سنوات طويلة مضت تعرض خلالها مسلمو الروهينجا بدولة ميانمار بجنوب شرق آسيا للإبادة الجماعية والتطهير العرقي دون أن ينظر إليهم العالم بعين من الرحمة واستخدام القوة ضد السلطات في بورما لوقف تلك المأساة ، فلقد كان هؤلاء المسلمون يعيشون في أرضهم ومملكتهم المسماة بأراكان بسلام منذ 235 عام , إلا أن بورما أو دولة ميانمار بعد نيل استقلالها قد احتلتها وضمتها إلى أرضها ليبدأ الصراع العرقي بين الشعبين منذ عام 1948 ويتحول تدريجيا إلى صراع ديني ودموي عنيف بين البوذيين في بورما وبين مسلمي الروهينجا ليتعرض مسلمو الروهينجا ذات الأقلية خلال تلك الفترة إلى أكثر من 20 عملية إبادة جماعية وتطهير عرقي وعملية تهجير قصري قام خلاله الجيش البورمي مع حشود من البوذيين المتعصبين بحرق وإبادة قرى بأكملها وارتكاب المجازر الوحشية التي لم يجد أمامها هؤلاء المسلمون بدا غير الفرار بأعداد كبيرة إلى بنجلادش المجاورة واللجوء منها إلى بعض من بلدان العالم تاركين ديارهم وأرضهم وارثهم الحضاري والثقافي بعد أن تم حرمانهم من كافة حقوقهم المدنية والإنسانية وإجبارهم من جانب السلطات الأمنية والدينية في بورما على الهروب رغم أنهم لم يطالبوا بحقهم في الاستقلال . إن ما حدث ويحدث لمسلمو بورما الآن قد حدث فى كثير من بلدان العالم ومنها وعلى سبيل المثال ما حدث في البوسنة والهرسك من قبل وكما حدث ويحدث للشعب الفلسطيني الذي ما يزال يتعرض أيضا لتلك المجازر برغم الاستيلاء على أرضه وحقوقه من جانب الكيان الصهيوني الذي أذل الفلسطينيين وهجرهم من أرضهم وديارهم وحرمهم عبر تلك العقود من نيل استقلالهم تماما وعلى غرار ما يحدث لشعب ومسلمو الروهينجا في بورما الآن ، وكما صمت العالم متعمدا على مآسي الشعب الفلسطيني ولم يستخدم سلطاته وينفذ قراراته ها هو يصمت الآن بشكل مخذي ويغمض عينيه أمام تلك الإبادة الجماعية والتطهير العرقي تجاه مسلمو الروهينجا ، فأين الأممالمتحدة وأين مجلس الأمن بل وأين المنظمات الحقوقية الغربية والأمريكية التي تتشدق ليل نهار بمنظماتها المنتشرة بالعالم وتتدخل باسم الحريات وحقوق الإنسان في شئون الدول الضعيفة لأغراض سياسية وتخريبية وفقا لمصالحها ، أين منظمة هيومن رايتس الكاذبة ، أين العالم الحر , بل أين دور أونج سان سوتشي رئيسة وزراء ميانمار الحاصلة على جائزة نوبل للسلام التي لم نجد لها دورا أو صوتا منذ حصولها على الجائزة لوقف تلك المأساة باستخدام سلطاتها وشعاراتها للدفاع عن أقلية أصيلة من نسيج بلدها هم شعب أراكان ومسلمو الروهينجا, الم تسمع وتشاهد الذين يحرقون ويهجرون ويموتون غرقا في نهر نافا على الحدود مع بنجلادش من هول وفظاعة تلك الأحداث أم أنهم قد أعطوها نوبل مقابل سكوتها ورضاها عن تلك الجرائم ، وأمام تخلي وسكوت وتقاعس هؤلاء الذين يمثلون العالم ويأتمنون على أمنه وسلامه والحفاظ على دوله وأمام تشدقهم بشعارات العدل والمساواة والحرية الكاذبة التي يخادعون العالم بها . وأمام سياسة الكيل بمكيالين فإنه لا مفر أمامنا إلا أن بتحمل العالم الإسلامي لكافة مسؤولياته وذلك من خلال دوله القوية وأعداده البشرية الهائلة وبما يملكه من ثروات ومقدرات مسئولية الدفاع عن هؤلاء وغيرهم من المقهورين , والسرعة في وقف تلك المأساة عنهم والتصدي بكل حزم واستخدام شتى الوسائل لوقف تلك الانتهاكات ، وفضح تلك الممارسات أمام المؤسسات الدولية وأمام العالم الحر وتقديم مرتكبو تلك الجرائم الوحشية ومسئولوها إلى محكمة الجنايات الدولية, والمطالبة باسترجاع حقوقهم التاريخية والحضارية المشروعة ومدهم بكل ما يلزمون من عون ومدد لكي يتمكن الذين نجوا وبقوا علي قيد الحياة منهم من عودتهم وإعادة بناء دولتهم أو استرجاع حقوقهم والعيش بسلام وكرامة بعيدا عن حياة الحقد والكراهية والعرقية والمذهبية وممارسة كافة حقوقهم المشروعة كسائر شعوب وديانات العالم حتى لا تلعننا الأجيال القادمة وتتهمنا بالصمت والتخلي والتقاعس عن نجدة المظلوم من أبناء جلدتنا والاشتراك مع المجرمون في تنفيذ تلك الجريمة .