زمان كانوا بيقولوا فى المثل «مفيش حد فى مصر بينام من غير عشا»، لكن يبدو أن هذا الكلام تغير الآن بعد الارتفاع الجنونى فى الأسعار والذى اعترف به جهاز التعبئة العامة والإحصاء فى أوائل هذا العام باعتبار مصر الثالثة عربيًا فى مؤشر الجوع العالمى والمركز 59 بين 118 دولة. وهو أمر طبيعى بعد ارتفاع الأسعار التى رصدها أيضًا جهاز التعبئة العامة والإحصاء بارتفاع سعر الأرز بنسبة 56.5% وزيوت الطعام 53.7%، والسمن الصناعى 65.2%، والسكر 68.3%، والذى ترى وحدة البحوث بجامعة فاروس أن الشركات تعدل خطط زيادة الأسعار، حتى تستطيع تحقيق نفس هامش الربح المُحقق قبل زيادة الأسعار، مع مراعاة أن الأُسر أيضًا تغير نمطها الاستهلاكى للتكيف مع زيادة الأسعار، خاصة أن زيادة أسعار المنتجات الغذائية فى 2016 لم تغطِ الزيادة فى التكلفة بالكامل، بما يعنى مزيدًا من الارتفاع فى الأسعار وهو وضع تأثر به الجميع وجعل ست البيت والموظفة وكل رب أسرة يحبس أنفاسه وهو يدبر شئون بيته ويشترى «مستلزماته من الأكل». أحمد حسن موظف بالبترول، يقول: «رغم أن مرتبى مرتفع نسبيًا عن أغلب فئات المجتمع لكنى بالفعل أعانى من ارتفاع الأسعار وأصبحت أحدد مشترواتى قبل النزول للشراء وهو ما لم أكن أفعله من قبل». أما منى عبد الله )موظفة(، فتقول: «الغلاء أصبح فاحش» وتزيد المأساة مع ثبات المرتبات وزيادة الأعباء التى تجعلنى فى خلافات مع زوجى حتى على شراء الخضار الذى أصبحت أسعاره «سياحية» ولا تخضع للمنطق حتى أننى قللت من كل احتياجات بيتى من الطماطم التى ثبت سعرها حاليًا عند 7 جنيهات والخيار عند 10 جنيهات، أما البامية وغيرها من الخضراوات فأقل سعر هو 8 جنيهات للكيلو». وبحسبة بسيطة تقول إلهام: «أصبحت ال100 جنيه لا تساوى شيئًا بمجرد النزول للسوق وشراء بصل وطماطم وبطاطس بعيدًا عن شراء لحم أو فراخ وبالطبع تزداد المأساة»، كما تقول عزة محمد: «إذا تجرأنا وعزمنا أحد أقاربنا على الغداء فالميزانية التى يمكن بها عمل العزومة ستتعدى ال700 جنيه، بصراحة أصبحنا فى حالة صعبة». أما دعاء محمود التى تقول: «موسم المدارس سيبدأ وأنا عندى طفلين أحتاج لهم يوميًا علبة جبنة نستو ب9 جنيه «النوع المتوسط» يعنى فى الشهر 250 جنيه تقريبًا، هذا غير المربى أو الحلاوة أو حتى الجبنة البيضاء، و«الفينو» الذى أصبح الرغيف الصغير منه «بجنيه» وطبعًا قائمة سندوتشات المدرسة لن تتضمن الجبنة الرومى أو الفلمنك أو البسطرمة أو حتى اللانشون فكل هذه القوائم أصبحت رفاهية». الباعة يشتكون الشكوى ليست من المشترى فقط لكنها من البائع أيضًا كما يقول يحيى )بائع خضراوات متجول(، «أصبحت أشترى نصف الكمية لأن تاجر الجملة رفع السعر وبالتالى لا أستطيع شراء كميات كبيرة لأن الناس أصبحت بتشترى الحاجة «بالنص كيلو والربع كيلو» عيشة بقيت مرار». نفس الكلام يردده جمال الذى يشارك إخوته فى محل الخضراوات والذى كان يمتلئ يوميًا بالبضاعة والزبائن، الآن الوضع تغير والزبون معذور «فلوسه أصابها الوجع»، وخضراواتنا أصابها التلف نتيجة عدم الشراء بالكميات المعتادة.. جمال وإخوته كانوا يحضرون بضاعتهم من سوق العبور بشكل يومى أما الآن فالذهاب للسوق يكون مرة أو مرتين أسبوعيًا. إلا أن عبد الله )بائع( متطلبات السلطة من خيار وبقدونس وجرجير وغيرها يرى أن جشع التجار سبب رئيسى، فيقول: «أيام العيد رفعوا سعر الخيار والطماطم حتى وصلت إلى 10 جنيهات و12 جنيهًا وترك الفلاحون المحصول فى الأرض حتى يرتفع سعره أو يظل ثابتًا عند السعر المرتفع، لكن إرادة الله جعلت الخيار بين يوم وليلة يتضاعف حجمه وأصبح بلا ثمن وهو ما أدى لانخفاض سعره إلى 5 جنيهات رغم أنه فى هذه الفترة كان سعره لا يتعدى 3 جنيهات». ورغم قرار وزير التموين بإلزام كل الشركات المنتجة والمستوردة للسلع الغذائية بتدوين سعر البيع للمستهلك على كل العبوات، بداية من يناير 2018، إلا أن القرار وجاهته لكنه لا ينفى وجود ارتفاع كبير فى أسعار كل السلع بصورة أصبح لا يتحملها المواطن الذى لا يجد من حكومة شريف إسماعيل سوى تصريحات تتلاعب بالأرقام وتبشر المصريين بأن التضخم انخفض رغم أن الحقيقة تقول إن التضخم انخفض إلى 33.2٪ فى شهر أغسطس من العام الحالى مقابل 34٪ من نفس الشهر العام الماضى، و انخفاض معدل البطالة ل11٫9٪ خلال الربع الأخير للعام المالى «2016 - 2017» مقابل 12٫٫5٪. «وهنا سنترك لخيال المواطن المصرى» حساب نسبة هذا الانخفاض التى لا يتعدى نسبًا ضئيلة لن يشعر معها المواطن بأى تغيير، ولكنها الحكومة التى تعتبر أننا شعب لا يهمه الأرقام ولا يدقق فيها كثيرًا!!