.. أى أننا سنكون بصدد مستوطنات إسرائيلية فى قلب تركيا.. كما وافقت الحكومة التركية على مشاركة إسرائيل فى قطاعات الزراعة والصناعة والمواصلات والرى والاتصالات فى هذا المشروع، لتفرض سيطرة مطلقة على الموارد المائية لسوريا والعراق، ويتوقع العلماء والباحثون أن يزحف التصحر والجفاف إلى المساحات الزراعية فى العراق ومناطق الأهوار فى حال اكتمال 22 سدًا و 19 محطة للطاقة الكهربائية فى مشروع الغاب. ومن الحكومة الإسرائيلية تشارك فى مشروع جنوب شرق الأناضول : وزارة الزراعة والتنمية الريفية.. وزارة التعاون والتنمية الزراعية الإسرائيلية.. مركز التعاون الزراعى الدولى الإسرائيلى و شركات: نان (NAAN) – ونتيفيم (NATIVIM) و (FITTERATION) وهى شركات ومؤسسات مرتبطة بالموساد!! هرع أردوغان إلى قناع الفارس ليخوض معركة وهمية ضد قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتعامل مع إسرائيل مستخدمًا مقولة الكاتب الصحفى محمود عوض «أعارضك منين يا بطة»، وأطلق لحنجرته العنان وهدد بقطع العلاقات مع إسرائيل.. كيف تفعلها يا شاطر وإسرائيل هى شريان اقتصاد دولتك وترياق الحياة لصناعتها العسكرية وهى الداعمة لك فى المحافل الدولية؟!! انتهت أزمة قرار «ترامب» واختار أردوغان فريقًا سودانيًا فى كواليس الحكم ليساعده فى تصوير مشاهد الفارس المنتصر للقدس والمقدسات.. والمُخرج إياه له خبرات سابقة فى إنتاج مثل هذه المسلسلات وكان بارعًا فى إخراج مسلسل استقبال الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد فى الخرطوم، وقدمه بإتقان فى صورة الفاتح الإسلامى العظيم.. ثم كان أشد براعة عندما أخرج بعد سنوات مسلسلًا لشيطنة إيران ونظامها..!! حل أردوغان ضيفًا فى السودان يوم الأحد الرابع والعشرين من ديسمبر 2017، و جمعت صفوف المحتفين به بين أصدقاء إسرائيل ودعاة التطبيع معها، وبين البشير نفسه الذى أعلن استعداده للجهاد لتحرير القدس، وقال فى خطاب جماهيرى بمدنية القولد، «كل الشباب والفتيات فى السودان، جاهزون للدفاع عن القضية الفلسطينية»... والتقط الفريق أول مهندس محمد عطا المولى مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطنى، تصريحات البشير وتحدث بها وكأنها جد الجد، وأعلن فى احتفالية تدريبية لعناصر الجهاز «استعداد قواته لتنفيذ قرار الرئيس عمر البشير، بحماية القدس».. وفى مواكب المستقبلين وقف النائب البرلمانى بمجلس تشريعى ولاية الخرطوم «النور فضل المولى» الذى أعلن استعداد النواب للجهاد فى سبيل القدس إن دعا داعى الجهاد، وقال فى جلسة برلمانية: «نحن على أهبة الاستعداد للجهاد»، وطالب الحكومة باتخاذ موقف واضح تجاه القدس بحشد القوة والإمكانات والصحوة مما سماه بالغفلة».. !! من الخرطوم ومع أردوغان ترى فى صورة واحدة أصدقاء إسرائيل وأدعياء الجهاد لتحرير القدس.. وجميعهم على أرض واحدة و فى نظام واحد.. ولا عجب فى ذلك فالمُحتفى به بأمواله «أردوغان» يمتلك قلبين فى جوف واحد.. أحدهما القلب المُحب الوفى المخلص لإسرائيل والثانى الحاكم المتأسلم الداعى للجهاد لتحرير المقدسات..!!! عضو المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر للشئون الأمنية والسياسية، يؤاف غالنت، رسم بكلماته صورة حقيقية لأردوغان صاحب التصريحات العنترية المعادية لإسرائيل بين الحين والآخر وقال: «لا شىء حقيقيًا» وأضاف إن أردوغان «يخرج من حين لآخر بتصريحات انطلاقًا من مصالح سياسية (داخلية)، لكن عندما يصل الأمر إلى حدود التطبيق العملى، فأعتقد أن لتركيا مصالح أخرى». ذلكم أردوغان الشيطان الإخوانى وهؤلاء وأولئك رفاقه ومن سار على دربهم من أصحاب الأقنعة الدينية الزائفة.. وذلك غيض من فيض!!