هل تحل الأزمة.. أم تخدم 3 شركات فقط؟ هل مصر جادة فى التعامل مع صناعة اسمها «السيارات»؟ وهل لدينا الرغبة فى الاستفادة من 17 مصنعًا لتجميع السيارات محلياً تنتج 24 ألف سيارة سنويا؟! أم سنفضل البقاء فى ذيل القائمة مستوردين كنا أو منتجين لبعض الصناعات المغذية البسيطة؟! سؤال يظل مطروحًا أمام التعديلات التى تجريها وزارة التجارة والصناعة والمناقشات حول استراتيجية صناعة السيارات والتى كانت تدور فى لجنة الصناعة بمجلس النواب والتى وصلت إلى أكثر من 7 جلسات استماع لأصحاب المهن والصناعات والمستوردين والمنتجين للسيارات منها اجتماع ضم 4 من كبريات شركات السيارات والصناعات المغذية. ثم توقفت كل الاجتماعات فى مارس الماضى «لازدحام جدول الأعمال بمشروعات قوانين أخرى». رغم أن الاستراتيجية كان مقررًا صدورها سبتمبر الماضى ليتم التأجيل مع وعود بإصدارها قبل يوليو المقبل. فهل ستخرج تلك الاستراتيجية للنور لتعمل على احياء صناعة السيارات فى مصر وتتوافر لنا مقومات نجحت دول مجاورة فى الاستفادة منها وانطلقت على الطريق وتركتنا فى آخر القائمة؟ أم ستكون الاستراتيجية مجرد ديكور تم تشكيله لصالح بعض رجال الأعمال دون غيرهم؟ أم ستكون الضغوط الخارجية عاملًا آخر فى تأجيل ظهور الاستراتيجية أو خروجها للنور من أساسه؟! أسئلة تدور بين الأروقة بعضها يتهم مجلس النواب بمجاملة بعض أصحاب الشركات وأنه تم تفصيل الاستراتيجية على مقاسه، وأخرى تؤكد أن الظروف الحالية لا تسمح بأية مجاملات وأن الأمور لابد أن تسير بشكل سريع إذا أردنا بالفعل انشاء صناعة جادة للسيارات فى مصر وما بين كل تلك الأمور تأتى المقترحات الجادة سواء من الشركات الأم ومن يمثلونها أو من الشركات المصرية التى تريد تفعيلًا حقيقيًا لصناعة هامة تعتمد على فكر مدروس وليس على شعارات. تعديلات وزارة التجارة أعلنت مؤخرًا عن بعض التعديلات فى الاستراتيجية منها النسب الخاصة بالمكونات وكميات الانتاج التى تمنح الشركات الامتيازات الواردة فى الاستراتيجية وفتح ملف إحياء مصنع «النصر» للسيارات، بهدف استغلال الإمكانات المتوافرة لديه، فى إنتاج سيارة مصرية. فيما تجرى مشاورات بين كبار ممثلى سوق السيارات وغرفة الصناعة والحكومة لتحديد نسبة المكون المحلى وفقا للمتغيرات التى طرأت على السوق المصرى عامة. بعض بنود الاستراتيجية فى الاستراتيجية بنود لابد أن نتوقف أمامها فوفقًا لتصريحات المهندس سمير علام، نائب رئيس شعبة النقل بغرفة الصناعات الهندسية فى اتحاد الصناعات المصرية تهدف الاستراتيجية إلى زيادة التصنيع المحلى للسيارات ومكوناتها من قطع الغيار، وزيادة الإنتاج الكمى لمصانع السيارات المصرية بحيث لا يقل الإنتاج عن 40 ألف سيارة للمصنع الواحد سنويًا، وزيادة نسبة التصدير سواء للسيارات أو مكونات تصنيع السيارات، ومن ضمنها قطع الغيار. ووضع مصر على خريطة المنافسة العالمية فى مجال تصنيع السيارات خلال 8 سنوات. ومنح كل مصنع مصرى يطبق الاشتراطات الخاصة بزيادة نسبة الإنتاج، سواء للسيارات أو مكونات التصنيع، ميزات جمركية وضريبية، على رأسها خفض الجمارك على مكونات التصنيع المستوردة من الخارج لصالح المصانع من 40% إلى 10%». وزيادة المكون المحلى فى السيارات من 45 % إلى 60 %. كما تنص المادة 6 من مشروع قانون «تنمية وتطوير صناعة المركبات والصناعات المغذية لها»، المتعلقة بالحوافز، على أن يُمنح حافز لتشجيع صناعة المركبات، ويحسب هذا الحافز من قيمة فاتورة البيع شاملة قيمة السيارة وإجمالى الضرائب المفروضة عليها، ويستحق الحافز عند زيادة نسبة التصنيع المحلى فى المركبة المنتجة محليًا بشكل تدريجى، خلال سنوات البرنامج، لتصل إلى 60٪ فى حالة سيارات الركوب حتى 16 شخصًا، وإلى 70٪ فى حالة النقل الخفيف والمتوسط. ثانيًا: الإنتاج الكمى، إذا وَصَلَ إنتاج الشركة أو المنشأة الحدود الدنيا السنوية، وذلك وفقًا للبرنامج الزمنى الذى تحدده اللائحة التنفيذية لتصل عند نهاية البرنامج إلى 60 ألف سيارة ركوب ذات سعة لترية لا تتجاوز 1٫6 إلى السيارات المعدة لنقل 10 حتى 16 شخصًا، وإلى 8 آلاف سيارة بالنسبة لسيارات الركوب ذات السعة اللترية 1٫6 لتر، وإلى 50 ألف سيارة بالنسبة لسيارات النقل الخفيف أو النقل المتوسط. وبشرط ألا تقل نسبة التصنيع المحلى فى السيارات المنتجة محليًا عن 45٪ لسيارات الركوب أو السيارات المعدة لنقل 10 أشخاص حتى 16 شخصًا و60٪ لسيارات نقل البضائع حتى 9 أطنان. ثالثًا: التصدير، إذا التزمت الشركات والمنشآت المستفيدة من البرنامج التى تُصدر بذاتها أو عن طريق مصدر آخر وفقًا للضوابط التى تحددها اللائحة التنفيذية بتصدير مكونات مركبات منتجة محليًا محققة النسب التصديرية بقيم تبدأ من 25٪ من إجمالى قيمة الإنتاج لشركات التجميع المحلية أو قيمة الفاتورة الجمركية للمركبات المستوردة، لتصل إلى 40٪ أو تصدير عربات تامة الصنع منتجة محليًا محققة النسب التصديرية بقيم تبدأ من 75٪ من إجمالى قيمة الإنتاج لشركات التجميع المحلية أو قيمة الفاتورة الجمركية للمركبات المستوردة، لتصل إلى 125٪. أهمية الاستراتيجية بحسب عدد كبير من رجال سوق السيارات فإن صدور الاستراتيجية بالشكل المرن والجيد سيعطى فرصة للسوق لكى يعود مجددا للانطلاق بعد حالة الركود التى أصابته والتى أدت كما يقول خالد حسنى المتحدث الاعلامى لمعلومات سوق السيارات «أميك» فأن حجم مبيعات سوق السيارات فى مصر 2016 يُقدر ب 198 ألف سيارة بانخفاض كبير عن عام 2015 الذى سجل 278 ألف سيارة، وكشف التقرير أن السيارات المجمعة محليا والتى سيطرت على السوق بلغت 60 ألف سيارة واقتصرت على ثلاث شركات كبار منها شركة استحوذت على نسبة مبيعات فى السوق وصلت إلى 27.5 % وهو ما يعنى أن الباقين فى طريقهم للاغلاق. فى حين أن الاستراتيجية لها مميزات أخرى حال صدورها بشكل مرن كما يقول عدد من خبراء السيارات حيث أشاروا إلى أن هناك أسماء لشركات كبيرة كانت تقوم بتجميع سياراتها فى مصر خرجت من السوق خلال الفترة الماضية ولكن لديها استعداد للعودة مجددا شرط وضوح الرؤية وثبات القوانين لأن الشركات الأم عندما تقرر الاستثمار فى دولة ما تكون استثماراتها بالمليارات ولا تحتمل أية مخاطرة أو تلاعب فى القوانين. ميركل والاستراتيجية ما علاقة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالاستراتيجية ولماذا اعترضت على بعض بنودها خلال زيارتها الأخيرة إلى مصر فى مارس الماضى وهو نفس التوقيت الذى توقفت فيه كل المناقشات الخاصة بالاستراتيجية. حيث اعترضت ميركل على بعض بنود الاستراتيجية وأنها قد تضر باتفاقية الشراكة الأوربية. لأنها تمنح اعفاءات ضريبية لشركات التصنيع المحلى قد تفوق المزايا التى تحصل عليها الشركات التى تقوم بالاستيراد وتحصل على مزايا جمركية بموجب الاتفاقية وربما بهذا المنطق نستطيع أن نفسر لماذا أرسلت رابطة مصنعى السيارات الأوروبية ومصنعى مستلزمات الإنتاج خطابًا مشتركًا لاتحاد الجمارك والضرائب الأوروبية أكدتا رفضهما الكامل لمشروع القانون الذى سيؤثر بالسلب على المنتج الأوروبى. حيث إن اتفاقية الشراكة التى تستفيد منها 10 ماركات سيارات توجد ثلاثة منها ألمانية وهى «مرسيدس» و«فولكس فاجن». «بى إم دبليو» حيث اكتفت الشركتان الأوليان بالاستيراد فقط فيما ما زالت «بى إم دبليو» تقوم بتجميع سياراتها فى مصر. والاستيراد بالتخفيض الجمركى أفضل لأنه يمنح السيارات الألمانية تخفيضا يصل إلى 16٪ فقط بدلا من 40٪، للسيارات تحت 1600 سى سى فى حين أن السيارات ما فوق 1600 سى سى، والتى تخضع لتعريفة جمركية تصل إلى 135٪، سيتم تخفيضها إلى 54٪. ورغم تأكيدات اتحاد الصناعات المصرية لميركل بمراعاة الاتفاقية عند مناقشة الاستراتيجية فإن ذلك لم يمنع اتحاد المصنعين بالاتحاد الأوربى من إصدار خطاب يعلن فيه رفضه مشروع الاستراتيجية. القوى تتصارع تأخر اصدار الاستراتيجية وراءه قوى تتصارع إحداها تطالب بسرعة الاصدار أيا كانت البنود وأخرى تطالب بالنظر فى الأمر من جديد فى حين يبحث تحالف المصالح عن الاستفادة القصوى من الاستراتيجية التى يرى المهندس رأفت مسروجة إنها بوضعها الحالى لن تعود بفائدة على العميل فى مصر، لأن هدفها الأساسى كان تقوية الشركات التى تنتج محليًا أمام المنتج الأوربى بعد إلغاء الجمارك على السيارات الأوربية، وهو ما لن يحدث. وكما يشير اللواء حسين مصطفى مدير رابطة مصنعى السيارات إذا تم إقرار الاستراتيجية بشكلها الحالى فإنها ستؤدى إلى زيادة الأسعار على سيارات الركوب بنسب تتراوح بين 30% إلى 135% مما يؤدى لزيادة الأسعار، كما أن شروط الحصول على الحافز لن تنطبق إلا على شركات بعينها وقد تضطر شركات أخرى إلى الخروج من السوق. كما أن شروط الاستراتيجية الحالية تُشجع شركات السيارات الأم على إعطاء المصنعين المحليين تراخيص لإنتاج الموديلات القديمة من السيارات فقط، حتى يمكنهم تحقيق حجم الإنتاج المطلوب فى القانون، واسترداد الضريبة، وهو ما يعنى إنتاج المصانع للموديلات القديمة فقط من السيارات، والتركيز على السوق المحلية بدلًا من الاهتمام بالتصدير. كما أن هناك شركات عالمية كبرى عندما وجدت هذه الشروط الصعبة فى الاستراتيجية توقفت تمامًا عن المفاوضات التى كانت تُجريها للعمل داخل مصر أو للعودة للعمل مرة أخرى بعد أن اكتفت بالاستيراد بدلا من تجميع سياراتها فى مصر. إن مصر تستطيع أن تخلق لنفسها سوقا واعدة بشرط الاستفادة من دروس الماضى كما يقول المهندس جمال عسكر خبير صناعة السيارات واستشارى هندسة الطرق فمصر بدأت طريقها فى صناعة السيارات مع الهند وكوريا وماليزيا ولكن تفوقت تلك الدول علينا وأصبح من الصعب علينا أن نلاحقهم فى ظل عالم يعج بالتقدم الهائل وهو ما يتطلب منا العمل على اتاحة كافة الامكانيات لانتاج سيارة مصرية. بنسبة مكون محلى 45% من خلال مشروع قومى يقوم به فريق عمل مؤهل وايجاد مكون محلى عالى الجودة فى الصناعات المغذية «بطاريات – مروحة الموتور – غطاء الموتور – الرديا تيرات – اطارات – فوانيس – كراسى» إلى آخر ما نحتاجه من مكونات السيارة وعندما يتوافر لدينا كل هذه المكونات الهامة والكلام للمهندس جمال عسكر فإن علينا التفكير بمنطقة السيارات بشرق التفريعة. ويكون لزامًا على الدولة إزالة اى معوقات للمستثمرين للنهوض بهذه الصناعة وتفعيل فكرة الشباك الواحد للمستثمرين كى نبدأ هذه المرحلة دون أى تباطؤ والعمل على انهاء أية مشكلات تخص الموانئ والجمارك وعلينا أن ننظر لتجارب دول مجاورة رائدة فى هذا المجال «المغرب – الجزائر» والتى نجحت فى خلق فرص استثمارية فى مجال سوق السيارات بشكل أبهر العالم. يضيف عسكر أن مصر لديها فرص عديدة للاستفادة من الاتفاقيات التجارية منها اتفاقية أغادير التى تعتمد على فكرة السوق الحرة للتجارة بين مصر والمغرب والجزائر والاردن مع الاتحاد الاوربى والتى جعلت المغرب الآن معقلاً أساسيًا لصناعة السيارات.